88.8 مليار دولار قيمة تمويل الشركات المساهمة السعودية خلال 7 سنوات

«جدوى للاستثمار» ترصد 5 اتجاهات إقراضية.. وتتوقع عودة البنوك المحلية إلى الإقراض وسط تراجع التمويل الحكومي

شهدت قروض شركات المساهمة طويلة الأجل طفرة كبيرة عام 2007 حيث ارتفعت بنسبة 143 % («الشرق الأوسط»)
TT

قدر تقرير صدر مؤخرا عن شركة استثمار سعودية كبرى حجم تمويل الشركات المساهمة في السوق المالية السعودية بقيمة 333 مليار ريال (88.8 مليار دولار) خلال عام 2010، متنبئا بعودة البنوك المحلية إلى الإقراض وتراجع منتظر في دعم مؤسسات التمويل الحكومية، واضعا عاملا وحيدا هو تحسن ظروف السوق المالية السعودية.

ورشحت شركة «جدوى للاستثمار» – شركة مرخصة من هيئة السوق المالية - نمو وتيرة التمويل متوازيا مع المرحلة التي شهدتها سنوات ما قبل عام 2009 بمتوسط ارتفاع القروض المصرفية 27 في المائة بين عامي 2004 و2008، متوقعا أن يبلغ نمو التمويل نصف هذا المستوى خلال الأعوام المقبلة.

ويقدر التقرير أن ينعكس تراجع النمو في الإقراض على شركات المساهمة بدرجة أقل من انعكاسه على شركات القطاع الخاص لأن شركات المساهمة بصفة عامة تمارس درجة أكبر من الشفافية والإفصاح.

وأبان التقرير الذي أعدته دائرة الدراسات والأبحاث الاقتصادية في «جدوى للاستثمار» أن اتجاهات التمويل لدى شركات المساهمة السعودية تأثرت بفرص حصول شركات المساهمة العامة على القروض طويلة الأجل بصورة ملحوظة بسبب تردد البنوك التجارية في توفير التمويل اللازم، مما دفع الشركات إلى اللجوء إلى مصادر بديلة لسد العجز في التمويل، أهمها الاقتراض من مؤسسات التمويل الحكومية وإصدار الصكوك.

ورصد التقرير اتجاهات التمويل الرئيسية التي تمثلت في هبوط القروض الجديدة من البنوك التجارية بصورة حادة، حيث دأبت الشركات المدرجة في سوق الأسهم على تأمين أكثر من نصف متطلباتها من التمويل طويل الأجل من البنوك المحلية، إلا أن هذا الوضع تغير مؤخرا بسبب تردد البنوك في الإقراض التي لم تتعد مساهمتها في صافي التمويل طويل الأجل لشركات المساهمة العام الماضي نسبة 14 في المائة.

وأضاف التقرير من بين الاتجاهات ارتفاع القروض من مؤسسات التمويل الحكومية حيث ساهمت مؤسسات التمويل الحكومية المتخصصة في المملكة، خاصة صندوق الاستثمارات العامة، في توفير القروض طويلة الأجل إلى شركات المساهمة العامة بهدف سد النقص في التمويل من البنوك المحلية. كذلك ازدادت أهمية قروض الحكومات الأجنبية التي تتم عبر وكالات تمويل الصادرات كأحد مصادر التمويل.

وجاء بين الاتجاهات التمويلية ما شكلته الصكوك العام الماضي أحد أهم مصادر الدين لشركات المساهمة حيث إن الغالبية العظمى من الإصدارات من نصيب الشركات التي تمتلك فيها الحكومة نسبة كبيرة، وتعتبر مساهمة الصكوك في إجمالي القروض منخفضة، حيث لا يتجاوز معدل إجمالي الدين إلى حقوق المساهمين في المملكة ربع مستوياته في أسواق العالم الرئيسية.

ولاحظ التقرير تراجع التمويل في الأسهم بسبب أوضاع السوق، حيث هبط التمويل عن طريق الاكتتابات الأولية وإصدارات حقوق الأولوية خلال عام 2009 بسبب ضعف جاذبية سوق الأسهم، لكن هناك تحسن طفيف منذ بداية العام وحتى اللحظة الحالية، مضيفا تركز القروض على قطاعات معينة مع اتجاه معظم القروض إلى القطاعات التي تنخرط شركاتها في عمليات توسعة كبيرة، حيث تستحوذ 3 قطاعات هي: البتروكيماويات والاتصالات والطاقة على أكثر من 80 في المائة من حجم الديون القائمة طويلة الأجل إلى شركات المساهمة.

وطبقا لتقرير «جدوى للاستثمار» الذي استعرض القوائم المالية لجميع شركات المساهمة منذ عام 2004 حيث إجمالي الدين طويل الأجل الذي تربو فترة استحقاقه على العام بلغ 333 مليار ريال (88.8 مليار دولار) بنهاية الربع الثاني من عام 2010 مرتفعا من 58.8 مليار ريال في نهاية عام 2004.

وبحسب التقرير، فقد شهدت قروض شركات المساهمة طويلة الأجل طفرة كبيرة عام 2007 حيث ارتفعت بنسبة 143 في المائة لكن تباطأ نموها تباعا عقب ذلك إلى 31 في المائة عام 2008 ثم إلى 23 في المائة عام 2009، بينما خلال فترة الأشهر الستة الأولى هذا العام لم يعدُ ارتفاع إجمالي الدين طويل الأجل نسبة واحد في المائة (3 مليارات ريال).

وعزا التقرير التراجع الأخير في مستويات الإقراض إلى ارتفاع درجة الحذر بين مؤسسات التمويل من جهة وإلى حدة الأوضاع الاقتصادية التي أدت بدورها إلى تراجع الطلب على التمويل، هذا إضافة إلى أن معظم التمويل اللازم للكثير من المشاريع الضخمة خاصة في قطاع البتروكيماويات كان قد تم تأمينه قبيل بداية الأزمة المالية العالمية، ما أدى إلى انحسار الطلب على التمويل خلال السنوات الأخيرة، مشيرا إلى تراجع الزيادة في صافي القروض طويلة الأجل بالقيمة المطلقة من 120 مليار ريال عام 2007 إلى 64 مليار ريال عام 2008 وإلى 62 مليار ريال عام 2009.

وكانت شركات المساهمة تؤمّن معظم قروضها طويلة الأجل من البنوك المحلية التجارية، حيث بلغت مساهمة تلك البنوك بنهاية عام 2009 نحو 130 مليار ريال من إجمالي الديون القائمة طويلة الأجل لشركات المساهمة، أي ما يعادل 45 في المائة من إجمالي محفظة القروض طويلة الأجل لدى البنوك تمثل القروض المتوافقة مع الشريعة نحو 30 في المائة منها.

لكن السنوات الأخيرة شهدت تضاؤل دور البنوك المحلية في توفير التمويل، حيث لم يتجاوز ما قدمته هذه البنوك من صافي القروض الجديدة إلى شركات المساهمة عام 2009 نسبة 14 في المائة، كما تراجعت نسبة قروضها حسب القيمة الإجمالية للقروض طويلة الأجل إلى 39 في المائة في نفس العام مقارنة بنسبة 52 في المائة منذ عامين سابقين.

وأرجع التقرير عزوف البنوك عن توفير التمويل إلى الأزمة المالية العالمية وكذلك إلى تعثر بعض الشركات المحلية الكبيرة في الوفاء بمديونيتها، ما جعلها أكثر حذرا إزاء تقديم التمويل طويل الأجل، مما لجأت معه البنوك إلى رفع مخصصات القروض المشكوك فيها بما يزيد على 17 مليار ريال منذ نهاية الربع الثالث من عام 2008 وعكفت على تعديل سياساتها الخاصة بالإقراض حيث أصبحت تطالب الشركات بالمزيد من الشفافية والإفصاح.

وأعادت تراجع نمو القروض إلى بلوغ شركات المساهمة الحدود القصوى المسموح بها حيث تتقيد البنوك بحدود معينة يسمح بإقراضها إلى كل عميل بمفرده من أجل تفادي تركيز المخاطر، لذلك فهي لا تستطيع رفع حجم القروض إلى عملائها المميزين حتى عندما تكون هناك حاجة إلى رفع معدلات الإقراض.

وذكر تقرير «جدوى للاستثمار» أن البنوك التجارية المحلية تعتبر من مصادر الإقراض الرئيسية حيث بلغ نصيبها من إجمالي القروض القائمة طويلة الأجل في نهاية الربع الثاني لعام 2010 نحو 3 في المائة تم تأمين معظمها إما من بنوك أجنبية وإما من خلال إصدار صكوك محلية، حيث تهدف البنوك من الاقتراض إلى تمديد متوسط آجال هيكلها الرأسمالي ومن ثم تقليل التباين بين آجال موجوداتها (بصفة خاصة الودائع قصيرة الأجل) ومطلوباتها (القروض الأطول أجلا).

وقال التقرير: «ارتفع حجم القروض التي قدمها الشركاء الأجانب في المشاريع المشتركة بنحو 10 مليارات ريال العام الماضي، وتمثل هذه القروض نسبة 8 في المائة من الديون طويلة الأجل لشركات المساهمة وتتركز في قطاعي البتروكيماويات والاتصالات، لكن من المتوقع تراجعها بمجرد بدء عمليات التشغيل في تلك المشاريع. ويدل الالتزام بتلك التدفقات المالية الكبيرة في الوقت الذي تم فيه سحب عمليات التمويل لكثير من المشاريع حول العالم خلال فترة الركود العالمي على الأهمية التي توليها الشركات الأجنبية للمشاريع المشتركة في المملكة.

وعلى الرغم من تراجع رغبة البنوك الأجنبية في الإقراض نتيجة لنفس العوامل التي تؤثر في البنوك المحلية، يذكر التقرير أنها شكلت خامس أكبر مصدر للتمويل طويل الأجل لشركات المساهمة العام الماضي حيث ارتفع صافي قروضها إلى تلك الشركات بنحو 7 مليارات ريال (29 في المائة) ذهب جلها إلى شركات البتروكيماويات وكانت في معظمها جزءا من اتفاقيات تم توقيعها قبل الأزمة المالية، وقد تم تنفيذ معظمها من خلال وكالات تمويل الصادرات (التي تصنف ضمن البنوك الأجنبية حسب القوائم المالية).

وقد شكلت القروض التي قدمتها البنوك الأجنبية إلى شركات المساهمة نحو 9.3 في المائة من إجمالي مديونية الشركات عام 2009، لكن وبما أن العمل في معظم مجمعات البتروكيماويات قد بلغ مراحله النهائية فمن المتوقع تراجع حجم تلك القروض مستقبلا.