تضارب أنباء حول تعرض نجاد لمحاولة اغتيال غرب إيران

قال في كلمة بعد الهجوم إن بلاده لا تكترث بالعقوبات الغربية الأخيرة

الرئيس الايراني أحمدي نجاد محاطا بحراسه الشخصيين لحظة سماع دوي انفجار أمس (رويترز)
TT

تضاربت الأنباء أمس حول تعرض الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد لعملية اغتيال أثناء توجهه إلى همدان في غرب البلاد. وفي حين أكد مصدر رئاسي لوكالة «رويترز» نجاة نجاد من العملية، نفى مصدر آخر لوكالة الصحافة الفرنسية وقوع الحادث، مؤكدا أن الانفجار كان سببه مفرقعة.

وأكد المصدر لوكالة «رويترز» أن موكب أحمدي نجاد استهدف لدى توجهه من مطار همدان لإلقاء كلمة في ساحة رياضية محلية، ولم يصب الرئيس ولكن آخرين أصيبوا في الانفجار، فيما اعتقل شخص واحد. وقال «وقع هجوم صباح اليوم (أمس). لم يلحق ضررا بسيارة الرئيس... التحقيقات مستمرة.. لمعرفة من يقف وراءه». ولم تعلن أي جهة على الفور مسؤوليتها عن الهجوم. وظهر أحمدي نجاد بعد الهجوم في بث مباشر على شاشة التلفزيون الإيراني من الساحة الرياضية في همدان. وبدا أنه بخير ولم يشر إلى أي هجوم. وجلب الرئيس الإيراني الشعبي المتشدد لنفسه أعداء في الدوائر المحافظة والإصلاحية في إيران وفي الخارج أيضا. ولم تذكر محطة التلفزيون الرسمية في إيران أي خبر حول الحادث، بينما نفت قناة «برس تي في» الرسمية الناطقة باللغة الإنجليزية وقوع أي اعتداء. أما وكالة «فارس» شبه الرسمية للأنباء، فقد نشرت في البداية خبرا أن رجلا رمى قنبلة يدوية على الرئيس، ثم غيرت روايتها فيما بعد، وقالت إن رجلا متحمسا لرؤية الرئيس رمى مفرقعة نارية على السيارة.

وأعلن مصدر في مكتب الرئيس الإيراني أمس أن نجاد نجا من هجوم بقنبلة محلية الصنع على موكبه خلال زيارة لمدينة همدان الواقعة غرب إيران، وأن الحادث وقع أثناء توجه نجاد من مطار همدان لإلقاء كلمة في ساحة رياضية.

وأضاف أن الرئيس لم يصب، بينما أصيب آخرون كانوا قرب موقع الانفجار، وأنه تم اعتقال شخص واحد. وصرحت مصادر بمكتب الرئيس نجاد بأن سيارة الرئيس لم يلحق بها ضرر، وأن التحقيقات في الحادث مستمرة لمعرفة من يقف وراءه، وقالت أيضا إن الجسم الذي انفجر لم يكن قنبلة بل لعبة نارية لأحد الأشخاص كان يبتهج بزيارة نجاد لمدينة همدان. وأظهرت صور حية في التلفزيون أن نجاد بخير وألقى كلمة في الساحة الرياضية بالمدينة نفسها بعد ذلك، دون أن يشير للحادث. وذكرت مصادر أخرى لوسائل إعلامية أن الشخص الذي هاجم نجاد ألقى قنبلة على موكبه، وأن القنبلة أصابت سيارة في موكب الرئيس كانت تقل صحافيين وموظفين بالرئاسة.

وذكرت وكالة «فارس» الإيرانية للأنباء أن رجلا ألقى قنبلة محلية الصنع على موكب نجاد، لكن الوكالة غيرت روايتها فيما بعد قائلة إن الانفجار نجم عن ألعاب نارية أطلقها شخص شعر بالحماس حين رأى الرئيس.

وكان نجاد قال خلال كلمة في مؤتمر للإيرانيين العاملين في الخارج في طهران يوم الاثنين، إنه يعتقد أنه هدف مؤامرة اغتيال من قبل إسرائيل. وأضاف أن «الصهاينة الأغبياء استأجروا مرتزقة لاغتيالي».

وبالأمس، قال نجاد في خطاب ألقاه في همدان بعد نجاته من محاولة الاغتيال، إن بلاده لا تكترث بالعقوبات الأخيرة التي فرضتها الولايات المتحدة لكنه حذر جميع البلدان من المشاركة في العقوبات. وتواجه حكومة أحمدي نجاد مشكلات اقتصادية بعد فرض عقوبات دولية جديدة عليها بسبب البرنامج النووي الإيراني المثير للجدل. وإيران هي خامس أكبر مصدر للنفط في العالم.

وأضاف الرئيس الإيراني «يمكنكم أن تتخذوا قرارات وتفرضوا عقوبات ضدنا كما تريدون حتى تسأموا من ذلك؟»، وتابع أن جميع العقوبات التي فرضت خلال الأعوام الأربعة الأخيرة جعلت البلاد أكثر اعتمادا على نفسها وحسنت إنتاجها التقني. وأكد مجددا استعداد إيران لإجراء محادثات نووية مع الولايات المتحدة والأطراف المعنية الأخرى في سبتمبر (أيلول)، لكنه دعا واشنطن إلى الكف عن سياسة العصا والجزرة. وقال: «إذا أخذتم عصا واحدة ستأخذ الأمة الإيرانية آلاف العصي وتضرب رؤوسكم»، كما حذر جميع الدول المشاركة في العقوبات قائلا إنه سيجري استثناؤها (الدول) من المزيد من المشاريع التجارية مع إيران و«إخراجها من الأسواق الإيرانية».

ويتنقل نجاد بشكل دائم في أرجاء دولته الشاسعة لإلقاء خطب مستفزة أمام حشود تهتف بالموت لأعداء إيران. وتنشط الكثير من الجماعات المسلحة التي تعارض الحكومة في إيران وتحارب غالبيتها باسم الأكراد في شمال غربي البلاد والبلوخ في جنوب شرقي إيران والعرب في جنوب غربها.

وشنت جماعة مجاهدين خلق المحظورة التي تصفها الولايات المتحدة بأنها إرهابية الكثير من الهجمات المناوئة للحكومة الإيرانية بعد الثورة الإسلامية في إيران عام 1979. وألقي باللوم عليها في تفجيرين وقعا عام 1981 وأسفرا عن مقتل عشرات المسؤولين الكبار في طهران ومن بينهم الرئيس ورئيس الوزراء. ونفى شاهين قوبادي، وهو متحدث باسم «مجاهدين خلق» يعيش في فرنسا، ضلوع الجماعة في هجوم أمس. والجماعة جزء الآن من ائتلاف معارض يعرف باسم المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية. وردا على سؤال حول وقوف «مجاهدين خلق» وراء الهجوم، قال قوبادي لوكالة «رويترز»: «بالطبع لا. بالطبع لا. لا صلة لنا به. لا أعلم ماذا حدث لكن لا صلة لنا به».

وسعى أحمدي نجاد في الآونة الأخيرة إلى عزل جماعات سياسية منافسة من خلال إعلان أن «النظام له حزب واحد فقط وهو الولاية»، في إشارة إلى الإمام الغائب الذي يمثله الآن الزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي. وكان قد تسبب انتخابه لفترة ثانية عام 2009، في أسوأ اضطراب سياسي لإيران منذ الثورة الإسلامية عام 1979. وأدت نتيجتها التي قال الإصلاحيون والمعتدلون الذين خسروها إنه جرى التلاعب بها إلى احتجاجات عنيفة سحقتها الحكومة، وإلى انقسام داخل النخبة الدينية والسياسية في إيران.