البيت الأبيض والبنتاغون يردان على بترايوس: موعد بدء الانسحاب من أفغانستان غير قابل للتفاوض

غيتس يؤكد استعداده للتنحي عن منصبه العام المقبل بعد مراجعة استراتيجية أفغانستان

وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس يصغي للرئيس باراك أوباما أثناء حديثه في البيت الأبيض عن تطورات الحرب في أفغانستان في يونيو الماضي (أ.ب)
TT

تزداد الفجوة في تصريحات القيادة المدنية والعسكرية الأميركية فيما يخص موعد بدء سحب القوات الأميركية من أفغانستان، الموعد الذي حدده الرئيس الأميركي باراك أوباما ويظهر القائد الأميركي للقوات في أفغانستان الجنرال ديفيد بترايوس بعض الحذر منه. وبينما بترايوس يعتبر أن موعد بدء الانسحاب في يوليو (تموز) 2011 يعتمد على الظروف على واقع الأرض، أعلن البيت الأبيض أمس أن هذه قضية غير قابلة للنقاش.

وبعد أن كان بترايوس صرح بأنه قد يراجع موعد الانسحاب في يوليو 2011 أمس، أكد وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس بدء خفض عدد القوات الأميركية في أفغانستان ابتداء من يوليو المقبل. وقال لصحيفة «لوس أنجليس تايمز»: «ليس هناك أي شك في أننا سنبدأ بسحب القوات في شهر يوليو المقبل». وكان بترايوس قد قال إنه سينصح الرئيس باراك أوباما بتأجيل تنفيذ خطته لبدء سحب القوات في العام المقبل من أفغانستان، مؤكدا أن موقفه من موعد بدء سحب القوات سيعتمد على الظروف السائدة في تلك الفترة. وأكد بترايوس في حديث أدلى به لتلفزيون «إن بي سي» أنه سيتبع المهنية في تزويد الرئيس الأميركي بالنصائح فيما يتعلق بالحرب التي تقودها بلاده في أفغانستان، وحذر من أن مقاتلي طالبان لا يزالون يحاولون استعادة المواقع التي خسروها في الحرب التي تشنها عليهم القوات الدولية في أفغانستان. وقال بترايوس «كان الرئيس واضحا، والموعد الذي حدده هو موعد بدء سحب القوات، وهو مرتبط بظروف معينة، وحين تسنح الظروف سنبدأ بتسليم المهام الأمنية لشركائنا الأفغان، وهذا يسمح بتخفيض معقول لحجم القوات». ويؤكد الجنرال بترايوس أن التقدم في أفغانستان بدأ فقط في ربيع العام الجاري.

إلا أن البيت الأبيض شدد أمس على أن موعد يوليو 2011 «غير قابل للتفاوض». وقال نائب الناطق باسم البيت الأبيض بيل بورتون: «عندما يتعهد الرئيس بأمر يلتزم به وهذا ما ينوي أن يفعله هنا». وأضاف: «بالطبع مدى وسرعة الانسحاب سيعتمدان على الظروف، ولكن التاريخ غير قابل للتفاوض».

وصرح بترايوس بأنه لا يعمل «منحني الرأس» للانسحاب في الموعد المحدد الصيف المقبل، وأن الإدارة الأميركية تعي أن الأمر يتوقف على التطورات في الميدان. وأشار الجنرال بترايوس إلى أن القوات الأميركية في أفغانستان تحكم عملها استراتيجية وفرت لها الموارد المطلوبة وأنه لن يتردد في إبلاغ أوباما بأي تغيير قد يطرأ على الوضع الذي يقول إنه تحسن. وكان بترايوس قد تسلم مهام قيادة القوات المشتركة في أفغانستان الشهر الماضي بعد تنحية سلفه الجنرال ستانلي ماكريستال بعد أن أبدى ملاحظات تستخف بإدارة أوباما في مقال كتبه في إحدى المجلات.

ومن جهة أخرى، قال بترايوس إن القبض على زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن يبقى مهمة أساسية، ووصف بن لادن بأنه «شخصية ذات تأثير قوي على المتمردين». ويعتقد بترايوس الذي أشرف على زيادة عدد القوات الأميركية في العراق أن المصالحة السياسية في أفغانستان تتطلب الحوار مع حركة طالبان. وقال الجنرال الأميركي إنه يتحدث إلى الرئيس الأفغاني حميد كرزاي بمعدل مرة في اليوم، وأكد أن «هناك وحدة كبيرة بين الجهدين المدني والعسكري». وأضاف «لدينا علاقات تسمح، كما أعتقد، أن يكون كل منا صريحا مع الآخر، وهذا يقتضي أحيانا التطرق لقضايا صعبة بالنسبة لهذا الطرف أو ذاك». يذكر أن عدد القوات الأميركية العاملة في أفغانستان سيصل إلى 100 ألف بعد تعزيزها بـ30 ألف جندي إضافي في الأسابيع المقبلة. وقد صعدت حركة طالبان من عملياتها العسكرية مؤخرا، وبلغ عدد القتلى الأميركيين في شهر يوليو الماضي 66 عسكريا. وقال بترايوس إن في أفغانستان كنوزا معدنية قيمتها تقدر بتريليونات الدولارات يتطلب استغلالها التكنولوجيا الملائمة والثروة البشرية ووسائل الاتصالات الضرورية. وكانت الحكومة الأفغانية قد قالت أول من أمس إن مسحا جيولوجيا قام به خبراء أفغان وأجانب اكتشف حقل نفط فيه ما يقدر بـ1.8 مليار برميل شمال البلاد.

ومن جهة أخرى، أجرى غيتس مقابلة مع مجلس «فورين بولسي» نشرت أمس قال فيها إنه يستعد للتنحي عن منصبه العام المقبل، في وقت متزامن مع بدء سحب القوات الأميركية الإضافية من أفغانستان.

وقال غيتس: «أظن أنه بحلول العام المقبل.. سنعرف إذا كانت الاستراتيجية تنجح في أفغانستان»، مضيفا: «سننتهي من إرسال قوات إضافية ونجري مراجعة (للاستراتيجية) في ديسمبر (كانون الأول)، ويبدو أنه في وقت ما خلال 2011 هناك فرصة منطقية للانتقال». واعتبر غيتس أنه من الضروري أن يترك منصبه قبل بداية عام 2012 إذ ستكون الإدارة الأميركية تستعد للانتخابات الرئاسية المقبلة. وتزداد التكهنات حول الشخصيات التي يمكن أن تحل محل غيتس ولكن حتى الآن لم يظهر مرشح واضح للمنصب الذي كان غيتس قد شغله منذ إدارة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش.