الوزراء الأساسيون في حكومة إسرائيل يرفضون موقف الرباعية.. وميتشل يصفهم بـ«العصابة الرفضية»

نتنياهو يسعى لاستئناف المفاوضات فورا بلا شروط

وزير خارجية النرويج جوناس جاهر ستور لدى وصوله إلى المقر الذي نظم فيه مؤتمرا صحافيا في غزة أمس، في سياق زيارته لها (أ.ف.ب)
TT

في الوقت الذي نشر فيه أن المبعوث الرئاسي الأميركي إلى الشرق الأوسط، السيناتور جورج ميتشل، وصف الوزراء السبعة، الذين يقودون الحكومة الإسرائيلية في القضايا المصيرية، بأنهم «عصابة رفضية»، اجتمع هؤلاء الوزراء برئاسة بنيامين نتنياهو، الليلة قبل الماضية، وقرروا رفض أي صيغة تضعها الرباعية الدولية كأساس لاستئناف المفاوضات المباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين. وقالت مصادر مقربة من نتنياهو إن هذه «السباعية» تعتبر هذه الصيغة «ورقة تين» يضعها الأوروبيون للتستر على موقف الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، «غير المعني بالمفاوضات في هذه المرحلة». وجاء اجتماع السباعية لاستباق قرار متوقع من الرباعية الدولية (الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة)، يقضي باستئناف المفاوضات الإسرائيلية - الفلسطينية المباشرة، على أساس البيان الصادر عن اجتماع وزراء خارجية الرباعية في موسكو في مارس (آذار) الماضي، الذي نص على ضرورة استئناف المفاوضات وفق مرجعية سياسية تقول إن الدولة الفلسطينية العتيدة، التي ستعلن بعد التوصل إلى اتفاق سلام دائم مع إسرائيل ستقام على أساس حدود عام 1967، مع تعديلات متفق عليها، على ألا تدوم فترة المفاوضات أكثر من سنتين، وأن تلتزم إسرائيل خلال هذه المدة بالامتناع عن تنفيذ مشاريع استيطانية.

وفي حين وافق الفلسطينيون على هذه الصيغة واعتبروها صالحة للانتقال فورا إلى المفاوضات المباشرة، قرر وزراء السباعية الإسرائيلية، بعد أبحاث دامت ثلاث ساعات، مساء أول من أمس، رفضها بشكل قاطع. وقال نتنياهو، خلال الجلسة، إنه مستعد للتفاوض المباشر فورا، ولكنه يرفض الشروط المسبقة «التي تضع الحلول على الطاولة قبل البدء في المفاوضات».

وكانت مصادر سياسية في إسرائيل، قد كشفت قبيل اجتماع السباعية المذكور أن هناك قلقا واضحا لدى القادة الإسرائيليين من أن تتهم الإدارة الأميركية حكومة إسرائيل بعرقلة جهودها لاستئناف المفاوضات المباشرة مع السلطة الفلسطينية.

وقالت هذه المصادرلـ«الشرق الأوسط» إن مبعوث الرئيس الأميركي متذمر من التصرف الإسرائيلي، ووصف اللجنة الوزارية السباعية بـ«عصابة السبعة». وأردفت هذه المصادر قائلة إن الجانبين، الإسرائيلي والفلسطيني، أبديا استعدادا للبدء في مفاوضات مباشرة، ولكن ضمن شروط معينة. ففي إسرائيل قالوا إنهم لا يوافقون على أي شروط مسبقة، بينما طالب الطرف الفلسطيني بأن تكون هناك مرجعية سياسية واضحة، واقترح الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، عدة حلول لهذه المرجعية كان آخرها بيان «الرباعية الدولية» في موسكو.

وذكرت المصادر ذاتها أن أطراف الرباعية، خاصة الولايات المتحدة، مارست الضغوط الشديدة على السلطة الفلسطينية، حتى تخفف شروطها. ثم اقترحت حلا وسطا لموضوع تجميد البناء الاستيطاني، بأن تقسم المستوطنات الإسرائيلية إلى قسمين، يسمح بالبناء في أحدهما، ويمنع البناء في الثاني. أما القسم الذي سيسمح فيه بالبناء، وفقا لهذا الاقتراح، فهو الكتل الاستيطانية الواقعة على الحدود بين الضفة الغربية وإسرائيل والأحياء اليهودية في القدس الشرقية. أما المستوطنات التي يمنع فيها البناء فتشمل تلك الواقعة في قلب الضفة الغربية، وكذلك الأحياء الفلسطينية في الضفة (القدس الشرقية). واعتبر الأميركيون البناء في المناطق «المسموحة» واقعيا، باعتبار أن هذه الأراضي ستبقى ضمن حدود إسرائيل بعد اتفاق السلام، وسيعطى الفلسطينيون أراضي أخرى من فلسطين 48، بدلا منها، مساوية لها في المساحة والقيمة، بينما اعتبر الأميركيون البناء في المناطق المحظورة بأنه «استفزازي». بيد أن نتنياهو يرفض هذا الحل الوسط، قائلا إنه لا يريد التراجع عن تصريحه بأن تجميد البناء الاستيطاني سوف ينتهي في 26 سبتمبر (أيلول) المقبل. ومعه أربعة آخرون من اللجنة السباعية، هم نائباه، وزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان، ووزير الشؤون الاستراتيجية، موشيه يعلون، وكذلك وزير الداخلية إيلي يشاي، ووزير الدولة بيني بيغن.

يذكر أنه فقط وزير الدفاع، إيهود باراك، ووزير المخابرات، دان مريدور، يؤيدان الحل الوسط. وهذا ما يعرقل التوصل لصيغة تتيح بدء المفاوضات المباشرة.

ونظرت المصادر الإسرائيلية، بقلق، لتسريب أقوال ميتشل حول «عصابة السبعة»، واعتبرتها تهديدا مبطنا من الإدارة الأميركية. فقد كانت واشنطن قد تعهدت للدول العربية بأن تكشف عن الطرف الذي يعرقل المفاوضات. وتخشى أن يكون التسريب بمثابة تهديد بنشر بيان يدين إسرائيل فعلا. وسارع أحد معاوني ميتشل إلى الاتصال بمسؤول في مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلي، أمس، قائلا إن ميتشل يقول إن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أيضا، يتحمل قسطا من المسؤولية عن عدم الانتقال إلى المفاوضات المباشرة، نظرا لرضوخه «لضغوط المتطرفين الفلسطينيين، ويصر على شروط تبدو شبه مستحيلة في تركيبة الحكومة الإسرائيلية الحالية، ويتشبث بقضايا شكلية، وهناك شعور لدينا بأنه يماطل بشكل مقصود في المفاوضات المباشرة، لكي يصل إلى 26 سبتمبر، فيرى كيف ستستأنف إسرائيل البناء الاستيطاني، وكيف ستمارس الإدارة الأميركية ضغوطا على إسرائيل لتجميد الاستيطان من جديد». وأكد المسؤول الأميركي أنه شخصيا يعمل بكل قوته لتسوية الأمور، حتى ينتقل الطرفان في أسرع وقت ممكن للمفاوضات المباشرة، وأنه يسعده أن وزيرة الخارجية، هيلاري كلينتون، انضمت إلى هذه الجهود، وأجرت اتصالات مهمة مع نتنياهو ومع أبو مازن ومع عدد من نظرائها وزراء الخارجية العرب في الأردن ومصر وقطر والسعودية.

الجدير بالذكر أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، أعلن أمس قبيل سفره إلى اليونان أنه مستعد لاستئناف المفاوضات السياسية المباشرة حالا، لكن من دون شروط مسبقة. وأصدر مكتبه بيانا عن اجتماع السباعية استخدم فيه كلمات المسؤول الأميركي المذكور، من أن الرئيس الفلسطيني يريد كسب الوقت، وتأجيل البدء في المفاوضات المباشرة، إلى ما بعد انتهاء مفعول القرار الإسرائيلي القاضي بتجميد أعمال البناء في المستوطنات في السادس والعشرين من سبتمبر المقبل.

أما وزير الدفاع، إيهود باراك، فسرب مساعدوه أنه اقترح على نتنياهو مرة أخرى الخروج بمبادرة إسرائيلية لتحريك المفاوضات. وحسب هذه التسريبات، فإن باراك اقترح رفع مستوى الوفد الإسرائيلي المفاوض، الذي يقتصر حاليا على مندوب رئيس الحكومة الإسرائيلية في المفاوضات، المحامي يتسحاق مولخو. واقترح تشكيل طاقم مهني يبتدع الحلول للقضايا العالقة، ويسرع التقدم في هذه المفاوضات «لأن تعطيل المفاوضات ألحق ويلحق بإسرائيل أضرارا كبيرة وينبغي أن نضع اقتراحات تقنع العالم برغبتنا الصادقة في السلام، وتحدث انعطافا في النظرة الدولية لهذه الأزمة لمصلحة تحريك المفاوضات».

وقالت مصادر مقربة منه إنه يشعر بحرج شديد من وجوده بالحكومة في هذا الوضع، وأن هناك ضغوطا من نواب الحزب في الكنيست وجمهور الحزب، بأن ينسحب من الائتلاف الحكومي فورا إذا لم تجدد المفاوضات، وأنه وعد بالانسحاب فعلا إذا لم تستأنف المفاوضات حتى شهر يناير (كانون الثاني) المقبل.

وفي غضون ذلك، قالت الرئاسة الفلسطينية إن لقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس مع ديفيد هيل، مساعد المبعوث الأميركي لعملية السلام جورج ميتشل، في رام الله، ليلة السبت - الأحد، انتهى بحدوث تقدم نحو استئناف المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين وإسرائيل.

وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة في بيان: «إن المشاورات الفلسطينية الأميركية ستستمر، وهناك أفكار طرحت، وهناك تقدم حتى هذه اللحظة». وينصب التقدم حول صيغة بيان الرباعية الدولية، الذي من المفترض أنه أعلن أمس أو سيعلن عنه اليوم، وأكد أبو ردينة أن الموقف الفلسطيني الرسمي سيصدر بعد صدور بيان الرباعية. ولكن إسرائيل أعلنت سلفا رفضها صيغة البيان إذا ما كان سيدعو لمفاوضات تستند إلى إقامة دولة فلسطينية على حدود 67، ووقف الاستيطان حسبما يطلب الفلسطينيون، وقالت إسرائيل إنها تنتظر بيانا أميركيا لاحقا يحدد شروط المفاوضات.

وأعلنت إسرائيل عن بناء بعض الصفوف المدرسية عبر إضافة بيوت جاهزة في ثماني مستوطنات في الضفة، وهو ما أدانه كبير المفاوضين الفلسطينيين، صائب عريقات. وقال عريقات إننا ندين بشدة «قرار الحكومة الإسرائيلية بمواصلة الاستيطان في الضفة الغربية والقدس الشرقية، في الوقت الذي تبذل فيه جهود دولية، خاصة أميركية، لانطلاق المفاوضات، في الوقت الذي تتم فيه تهيئة الظروف لهذه المفاوضات، وتضع الحكومة الإسرائيلية المزيد من العراقيل من خلال البناء الاستيطاني في ثماني مستوطنات في الضفة الغربية». كما ندد عريقات بإعلان الحكومة الإسرائيلية رفضها بيان الرباعية الدولية قبل صدوره، معتبرا أن «إعلان الحكومة الإسرائيلية رفضها بيان الرباعية الدولية قبل صدوره، هو إمعان برفض عملية سلام جادة، ويدل بوضوح على أن هذه الحكومة لديها برنامج آخر غير برنامج السلام والاستقرار في المنطقة». وأوضح عريقات، في حديث إذاعي، أن القيادة الفلسطينية ستنتظر الرد الإسرائيلي على البيان بعد صدوره من أجل إعطاء رأيها النهائي في الذهاب إلى المفاوضات أو عدمه.

ومن المنتظر أن تعقد اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير اجتماعا عقب صدور بيان الرباعية لإعطاء الموقف النهائي للفلسطينيين. وسيواجه أبو مازن معارضة قوية داخل المنظمة من فصائل مثل الجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية وحزب الشعب، الذين أعلنوا سلفا في اجتماع للفصائل الفلسطينية في دمشق معارضتهم للانتقال إلى مفاوضات مباشرة.

وأكد عريقات بعد لقاء أبو مازن - هيل أنه من السابق لأوانه تحديد جدول زمني لاستئناف المفاوضات المباشرة مع الاحتلال.