رمضان في المغرب.. تراويح وفكاهة وتمور من «الخارج»

انقلاب في عادات المغاربة في الأكل والشرب والعمل والمعاملات

يتحول بعض أئمة المساجد في المغرب إلى «نجوم» خلال شهر رمضان («الشرق الأوسط»)
TT

قبل أيام من حلول رمضان الكريم، رجعت ساعة المغرب «القانونية» إلى مكانها، ليصبح توقيت المغرب هو توقيت خط غرينتش. ويقول المسؤولون، إن المغرب وفر الطاقة، حين أضاف ساعة إلى توقيته، أما المواطنون فلم يكن يهمهم سوى أن تعود الساعة لمكانها، بمناسبة رمضان الكريم، حتى لا يتمدد وقت أذان الإفطار ساعة أخرى.

لم يكن «حديث الساعة» سوى نقطة، ضمن نقط أخرى، تشغل بال المغاربة، خاصة ما يتعلق منها بمائدة الإفطار، ومدى توفر المواد الغذائية، من حليب وتمر وطماطم ولحوم وأسماك وبقوليات وغيرها، فضلا عن البرامج التلفزيونية الرمضانية، التي تحولت إلى عادة بالنسبة للمغاربة، ترافقت مع تزايد إقبالهم على المساجد، كلما هل الشهر الكريم.

المسؤولون، يقولون إن المواد الغذائية ستكون متوفرة، خلال شهر الصيام، أما المواطنون، فيقولون إن المهم، بعد وفرة العرض، هو أن تكون جيوبهم قادرة على الأداء، وقت الطلب.

ويتزامن رمضان، هذه السنة مع فصل الصيف واشتداد درجات الحرارة. حيث جرت العادة أن يكون أغسطس (آب) شهر اصطياف وأعراس. المغاربة عدلوا برنامجهم، هذه السنة، فرحلوا أعراسهم ومهرجاناتهم واصطيافهم إلى يوليو (تموز)، حتى يتفرغوا للصيام والعبادة، خلال شهر رمضان، الذي سيغطي ثلثي أغسطس والثلث الأول من سبتمبر (أيلول).

ويحظى رمضان، عند المغاربة بهالة خاصة، تجعلهم يحافظون على رضاهم وخشوعهم، وهم يباركون مقدمه، سواء حل في برد الشتاء أو في حرارة الصيف.

وفي المغرب، جرت العادة أن يحل رمضان، فتتغير عادات الناس، على مستوى الأكل والشرب والعمل والمعاملات، لدرجة أن منهم من يتمنى لو أن كل شهور العام رمضان.

وبحلول الشهر الكريم، تنشط الحركة التجارية، حيث يتزايد الإقبال على محلات بيع الأزياء التقليدية، الشيء الذي يجعلها تنتقم لنفسها من سراويل «الجينز» ومختلف الملابس «الحداثية».

من جهتها، تعرض محلات بيع المواد الغذائية، الفواكه الجافة، خاصة التمور والتين المجفف، علاوة على المواد التي تدخل في صنع الحلويات الرمضانية، حتى إن بعض المتاجر تتحول لإعداد وبيع الفطائر والحلويات، مثل «البغرير» و«الشباكية» و«البريوات»، فيما يشتد الإقبال على المخابز والمحلبات، لشراء الخبز والعصائر والحلويات والفطائر. ولأن رمضان شهر عبادة، فإن المسلم يمنح فرصة التقرب أكثر لخالقه، وتنشط، أيضا، تجارة بيع البخور والسجادات الخاصة بالصلاة، ويشتد الإقبال على المساجد، خاصة خلال صلاة المغرب والتراويح، كما تتكرر حكاية الراغبين في الإقلاع عن التدخين، وممارسة الرياضة، ويتذكر بعض من جرفهم تيار الحياة ومشاغلها فعلا إنسانيا اسمه «صلة الرحم»، وتنشط معارض بيع الكتب، وتبرمج الجمعيات الثقافية والاجتماعية أنشطتها، خاصة بعد الإفطار، كما يتم توزيع المواد الغذائية على الفئات المعوزة، ويلقى «كتاب الله» إقبالا خاصا من طرف الصائمين، من خلال الحرص على قراءته، أو شراء وإهداء نسخ منه.

ويزداد إقبال المغاربة على الفواكه، بمختلف أنواعها. وبعض المغاربة يعتقدون أن الصيام لا يمكن أن «يقطع» من دون تمر. ولذلك، صار من المستحيل أن تخلو مائدة مغربية من التمور، خلال رمضان.

ومن عادة المغاربة أن يفضلوا الفواكه والمنتجات المغربية، التي يميزونها، عن المستوردة أو «الرومية»، بلقب «البلدية (بتسكين اللام)»، ويقولون إن البيض البلدي أفضل من الرومي، والجوز البلدي أفضل من الجوز الرومي، واللوز البلدي أفضل من اللوز الرومي، وهكذا. لكن، بعد أن تراجع مستوى المنتج المغربي، صار المغاربة يثقون، أكثر، في المنتج المستورد، ويقولون إن جودته أفضل، بل إن من بين المغاربة من صار يفضل الماء المستورد على الماء المصنع في المغرب. ويبدو أن تفضيل المغاربة للتمور التونسية والمصرية والعراقية والإماراتية والسعودية، واللوز الإسباني، والجوز الهندي، وحتى التين المجفف التركي، يعتبر تحصيل حاصل. فالمنتج المغربي، في رأي المهتمين، لا قدرة له على منافسة المنتج الأجنبي، وذلك لاعتبارات كثيرة، لأن المستهلك فقد الثقة فيما يقدم إليه من منتج يعمل بعض مسوقيه على اعتماد أسلوب الغش في تقديمه وعرضه.

وفي الوقت الذي أعلنت فيه القنوات التلفزيونية المغربية عن شبكة برامجها، التي يغلب طابع الفكاهة على مضمونها، نشر المقرئ عبد الرحيم نبولسي، على موقعه الإلكتروني، في خطوة لافتة، إعلانا يقول فيه إنه سيصلي صلاة الجمعة والتراويح بمسجد «أمة الله»، بمراكش.

وجاء في الإعلان، الذي تناقلته مواقع إلكترونية كثيرة، على سبيل الإخبار «تعلن إدارة موقع المقرئ عبد الرحيم نبولسي بأن هذا الأخير سيصلي صلاة الجمعة والتراويح بمسجد (أمة الله) الذي شيدته الأميرة لالة لطيفة والدة الملك محمد السادس في حي المحاميد (تجزئة معطى الله) بمدينة مراكش».

وكان مثيرا للاهتمام أن الإعلان تم تذييله بجملة، تقول: إن الموقع سيوفر «خدمة البث المباشر».

إعلان المقرئ نبولسي عن برنامجه، خلال شهر رمضان، ما هو إلا تعبير عن اهتمام متزايد، بين المغاربة، بالصلاة، خلف هذا الإمام أو ذاك، خاصة بعد أن تحول بعض الأئمة، ممن حباهم الله بالقدرة على تجويد وقراءة القرآن، إلى «نجوم» يتسابق المغاربة للصلاة خلفهم، حتى إن مسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء، استقطب، خلال ليالي رمضان، على مدى السنوات القليلة الماضية، أكثر من مائة ألف مصلي، كل ليلة، للصلاة خلف الشيخ عمر القزابري.

ومن دون البعد عن موقع وإعلان الشيخ نبولسي، على الإنترنت، نقرأ، في مواقع القنوات التلفزيونية المغربية، عن شبكة برامج رمضان، التي تتضمن فقرات يغلب عليها طابع الفكاهة. القناة المغربية «الأولى»، مثلا، رفعت شعار «رمضاننا أحلى مع الأولى»، فيما تحدث موقع القناة المغربية «الثانية»، عن «برامج متنوعة تجمع بين العروض الفكاهية المميزة، والأفلام السينمائية، والمسلسلات المغربية والمدبلجة إلى المغربية الدارجة، والمجلات، والسهرات الفنية والأفلام التلفزيونية المغربية».

من بين العناوين الفنية المبرمجة على «الأولى»، مثلا، نكون مع سلسلتي «العام طويل»، و«جحا يا جحا»، قبل الإفطار، وسلسلتي «الحراز» و«دار الورثة»، بعد الإفطار، وكل ثلاثاء وأربعاء، مع أفلام تلفزيونية مغربية، بينها «شمس القنديل»، و«عشق البارود»، و«المطمورة»، و«رياض المعطي»، و«توتر»، و«اللجنة»، و«الرحلة»، و«ريح الشقاء»، فضلا عن دورة خاصة بالسينما المغربية، تعرض، كل جمعة، أفلاما، بينها «أصدقاء الأمس»، و«مصير امرأة»، و«فيها الملح والسكر»، و«المطرقة والسندان»، و«عبروا في صمت». أما القناة الثانية (دوزيم)، فبرمجت مجموعة فقرات مغربية، بينها، سلسلة «ياك حنا جيران»، وسلسلة «عقبى ليك»، وسلسلة «سعدي ببناتي»، فضلا عن السلسلة الشعبية «حديدان»، وفقرة للكاميرا الخفية، تحت عنوان «جار ومجرور»، وسلسلة فكاهية، تحت عنوان «فذ تيفي»، وسلسلة «رد بالك»، فضلا عن فقرة «كاميرا كافي». وفيما يتعلق بالسينما، فتمت برمجة أفلام «موسم المشاوشة»، و«خربوشة»، و«بحيرتان من دموع»، و«ريح البحر»، فضلا عن «الماكينة»، و«فاميلا جنب الحيط» و«أولاد البهجة»، و«بنات رحمة»، و«هادي والتوبة»، و«أجنحة متكسرة»، و«طريق العيالات». وعلى مستوى المسرح سيكون المشاهد المغربي على موعد مع مسرحية «بنات لالة منانة». وإلى «الأولى» و«الثانية»، تتضمن شبكة باقي القنوات المغربية برامج يطغى عليها جانب الفكاهة، أيضا، فضلا عن فقرات من نوع خاص، بينها فقرة، على قناة «الأمازيغية»، تحمل عنوان «ماذا سنأكل اليوم؟».