الصومال: اغتيال داعية إسلامي بارز في مقديشو

لباس البرلمانيات يثير عاصفة داخل البرلمان

صومالي يحمل ابنه متوجها إلى مستشفى بعد اصابته في الصدامات التي وقعت في مقديشو أمس (أ. ب)
TT

اغتال مسلحون مجهولون أمس الشيخ محمد تهليل ورسمي الداعية الإسلامي البارز، وأحد نشطاء السلام في مقديشو، وتم اغتيال تهليل في منطقة عيلاشا، الواقعة على بعد نحو 20 كلم غرب مقديشو، وهي المنطقة التي تؤوي مئات الآلاف من النازحين الذين فروا من الحرب التي تدور في العاصمة مقديشو، ويتقاسم السيطرة عليها حركتا الشباب والحزب الإسلامي المعارضتان للحكومة الصومالية.

وكان تهليل أيضا أحد مسؤولي المحاكم الإسلامية التي كان يرأسها الرئيس الصومالي الحالي الشيخ شريف شيخ أحمد، حيث كان تهليل مستشارا للشيخ حسن طاهر أويس الذي كان حينها رئيس مجلس الشورى للمحاكم الإسلامية، كما أنه كان وما زال من الشخصيات المقربة من الشيخ حسن طاهر أويس زعيم الحزب الإسلامي المعارض حاليا.

وبعد انسحاب القوات الإثيوبية من الصومال، أسس تهليل مجلس «المصالحة والتنمية» الصومالي، الناشط للسلام، وكان يطالب بوقف القتال بين الأطراف الصومالية، بعد انسحاب القوات الإثيوبية من البلاد، وشارك في مؤتمر لهيئة علماء الصومال الذي صدر عنه أن القتال الدائر في الصومال ليس جهادا، وإنما حرب فتنة بين أطراف صومالية مسلمة. ونددت الحكومة الصومالية، وهيئة علماء الصومال، ومجلس شيوخ عشائر الهويا ومنظمات المجتمع المدني بشدة، بالمسؤولين عن عملية اغتيال القائد الإسلامي، دون اتهام جهة معينة بمسؤولية اغتيال تهليل، إلا أن حركة أهل السنة والجماعة (اتحاد الطرق الصوفية في البلاد) وجهت اتهاما مباشرا لحركة الشباب المجاهدين بشأن الوقوف وراء اغتيال الشيخ تهليل. وقالت الجماعة «إن حركة الشباب هي التي تستهدف رموز الشعب من المسؤولين والقادة الإسلاميين، ونشطاء السلام، وهي المسؤولة عن اغتيال الشيخ محمد تهليل». ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن حادث اغتيال الشيخ تهليل، لكن الحادث وقع في منطقة يتقاسم السيطرة عليها الفصائل الإسلامية المعارضة للحكومة (حركتا الشباب والحزب الإسلامي). وسبق أن اغتال مسلحون مجهولون عددا من القادة الإسلاميين، بعضهم موالون للحكومة.

من جهة أخرى، أعلن وزير الدستور في الحكومة الصومالية مدوبي نونو محمد عن رفع مسودة الدستور الجديد المقترح للبلاد إلى البرلمان، وقال نونو «تم رفع نص مسودة الدستور الجديد إلى البرلمان، وبعد ما يناقش النواب المسودة الجديدة بندا بندا، سيتم طرحها لاستفتاء شعبي قبل انتهاء الفترة الانتقالية للحكومة». وكانت لجنة خبراء مؤلفة من 15 عضوا شكلت لصياغة دستور جديد للبلاد، يتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية بالتعاون مع اللجنة الدستورية في البرلمان، تقوم خلال الأشهر الأربعة الأخيرة بوضع دستور جديد للبلاد، إلا أن الكتلة البرلمانية للتوجيه والإنقاذ انتقدت في بيان صحافي كيفية صياغة مسودة الدستور الجديد، واتهمت وزير الدستور بأنه تصرف بمفرده لتعيين اللجنة التي قامت بكتابة المسودة، دون موافقة البرلمان. ودعت الكتلة إلى رفض المسودة الجديدة وعدم المصادقة عليها. ووفقا للميثاق الانتقالي المعمول به حاليا فإن على الحكومة الانتقالية صياغة دستور جديد يتم طرحه لاستفتاء شعبي قبل انتهاء الفترة الانتقالية للحكومة الحالية عام 2011، ويجب أن يكون الدستور الجديد موافقا للشريعة الإسلامية.

إلى ذلك أثارت مسألة اللباس وحجاب النائبات في البرلمان الصومالي جدلا واسعا داخل البرلمان، ودعا عدد من النواب المحسوبين على التيارات الإسلامية بفرض الحجاب الشرعي على النائبات في البرلمان الصومالي، فيما عارض نواب آخرون فرض نوع معين بشأن اللباس والحجاب على البرلمانيات، وطالبوا بترك الأمر للنائبات وعدم التضييق عليهن عن طريق فرض أزياء معينة. وفي جلسة لمجلس الشعب الصومالي أمس، دار جدل كبير بين النواب بشأن هذه المسألة، وجادل النواب المطالبون بفرض البرلمانيات على ارتداء الحجاب الثقيل، أو ما سموه بالحجاب الشرعي (يعرف محليا بالجلابيب)، بأن البرلمان الصومالي أقر مشروع قرار تطبيق الشريعة الإسلامية في البلاد، وعليه لا بد من تطبيق هذا الأمر في البرلمان نفسه.

وطالب عدد من النواب الإسلاميين بضرورة أن تبتعد البرلمانيات حتى عندما يجلسن في قاعة البرلمان من صفوف النواب الرجال، وأن لا يختلطن بالرجال. إلا أن النائب موليد معاني عارض ذلك بشدة، ودعا إلى منح البرلمانيات حرية في ارتداء ما تراهن مناسبا لهن شريطة أن تكون ملابس محتشمة وغير خليعة. أما النائب صلاد علي جيلي فقد دعا إلى ضرورة أن تعرف النائبة بشخصيتها عن طريق كشف وجهها، للمقارنة ببطاقتها، وهو أمر مشروع تماما على حد تعبيره، وعارض جيلي بشدة فرض النقاب على البرلمانيات. ودعا إلى عدم منع النائبات من ارتداء ما تؤمن بأنه الأفضل لهن.

وعارضت النائبات في البرلمان الصومالي بشدة فرض نوع معين من اللباس عليهن، وقالت إحدى البرلمانيات «إن هذه المطالبة بفرض نوع معين من اللباس علينا، تعني فرض قيود جديدة على النائبات». وأضافت «تشدد رجال الدين هو السبب وراء التمثيل الضعيف للمرأة الصومالية في الحياة السياسية بالبلاد». وقالت برلمانية أخرى «جميع النائبات في البرلمان الصومالي محجبات، وعليه لا يمكن لأحد أن يملي عليهن ما الذي ينبغي لهن ارتداؤه وما لا ينبغي»، وأضافت أن هذه ليست سوى مؤامرة هدفها محاولة إبقاء المرأة بين أربعة جدران داخل المنزل تحت غطاء القيود الإسلامية. وكانت إحدى النائبات الصوماليات قد خسرت السباق لمنصب نائب رئيس البرلمان بسبب إصرار عدد كبير من النواب على عدم التصويت لها لأنها لا ترتدي الجلابيب. وتنص اللوائح الداخلية للبرلمان الصومالي على أن يكون لباس النواب رجالا ونساء «لباسا محتشما» دون خوض في التفاصيل. وتبلغ نسبة تمثيل المرأة في البرلمان الصومالي نحو 12%، على الرغم من أن الميثاق الانتقالي يشير إلى تخصيص 25% من مقاعد البرلمان للنساء، وهو أمر لم يتحقق منذ تشكيل البرلمان الحالي عام 2004.

على صعيد آخر، تحدت إذاعة «راديو شبيلا» التي تعد إحدى أشهر المحطات الإذاعية الخاصة في العاصمة مقديشو قرارا لحركة الشباب المجاهدين يقضي بمنع إعادة بث برامج الـ«بي بي سي»، وكانت محطة «راديو شبيلا» قد تحدت قبل شهرين قرارا آخر أصدره الحزب الإسلامي المعارض بحظر بث الموسيقى والأغاني، وبثت احتفالات الأعياد الوطنية. وكانت هذه المحطة قد انتقلت قبل أشهر من مقرها السابق داخل سوق البكارو – الذي يسيطر عليه المسلحون الإسلاميون – إلى المنطقة التي تديرها الحكومة بجنوب مقديشو، ومنذ انتقالها إلى المنطقة الخاضعة للحكومة بدأت محطة شبيلا بإعادة بث جميع برامجها الموسيقية والأغاني بعد توقف دام نحو 3 أشهر بسبب أوامر الحزب الإسلامي، ثم بدأت صباح أمس بإعادة بث برامج الـ«بي بي سي». وكانت حركة الشباب قد منعت جميع المحطات الإذاعية المحلية من التعاقد مع الـ«بي بي سي» وصوت أميركا وإعادة بث برامج المحطتين اللتين وصفتهما بمحطتين صليبيتين تخدمان أجندة الاستعمار.