الشيخ السديس: التوجيه الملكي بشأن الفتوى قطع الطريق على المتعالمين

قال إن توجيهات خادم الحرمين جاءت لتحسم أمر الفتوى وتنتصر لها

TT

أشاد الشيخ الدكتور عبد الرحمن السديس، إمام وخطيب المسجد الحرام في مكة المكرمة، بالأمر الملكي الموجه من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، المفتي العام بالمملكة ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء، المتضمن قصر الفتوى على أعضاء هيئة كبار العلماء والرفع لمن فيه الكفاية والأهلية التامة للاضطلاع بمهام الفتوى للإذن لهم بذلك.

وأشار الدكتور السديس إلى أن التوجيه جاء ليحسم أمر الفتوى وينتصر لها، مؤكدا أن «للفتوى في الشريعة، مكانة سامقة، ومنزلة علية، بها تستبين معالم الدين، وتنجلي مبهمات الأحكام عن المستفتين، ويتلقى المسلمون تكليف رب العالمين. بالفتوى تحمى الملة من التحريف والتغيير، وتصان مواردها الصافية عن التكدير، وتُبرَزُ رحمات الإسلام وإشراقاته، في تواؤمه مع الفطرة البشرية، والمآلات الشرعية المقاصدية، وتلاؤمه مع واقعات العصر والزمان، في كل صقع ومكان».

وقال: «إن الأمر الملكي كان حازما في منع التجاوز على مؤسساتنا الشرعية، ومن أهم ما يميزه ارتكازه على قواعد أصولية وشرعية مبنية على أسس من القرآن والسنة النبوية المطهرة، ومجيئه في توقيت مناسب؛ ليحسم الاختلاف الذي يسبب النزاعات ويفرق بين أبناء الأمة الإسلامية، كذلك تميزه في صياغته وبلاغته ودقة مضامينه ومعانيه، التي حسم بها ولي الأمر الموضوع ووضع النقاط على الحروف حتى لا تكون فتنة في الدين ومثار جدل بين عامة المسلمين». ولفت الشيخ السديس إلى أن الأمر ركز على قفل الطريق أمام «المتعالمين المتقحمين مجالات الفتوى دون بصيرة»، كما جسد مكانة العلماء، والحرص على ألا يؤخذ الدين إلا من أهله، ووضع حدا للآثار السلبية من جراء شذوذات المسائل وغرائب الفتاوى، وأغلق الباب على من يريد التطاول على أهل العلم، وحمى حدود الفتوى، وحفظ الشرع المطهر، وقال «إنه نابع من رؤية حصيفة، وقراءة دقيقة، ورؤية مستقبلية متألقة، كما أن فيه تذكيرا للمقصد الأعظم في هذه الشريعة، هو حفظ الدين، وأنه ليس محلا للتباهي وطلب الشهرة، ووضع حدا للفوضى، وعزز جانب المرجعية الصحيحة، فهو بحق قرار تاريخي بكل المقاييس، وأمر يكتب بماء الذهب، ومداد النور، وطروس الفخار، فهو ضرورة شرعية، ومصلحة وطنية، يتماشى مع عظيم المقاصد، ويحقق أعلى المصالح، ويدرأ المفاسد، جاء حفاظا على الملة، وإصلاحا للأمة، وإحياء لمنهج السلف، وتحقيقا لمصالح الخلف».

وأضاف: «إن توجيه خادم الحرمين الشريفين دليل على حرصه وغيرته الشديدة على الدين من أن تشوه سماحته ويسره الاختلافات والآراء الشاذة، وعلى حفظ سمعة ومكانة كبار العلماء الشرعيين، واحترام منزلتهم السامية في النفوس عندما تصبح كلمتهم مسموعة وفتاواهم معززة بالدليل الصحيح والسلطة الحاكمة ولا سيما أننا نعلم جميعا أن الله تعالى يزع بالسلطان ما لا يزعه بالقرآن». ونوه بحرص خادم الحرمين الشريفين على وحدة الصف وتماسك الأمة، حيث قال: «هذا التوجيه دليل أيضا على حرصه على وحدة الصف وتماسك الأمة، وجاء التوجيه الملكي ليكون بلسما شافيا وعلاجا ناجعا لكل ذلك التخبط والخلاف والفرقة، حيث أثلج صدور المؤمنين والمخلصين من أبناء هذا الوطن»، وبين أن توجيه خادم الحرمين الشريفين هو العلاج الناجع الذي سيكون عونا للجهات التنفيذية وعونا للعلماء والمفكرين وفقهاء هذه البلاد المباركة والمخلصين لدرء هذه الفتنة عن وطننا ولنتمكن من الاستمرار في معركة البناء والتنمية والتواصل في خدمة هذا الوطن وخدمة الإسلام والمسلمين.