مختبر دولي في البوسنة يسبر أسرار الحرب في العراق

فريقه يحاول التعرف على هويات ضحايا القبور الجماعية

خبيرة في المختبر الدولي بسراييفو تري خبراء عراقيين كيفية وضع عظام ضحايا المقابر الجماعية بالشكل الصحيح بهدف التعرف على هوياتهم (أ.ب)
TT

يقوم مختبر تديره اللجنة الدولية لشؤون المفقودين في سراييفو بتحليل الحامض النووي للعظام التي يعثر عليها في المقابر الجماعية بالعراق وصولا إلى هوياتها بمقارنتها مع مواد جينية من أقارب أحياء.

وقد تم إجراء هذه الاختبارات على رفات ضحايا حروب شهدتها منطقة البلقان في تسعينات القرن الماضي وضحايا نظام بينوشيه في تشيلي والإعصار «فرانك» في الفلبين والإعصار كاترينا في لويزيانا وكارثة تسونامي التي ضربت آسيا في ديسمبر (كانون الأول) من عام 2004.

وقد أصبحت هذه الجهود صغيرة بالمقارنة مع مهمة جديدة للجنة؛ وهي مساعدة العراقيين على إيجاد والتعرف على ضحايا نظام صدام حسين والفترة التي تلت سقوطه. ووفقا لتقديرات المسؤولون في بغداد، يوجد 350000 رفات بشري مخبأ في المقابر الجماعية المنتشرة في جميع أنحاء البلاد، ولكن جماعات حقوق الإنسان تقول إن العدد قد يقارب المليون.

أميلا جاماكوفيك، 33 عاما، هي واحدة من 6 أشخاص يعملون في المختبر. وتقول وهي تعاين 11 قارورة تحتوي كل واحدة منها على مسحوق عظمي يبدو شبيها بالرمال إنها تجري عملية كيماوية لتكشف هوية شخص من تراب وإنهاء ألم أسرة الفقيد. وتستطرد جاماكوفيك قائلة: «حين أعمل على هذه الحبات العظمية أتعامل معها بحذر لأن أي خطأ سيزيد من فترة عذابهم».

وعلى مدى العامين الماضيين، كان الفريق يحضر عراقيين مختصين في الطب الشرعي وعلماء آثار وعلماء إنسانيات وممرضين وغيرهم من الخبراء في البوسنة لتدريبهم على كيفية جمع عينات الدم وحفر المقابر الجماعية وإنشاء مختبرات في العراق.

وقالت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في تقرير لها صدر عام 2004 إنه إذا ثبتت صحة تقديرات جماعات حقوق الإنسان، فإن ما تم في العراق «يمثل جريمة ضد الإنسانية لا يتجاوزها في بشاعتها سوى الإبادة الجماعية في رواندا عام 1994 وميادين القتل الخاصة بالزعيم الكمبودي بول بوت في سبعينات القرن الماضي والمحرقة النازية في الحرب العالمية الثانية».

وهناك عدد غير معروف من المقابر الجماعية المملوءة بضحايا عمليات القتل الانتقامي في مرحلة ما بعد صدام التي استغل فيها السنة والشيعة والفصائل السياسية المتناحرة الاضطراب لتصفية الحسابات بينهم.

ويقول آدم بويز، نائب رئيس اللجنة الذي يرى أن عمله «من أجل الأحياء وليس الأموات»، وأن التعرف على هوية أصحاب بقايا الرفات والعظام التي عثر عليها في العراق قد يستغرق عقودا، ولكنه سوف يسهم في تحقيق السلام. وفي هذا الإطار يقول بويز: «ونحن نرى أن مسألة الأشخاص المفقودين تعوق التوصل إلى مصالحة بين العراقيين وتساهم في استمرار الصراع».

وقد تم، في البوسنة، التعرف على ثلثي الضحايا - ما مجموعه 20000 – وما زال هناك 10000 مفقود. وتصف منيرة سوباسيتش، وهي امرأة بوسنية فقدت ابنها في الحرب، تأثير ذلك قائلة: «اضرب هذا الرقم في عدد أفراد الأسرة، ما لا يقل عن أربعة، والناتج هو عدد الأشخاص الذين يبكون كل يوم في البوسنة».

وفي العراق، فإن من المحتمل أن هناك ملايين يعانون من الأمر نفسه.

وفي بغداد، تم جمع آلاف الرفات في مشارح معهد الطب الشرعي خلال الأشهر التي أعقبت سقوط بغداد في أبريل (نيسان) 2003. وقد انتزع الخبراء العراقيون الحمض النووي من كثير من البقايا التي تم العثور عليها، لكن لم تتم حتى الآن عملية المقارنة.

ويقول بويز إن هناك حاجة إلى كثير من التعليم قبل البدء في جمع تلك العينات. وأشار إلى حالة حدثت في قرية كردية حيث أعرب بعض القرويين عن تحفظهم على هذا الإجراء.

وعندما أخبرهم ممثل اللجنة الدولية لشؤون المفقودين بأن الحصول على الحمض النووي أمر ضروري للمساعدة في العثور على ذويهم المفقودين تساءلوا إلى كم يعيش الفرد بعد أخذ الحمض النووي منه، حيث كانوا يعتقدون أن الحمض النووي هو أحد أعضاء الجسم. واختتم بويز حديثة قائلا: «إنها مهمة ضخمة».