الجزائر: إنشاء لجنة تتحرى مصير المفقودين وضحايا الإرهاب يثير جدلا في البلاد

أعادت ملف الاختفاءات القسرية إلى الواجهة

TT

عاد ملف الاختفاءات القسرية بالجزائر الموروث عن «العشرية السوداء» إلى الواجهة من جديد، على خلفية تراشق لفظي حاد بين «جمعيات ذوي المفقودين»، وحقوقي يدافع عن وجهة نظر الدولة. لكن المثير في الموضوع هو أن عائلات المفقودين وعائلات ضحايا الإرهاب، اتفقوا على وضع حد لحرب طويلة بينهم بإطلاق «لجنة» تطالب بـ«الحقيقة» حول مصير المختفين والمقتولين على يدي الإرهاب.

وتثير قضية الاختفاءات القسرية حاليا جدلا بالجزائر، بعد أن تراجع الاهتمام بها عندما قررت الدولة غلق الملف بموجب مشروع «المصالحة» (2005)، الذي اقترح على أهالي المفقودين مبالغ مالية على سبيل التعويض، مقابل الكف عن المطالبة بـ«الحقيقة والقصاص».

وأعلنت «جمعية عائلات المفقودين» في بيان، أمس، عن اتفاق عقدته مع جمعيات ضحايا الإرهاب، يتعلق بإنشاء «لجنة للحقيقة والعدالة» لكل ضحايا الأزمة الأمنية. وذكرت الجمعية أن اللجنة المتفق عليها مع تنظيمي «جزائرنا» و«صمود»، تتكفل بـ«إلقاء الضوء على مصير المفقودين وكل الضحايا، من خلال استغلال الشهادات والأرشيف الذي بحوزة الجمعيات». وسيعهد للجنة، حسب البيان، القيام باختبارات الحمض النووي وسماع الشهود. وقالت إن اللجان التي تتقصى الحقائق «ليست عائقا للسلم، بل عكس ذلك».

ويعتبر الاتفاق بين الطرفين سابقة، فقد خاضا حربا ضد بعضهما دامت سنوات طويلة.

وتهدف «اللجنة» إلى تحديد المسؤولين عن ما يسميه مشروع المصالحة «ضحايا المأساة الوطنية»، وهو مفهوم يطلق على الأشخاص الذين اغتالتهم الجماعات الإسلامية المسلحة، والأشخاص الذين اعتقلتهم قوات الأمن بسبب شبهة التعاون مع المسلحين في منتصف عقد التسعينات من القرن الماضي، والذين يظل مصيرهم مجهولا.

ويرى ذوو المفقودين أن السلطات هي المسؤولة عن مصيرهم، لأنها هي من اعتقلتهم، لذلك تطالبها بتحديد أماكن اعتقالهم إن كانوا أحياء، أو أماكن دفنهم إن كانوا أمواتا. كما تطالبها بمعاقبة الأشخاص الذين أمروا باعتقالهم. أما عائلات ضحايا الإرهاب، فتشترط القصاص من قادة مسلحين استفادوا من إجراءات العفو. وتنتقد جمعيات ضحايا الإرهاب «محو جرائم الإرهابيين بجرة قلم».

ورد فاروق قسنطيني، رئيس «اللجنة الاستشارية لحماية حقوق الإنسان»، التابعة للرئاسة، على مطالب عائلات المفقودين، بأن الدولة «غير مستعدة لتنظيم محاكمات لا جدوى منها زيادة على أنها تسيء لسمعتها».

وقال قسنطيني، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»: «إن ما يطلبه أهالي المفقودين مستحيل، كيف يمكننا اتهام مسؤولين في هيئة أمنية بالوقوف وراء خطف أشخاص، من دون أدلة ومن دون شهود، وبعد مرور أكثر من 15 سنة على الحادثة؟».

ودعا قسنطيني المطالبين بـ«الحقيقة والقصاص» إلى طي صفحة الماضي «حتى لا نترك للأجيال القادمة ضغائن وأحقادا ستدمرهم».

واحتج ذوو المفقودين بشدة على تصريحات قسنطيني، ووصفوه بـ«المتحدث باسم خرق حقوق الإنسان».