«إتش إس بي سي»: الشركات العائلية في الخليج تواجه خطر انتهائها

مورلي كبير الاستشاريين لـ «الشرق الأوسط» : العائلة أحيانا ما تكون سببا في فشل استثمارها

أندرو هوب مورلي («الشرق الأوسط»)
TT

أكد أندرو هوب مورلي، كبير الاستشاريين للثروات العائلية وإدارة الثروات في بنك «إتش إس بي سي» البريطاني، أن الاستثمارات العائلية في منطقة الخليج ومناطق أخرى حول العالم ما زالت تواجه خطر توقف مشاريعها أو تفككها بنهاية الجيل الثاني التقليدي.

وأرجع مورلي في حديثه مع «الشرق الأوسط» هذا إلى فشل الاستثمار ذاته، ولكن عادة ما تكون العائلة هي أيضا سبب فشل استثماراتها، موضحا أنه كلما كبرت العائلة ازدادت مشكلاتها، لاختلاف الآراء والاقتناع والموافقة على أهم النقاط في إدارة الاستثمار العائلي للأجيال المقبلة.

وتتلخص بعض هذه القضايا في من سيعمل في التجارة أو الاستثمار من العائلة ومن لن يعمل، بالإضافة إلى من هو المدير الجديد، وكيف ستحدد الأرباح، والكثير من القضايا الأخرى التي قد لا تتضح أمام استثمار عائلي يتم طرحها والموافقة عليها.

ولكن مورلي عاد ليوضح أن الأسس التي توضع للاستثمار العائلي يمكن ترتيبها بشكل معين، بموافقة أطرافها من بداية تأسيس الاستثمار، موضحا بعض الحلول التي يقدمها بنكه لإنقاذ تلك الاستثمارات. وإلى نص الحوار:

* ما الفرق بين بنككم والبنوك الأخرى التي تتعامل في إدارة الثروات؟

- لدينا ما يميزنا عن البنوك الأخرى التي تتعامل في إدارة الثروات، وهي تقديم المساعدة لعملائنا في الشرق الأوسط لرسم مستقبل ثروتهم لأجيال عدة في المستقبل من خلال إدارة ثروات العائلات.

ويعمل فريق مخضرم على هذه الخدمة لتأسيس هيكل استثماري يتناسب مع البروتوكولات والأسس والقوانين التي تسنها العائلة وتوافق عليها في عقود الشركة التأسيسية.

ومع الأسف، في هذا القطاع وقطاعات أخرى من العالم 96 في المائة من الاستثمارات العائلية لا تستمر حتى الجيل الثالث من العائلة، وتنتهي بانتهاء الجيل الثاني التقليدي. ويرجع هذا إلى فشل الاستثمار ذاته، ولكن عادة ما تكون العائلة هي سبب فشل استثماراتها.

وتواجه عائلات كل بلدان العالم المشكلات ذاتها التي تكمن في الاستمرارية، والتخطيط المتعاقب وإدارة الصراعات. «التغلب على تلك المشكلات ضروري لكل العائلات الاستثمارية».

* هل نجح النظام مع جميع أشكال الاستثمارات العائلية؟

- تقدمت بعض العائلات في الماضي مطالبين بكتيب لقواعد العائلة. ولكن ليس هناك كتيب واحد لكل العائلات، فكل عائلة ولها رؤى ومعايير تختلف عن الأخرى. ومن دون تلك المعايير، أو ما نطلق عليه البروتوكول، تدخل كل العائلات في صراعات بمجرد حدوث حوادث غير متوقعة، مثل وفاة أحد أفراد العائلة.

وأعتقد أن نجاحنا يكمن في أسلوبنا. فنحن نعمل على التيسير والعمل مع عدة أجيال من العائلة، لمناقشة جميع المشكلات والقضايا التي قد تواجهها العائلة والموافقة عليها.

وتتلخص بعض هذه القضايا في من سيعمل في التجارة أو الاستثمار من العائلة ومن لن يعمل، بالإضافة إلى من هو المدير الجديد، كيف ستحدد الأرباح، والكثير من القضايا الأخرى التي قد لا تتضح أمام استثمار عائلي يتم طرحها والموافقة عليها.

وننظر إلى مفتاح آخر لنجاح الاستثمارات العائلية، بإشراك أفراد من العائلة من مختلف الأعمار والأجيال في المجموعة العاملة، وذلك لتقبل فرض القوانين عليهم طالما كانوا جزءا من التشاور فيها، بدلا من أن يرفضوها مستقبلا. وتتضمن تلك المشاورات سيدات العائلة أيضا، اللاتي يصبحن من المستثمرين وحملة الأسهم في الشركة وفقا للشريعة الإسلامية.

* لماذا انخرط «إتش إس بي سي» في مبادرة الاستثمار العائلي؟

- «إتش إس بي سي» له وجود في القطاع لأكثر من 60 عاما، ومول الكثير من الاستثمارات العائلية بداية من الجيل الأول، وما زلنا نمول تلك الاستثمارات للجيل الثاني حاليا. وبالطبع من أولوياتنا أن تتحول تلك الاستثمارات إلى مؤسسات، وتعمل بخطط واضحة لاستمرارية النجاح.

* من هم الفريق، وهل هم على دراية أن التعامل مع عائلات الشرق الأوسط يكون مختلفا في بعض الأحيان؟

- أندرو هوب مورلي، رئيس وحدة الاستثمارات العائلية، عمل في القطاع لأكثر من 26 عاما، وهو على دراية بالمفاهيم والعادات والتقاليد التي ترغب أغلب العائلات في استمراريتها على الأجيال المقبلة. ويعمل مورلي مع ستيوارت ماكينغ، وهو ذو خبرة 30 عاما في أوروبا، عمل خلالها مع عائلات جوهرية كان من خلالها شركات في شركة «برايس ووتر هاوس كوبرز» الشهيرة، إضافة إلى 12 عاما من العمل المتواصل مع الاستثمارات العائلية في الخليج.

ونأمل توسيع الفريق بفردين جديدين بحلول عام 2011. وهو من الضروري، حيث إننا يمكننا أن نقدم أكبر عدد من الأمثلة عن الكيفية التي استخدمتها عائلات أخرى من الشرق الأوسط، وإضافة خبرة التعامل مع عائلات من أطراف العالم.

* كم من الوقت يستغرق خبراؤكم في الاستثمار العائلي للعمل مع عائلة بعينها، ورسم خريطتهم الاستثمارية وبروتوكولاتها؟

- يعتمد الأمر على عدد أفراد العائلة التي نتعامل معها، فعائلة كبيرة على سبيل المثال، سيأخذ معهم الأمر وقتا أطول للوصول إلى اتفاق على كل النقاط على غرار عائلة مكونة من 6 أو 7 أفراد.

عادة ما نعمل لمدة 3 أيام شهريا لمدة عام مع العائلة، كما نحتاج لـ30 يوما كاملا من العمل مع كل عائلة. فطبيعة العائلات الاستثمارية الانشغال الدائم، ولا يمكن توفير أكثر من 3 أيام في الشهر. وبينما القرارات التي يتخذونها هي قرارات في غاية الأهمية فتتطلب وقتا كافيا لإدراك كل نقطة على حدة.

* كيف حال المنافسة مع البنوك البريطانية الأخرى التي تتعامل في إدارة الثروات؟

- المنافسة شديدة جدا، ليس فقط مع البنوك البريطانية، ولكن مع البنوك الأميركية والأوروبية والسويسرية.

ولكن في ظل المناخ التنافسي، فمصرف «إتش إس بي سي» ووحدة الاستثمار العائلي معروفة في أوساط القطاع البنكي باسمها القوي في الأسواق العالمية وأسواق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وذلك نتج عن وجود المصرف في دول مجلس التعاون منذ أكثر من 6 عقود.

* تأخذ ذراع الاستثمار العائلي جنيف مركزا لها، بينما السرية البنكية تحت ضغط متواصل هناك، كيف طمأنتم عملاءكم؟

- لدينا علاقات وطيدة مع عملائنا، ونتحدث إليهم بشكل منتظم ومتواصل، بينما نضع الحقائق الصعبة أيضا على الطاولة «كل شيء في غاية الوضوح».

الأمور التي تتعلق بالسرية البنكية يتم التعامل بها بسرية تامة، وأي مخاوف تجاه تعرض تلك السرية لمخاطر يتم التعامل معها بمنتهى الصرامة، بينما شهد عملاؤنا الدعم الكامل في ظل ظروف التحدي التي واجهها المصرف.

إضافة إلى أن نظام العمل السويسري، وبأكثر عمومية، النظام الدولي لـ«إتش إس بي سي» لخدمات الأعمال الدولية يتطلب من العاملين لديه أن التعامل مع عملاء المصرف بمعايير خاصة تضمن أعلى مستويات النظام لحماية خصوصيتهم. ونهدف إلى مواصلة توعية العاملين لدى البنك في الحفاظ على السرية التامة، ومقاومة أي قرصنة خارجية أو داخلية على معلومات سرية لعملائنا.

* إلى أي مدى ذهب الاستثمار بالصيرفة الإسلامية، وما الخدمات التي تقدمونها هناك؟

- لدينا خدمة («إتش إس بي سي» - أمانة) وهي خدمة بلا منافس في الخدمات المصرفية التي تتعامل وفقا للشريعة الإسلامية. العمق والخبرة اللذان اكتسبناهما في هذا المجال يظهران من خلال ما نقدمه فيها من ودائع إسلامية، وسندات، ومنشآت في هيئة استثمار مباشر وغير مباشر.

وصنفت هيئات مثل «يوروموني» و«بانكرز ماغازين» خدمات أمانة والاستثمار العائلي الأفضل من حيث الخدمات المنافسة.

* من رؤية بنككم، ما أنشط القطاعات استثمارا في المنطقة؟

- السعودية في الوقت الحالي تعد من أكثر الدول التي تحتوي على أفراد يمتلكون سيولة تجتاز المليون دولار (UHNWI) Ultra High Net Worth Individual.

وأشارت التقديرات أيضا إلى أن هذا الرقم تخطى 100 ألف شخص.

ويقدر المخزون النفطي للسعودية بنحو 20 في المائة من المخزون الإجمالي في العالم، مما يجعل السعودية تعتلي قوائم الدول الأغنى نفطيا. وانعكست الثروة النفطية على الاستثمارات الحكومية في البنية التحتية للمملكة، مما دعم إجمالي الناتج المحلي.

ثم تأتي قطر وأبوظبي اللتان تتمتعان بإجمالي ناتج محلي مغرٍ، وسيولة كبيرة لدى الأفراد أيضا. مصر أيضا تعد مصنفة من الشريحة الأنشط استثماريا في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، مدعومة بنموها السكاني، والطلب المحلي المتزايد الذي يدعم خدمات بمستوى عالٍ في قطاعات مثل تكنولوجيا المعلومات، وخدمات التعهيد.