1300 جندي إسرائيلي تدعمهم الطائرات تهدم 20 منزلا عربيا في النقب

شراسة الشرطة ضد فلسطينيي 48 تُخرج للشارع متضامنين يهودا

جنود اسرائيليون يعتقلون شابا فلسطينيا خلال مواجهات في قرية الولجة قرب بيت لحم احتجاجا على بناء جدار الفصل، امس (أ ب)
TT

بعد أسبوع واحد فقط من هدم القرية عن بكرة أبيها، عادت قوات ضخمة من الشرطة الإسرائيلية، أمس، إلى قرية العراقيب في النقب، لتهدم 20 بيتا من الصفيح، بنوها في الأيام الأخيرة، وعادت لتشردهم من جديد. وخلال اعتدائها تعرضت للنائب العربي في الكنيست طلب الصانع، وراح الجنود يدفعونه بعنف فأغمي عليه ونقل للعلاج في المستشفى.

ووصف أحد ضحايا التشريد، صياح الطوري، ما جرى أمس بأنه «حرب تحرير»، وفسر قوله: «إسرائيل تتباهى بانتصارها الكبير في سنة 1948 فتعتبرها حرب التحرير. وقد شعرنا أن النكبة الفلسطينية عادت لتحيا من جديد. فقد حضروا بقوات ضخمة إلى القرية ونشروا جو إرهاب على عائلاتنا، وغالبيتهم من النساء والأطفال، واعتدوا بالضرب على كل من اعترض طريقهم وهدموا البراكيات بوحشية».

والعراقيب هي قرية بدوية تقع شمال مدينة بئر السبع، يعيش فيها العرب، وفيها مقبرة وآثار قديمة أخرى تؤكد أنها قائمة قبل مئات السنين من قيام إسرائيل. لكن السلطات الإسرائيلية تعتبرها أملاك دولة، ومنحت حق التصرف فيها لدائرة «إدارة أراضي إسرائيل»، التي تخطط لإقامة حديقة وطنية في المكان لتمنع الامتداد العربي ما بين هذه القرية الصغيرة ومدينة رهط، كبرى البلدات في النقب. وحاولت السلطات نقل سكان العراقيب إلى رهط، حتى تزيل قريتهم، فرفضوا وطالبوا بالاعتراف ببلدتهم. ووصلت القضية إلى المحاكم الإسرائيلية، لكن القرارات هناك صدرت وفقا لرغبة الحكومة.

وقبل تسعة أيام، داهمت قوات الشرطة المكان وهدمت جميع البيوت في القرية. ولكن الأهالي، مع مجموعة من نشطاء اليسار اليهود، نظموا حملة تضامن. وفي يوم السبت الماضي أعيد بناء 20 من مجموع 35 بيتا هدمت في القرية. وأعلنوا أنهم سيواصلون البناء في يوم السبت القادم، أي بعد غد.

ولكن قوات الشرطة الإسرائيلية عادت إلى العراقيب أمس لتهدم البيوت من جديد. وحضرت قوات قوامها 1300 شرطي، من ضمنهم أفراد القوات الخاصة بقمع الشغب ووحدة الفرسان وعشرات السيارات والحافلات، ورافقتها طائرة مروحية. وراحت تهدم البيوت الصفيحية الواحد تلو الآخر. وفي أحد البيوت تحصن عضو الكنيست طلب الصانع، فهجموا عليه وأخرجوه بالقوة والعنف، حتى أغمي عليه. ولم تبرح القوات المكان إلا بعد أن ضمنت هدم جميع البراكيات.

وقد اعتبر الصانع هذا العدوان الجديد محاولة عنصرية لتطهير النقب من أصحابه العرب. وقال إن الحكومة الإسرائيلية اليمينية تعلن حربا جنونية على السكان العرب وتنفذ عملية تطهير عرقي بشعة. وأكد أن القيادات العربية في إسرائيل سترفع صوت الاحتجاج على هذه الجريمة في المحافل الدولية وكذلك في النشاطات الاحتجاجية المحلية.

وهرع إلى العراقيب، أمس، عدد من نشطاء السلام اليهود، الذين قرروا على الفور إقامة مظاهرتين واحدة في تل أبيب وأخرى في بئر السبع في المساء احتجاجا، وأعلنوا أنهم سينفذون برنامجهم لإعادة بناء البيوت. وقال جادي الغازي باسمهم إن «حكومة إسرائيل تستقوي فقط على الضعفاء. فالعرب في النقب هم أفقر سكان إسرائيل. وهي تتعامل معهم باستهتار مثلما تتعامل مع شرائح ضعيفة في المجتمع اليهودي أيضا، مثل اليهود من أصل يمني، القاطنين في جنوب تل أبيب، أو العمال الأجانب».

وأضاف الغازي أن الحكومة لا تعادي هذه الشرائح فحسب، بل تشن الحرب عليها. ودعا جميع أنصار الضعفاء في إسرائيل إلى رفع صوتهم ضد ممارسات الشرطة مع بدو النقب. وقال إن هذا هو أصعب امتحان تخوضه إسرائيل مع القيم اليهودية. وأردف: «فإما نظهر شعبا إنسانيا، وإما نكون مجرمين في نظر الفلسطينيين والعالم وفي نظر أنفسنا أيضا».