القاضي التمييزي لـ«الشرق الأوسط»: لم نتسلم بعد مستندات نصر الله المطلوبة من التحقيق الدولي

حزب الله لم يقدم حتى إجابة شفهية عما إذا كان سيستجيب للطلب

TT

ما زال ملف المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في صدارة اهتمامات اللبنانيين، ومحور السجال السياسي الدائر بين فريقي «14 آذار» - وتحديدا تيار المستقبل المتمسك بالمحكمة الدولية والعدالة الكفيلة بتثبيت الاستقرار - وفريق «8 آذار»، وخصوصا حزب الله، المتوجس من عمل المحكمة وقرارها الظني المرتقب، والراغب في توجيه التحقيق الدولي باتجاه اتهام إسرائيل في اغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري، على ضوء الصور والقرائن التي قدمها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في مؤتمره الصحافي الأخير، تجنبا لفتنة داخلية يتنبأ الحزب بوقوعها إذا ما صدقت التسريبات حول إمكانية اتهام بعض عناصره في الجريمة.

وبينما أكد النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا لـ«الشرق الأوسط» أن «القضاء اللبناني لم يتسلم من حزب الله حتى الآن أيا من الوثائق والصور والمستندات التي طلبها المدعي العام الدولي دانيال بلمار، والتي عرضت في مؤتمر نصر الله، كقرائن لاتهام إسرائيل»، كشفت مصادر مطلعة «أن حزب الله لم يقدم حتى إجابة شفهية عما إذا كان سيستجيب لطلب بلمار أم لا»، وتوقعت أن «يأخذ الأمر مزيدا من النقاش في قيادة الحزب التي ربما لم تكن تتوقع أن يطلب المدعي العام الدولي المستندات المذكورة وبهذه السرعة، وأن الحزب كان يرجح أن يتجاهل بلمار ما عرضه وتحدث عنه نصر الله».

وفي المواقف اعتبر عضو كتلة المستقبل النيابية، وزير الدولة لشؤون مجلس النواب ميشال فرعون أن «الجدل القائم حول المحكمة الدولية يجب أن لا ينسينا إجماع هيئة الحوار على أن هذه المحكمة أصبحت خارج نطاق النقاش بعد إقرارها في مجلس الأمن، مع الإصرار على أن يبقى عملها بعيدا عن التسييس، وأن تعمل بأعلى معايير العدالة، وأن تكشف محاولات تضليل التحقيق»، وقال: «يبقى الهدف دائما كشف الحقيقة في اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري من دون أن ننسى سائر الشهداء»، مشيرا إلى أن «محاكمة شهود الزور، التي يطالب بها البعض، قد تأتي لاحقا بعد القرار الظني وبداية المحاكمة وبعد الاطلاع على المستندات والشهادات».

إلى ذلك لفت عضو كتلة المستقبل النائب خالد زهرمان إلى أن «تيار المستقبل لا يرى بديلا عن الهدوء والحوار لمناقشة كل القضايا الشائكة، وهو سيبقى في طليعة الساعين إلى تثبيت التهدئة وعدم الانجرار إلى السجالات العقيمة»، وأكد لـ«الشرق الأوسط» أنه «لا مساومة على العدالة والحقيقة في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وسائر الشهداء»، وأعلن رفضه «العودة إلى طرح البعض معادلة الاستقرار أو العدالة، لأن منطقنا يقول إن العدالة هي التي ترسخ الاستقرار وتضع حدا للاغتيالات». وتوقف عند «عودة الأصوات النشاز إلى المنابر وبعض الشاشات»، مستغربا «عدم تحرك القضاء لإسكات الأصوات التي لا تتفوه إلا بالشتائم»، معتبرا أن «هذه الأصوات تسيء إلى حزب الله أكثر مما تخدمه».

في المقابل رأى وزير الشباب والرياضة علي حسن عبد الله أن القرائن التي قدمها الأمين العام لحزب الله في ما يتعلق باغتيال رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري «تساعد كثيرا في تصويب التحقيق ويجب الأخذ بها»، ولفت إلى أن «القرار الذي سيصدر عن قاضي التحقيق الدولي دانيال بلمار هو في نهاية المطاف قرار ظني، يقوم على الظن وليس على أدلة ثابتة». مؤكدا أنه «لا قرار بانسحاب وزراء المعارضة أو الشيعة على الأقل من الحكومة في حال صدور قرار ظني مسيّس، وأن الربط بين الأمرين اجتهادات صحافية».

وقال وزير الدولة يوسف سعادة: «إذا أرادوا أن نعطي الثقة للمحكمة فيجب محاسبة الذين أخطأوا، وإذا كنا نريد العدالة الحقيقية في البلد فيجب أن نحاسب من أخطأ في التحقيق الدولي»، مشددا على أن «بعض السياسيين لا يريدون الحقيقة، إذا لم تتوافق مع ما يريدونه». وتمنى أن «تذهب المحكمة الدولية بالاتجاه الصحيح، لا سيما أنها أمام استحقاق فعلي متمثل في ما إذا كانت ستأخذ بفرضية اتهام إسرائيل حتى النهاية وبشكل جدي».

وأوضح وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية محمد فنيش أنه «لا يجوز تجاهل المعطيات والقرائن التي قدمها سماحة الأمين العام (نصر الله)، والتعامل معها بخفة»، ورأى «أن هذه القرائن والمعطيات تصل إلى مستوى وضع إسرائيل في موضع الإدانة إذا تم التعامل معها بكل ما هو مطلوب من جدية لأن الترابط في كل العناصر التي قدمها الأمين العام لحزب الله تشير بقوة إلى مسؤولية إسرائيل».