السعودية تنعى القصيبي.. الأديب والشاعر والسفير والوزير

بعد مرض عضال ألم به وغيبه عن الأنظار قرابة عام

الوزير القصيبي خلال مشاركته في فعاليات منتدى جدة الإقتصادي
TT

نعى الديوان الملكي السعودي أمس، الدكتور غازي بن عبد الرحمن القصيبي وزير العمل، الذي فارق الحياة عند العاشرة من صباح أمس في الرياض بعد صراع مع المرض، غيبه عن بلاده لأكثر من عام، وكان يرقد في إحدى المصحات الأميركية لتلقي العلاج، قبل أن يعود إلى بلاده ويلقى وجه ربه الكريم.

ووصف بيان صادر من الديوان الملكي السعودي أمس، الراحل بأحد أهم رجالات الدولة الذين خدموا دينهم ومليكهم وبلادهم بكل تفان وإخلاص.

وأدى الأمير سطام بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض بالنيابة صلاة الميت على وزير العمل الدكتور غازي بن عبد الرحمن القصيبي بعد عصر أمس الأحد بجامع الإمام تركي بن عبد الله بالرياض، وأم المصلين مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ.

وكان الدكتور القصيبي، أحد أكثر المثقفين والوزراء السعوديين جدلا، غاب عن الأنظار منذ أكثر من عام بسبب المرض، عاد بعدها إلى مملكة البحرين، لقضاء فترة من النقاهة لدى أحد أشقائه، الذين يقيمون في العاصمة البحرينية المنامة.

وبرحيل الدكتور القصيبي تنطوي واحدة من أهم صفحات الأدباء السعوديين، الذين وضعوا بصمة خاصة لهم في الأدب السعودي والعربي، وتغلق في ذات الوقت صفحات أحد أكثر الشخصيات السعودية جدلا على المستوى المحلي.

وعرف عن الدكتور القصيبي الذي أشيعت وفاته شهر مارس (آذار) الماضي ونُفيت على عجل من قبل مقربين، شغفه وحبه للأدب العربي المعاصر، وهو ما قاده إلى أن يتبوأ موقعا هاما في الساحة الفكرية الثقافية على المستوى العربي، بل والعالمي بعد أن تُرجمت بعض من مؤلفاته إلى عدد من اللغات العالمية.

وبرز نشاطه في الشعر والأدب فكان مبدعا له عدة دواوين شعر بالعربية والإنجليزية، وكتب بالعربية وكتاب مقالات بالإنجليزية ومجموعة مقالات ومحاضرات في الأدب والسياسة والإدارة والقانون.

وتُجير للدكتور القصيبي الزيارات المفاجئة التي انتهجها وزراء ليسوا في السعودية فحسب، بل في العالم العربي، وكان عرابا لتلك الزيارات الفجائية إبان توليه حقيبة وزارة الصحة السعودية آنذاك.

وأخذ الوزير الأديب والشاعر المثقف، الذي يحمل شهادة الدكتوراه في العلاقات الدولية من إحدى جامعات العاصمة البريطانية لندن، ليتسلم بعدها سفارة المملكة في المنامة، ومن ثم في لندن، على عاتقه الهدوء في التعامل مع من يختلف معه فكريا أو ثقافيا، فكان من أكثر الناس هدوءا أثناء اطلاعه ومتابعته ما يُنشر عن شخصه في وسائل الإعلام، وأخيرا في المواقع الإلكترونية، التي انتهج البعض منها نهجا عدائيا للرجل، وقام البعض من تلك المواقع على مناهضته للقصيبي فكرا وأدبا ونهجا.

ويلحظ مقربون من الرجل الذي ولد في الهفوف (شرق السعودية) في الثاني من مارس 1940 حبه للحديث بنوع من الطرفة مع من يعرف ومن لا يعرف، بشخصية تعطي للوهلة الأولى أن الوزير صديق مُقرب للجميع، وعُرف عنه التعامل بشخصية فكاهية، استقاها من بطل روايته «أبو شلاخ البرمائي» التي جسد فيها شخصية شاب ارتبط مع يعرف ومن لا يعرف بطرفة، لعله يستطيع تجاوز إشكالات الحياة الشاقة بالطرفة.

وقضى القصيبي في الأحساء سنوات عمره الأولى، وانتقل بعدها إلى المنامة ليدرس فيها مراحل التعليم، ونال ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة، ثم حصل على درجة الماجستير في العلاقات الدولية من جامعة جنوب كاليفورنيا التي لم يكن يريد الدراسة بها، بل كان يريد دراسة «القانون الدولي» في جامعة أخرى من جامعات أميركا. وبالفعل تم قبوله في جامعات عدة، ولكن لمرض أخيه نبيل، اضطر إلى الانتقال إلى جواره والدراسة في جنوب كاليفورنيا، وبالتحديد في لوس أنجليس، ولم يجد التخصص المطلوب فيها، فاضطر إلى دراسة «العلاقات الدولية». أما الدكتوراه ففي العلاقات الدولية من جامعة لندن التي كانت رسالته فيها حول اليمن كما أوضح ذلك في كتابه الشهير «حياة في الإدارة».

والدكتور القصيبي الذي ووري الثرى في مقبرة العود، التي تضم قبور ملوك وأمراء في السعودية وعدد من كبار الشخصيات في المملكة، كان على موعد مع فسح أطلقه وزير الثقافة والإعلام السعودي الدكتور عبد العزيز خوجة الأسبوع ما قبل الماضي شمل روايات القصيبي التي طالما منعت من دخول بلاده، في خطوة يراها البعض تكريمية للوزير الذي يرقد على السرير الأبيض، جراء مرض عضال ألم به مؤخرا.