باكستان تلقت 500 مليون دولار مساعدات لكن الاحتياجات أكبر بكثير

صندوق النقد يتجه لمراجعة شروط ديون إسلام آباد بسبب الكارثة

TT

دفعت الأسرة الدولية حتى الآن مساعدات عاجلة تبلغ قيمتها نحو نصف مليار دولار إلى باكستان المدمرة بالفيضانات، لكن هذا الجهد الأولي يبقى متواضعا بالمقارنة مع احتياجات ملايين المنكوبين والنفقات المقدرة لإعادة الإعمار. وأحدثت الفيضانات الناجمة عن أمطار موسمية لا سابق لها تهطل على البلاد منذ شهر أضرارا في خمس مساحة البلاد وأثرت على 20 مليون شخص. وقالت الحكومة إن نحو 1500 شخص لقوا مصرعهم فيها، لكن الأمم المتحدة حذرت من أن هذه الحصيلة يمكن أن تكون «أكبر بكثير» مع الكشف عن حجم الأضرار تدريجيا.

وأعلنت الأمم المتحدة أن المانحين الدوليين دفعوا نحو 500 مليون دولار. ونصف هذا المبلغ مر عن طريق الأمم المتحدة لتلبية نداءات بجمع 460 مليون دولار لصندوق الطوارئ الذي أطلق في 11 أغسطس (آب) الحالي. أما الباقي فجاء من المساعدات الثنائية، وخصوصا من السعودية التي دفعت أكثر من 100 مليون دولار، ومنظمات غير حكومية ومؤسسات وشركات خاصة. وتتصدر الولايات المتحدة والسعودية وبريطانيا لائحة الدول التي ساهمت في جمع مبلغ 490.7 مليون دولار، بحسب مكتب الأمم المتحدة المخول بتقديم حصيلة يومية لوعود المساعدات الإنسانية. ويتخطى هذا المبلغ، الذي يضاف إلى وعود بقيمة 325 مليون دولار، رقم الـ460 مليون دولار الذي طلبت الأمم المتحدة تأمينه في 11 أغسطس الحالي. وقال المصدر نفسه إن المبالغ التي دفعت فعلا للخطة العاجلة للأمم المتحدة تبلغ حاليا أكثر بقليل من 263 مليون دولار أي نحو 57 في المائة مما طلبت المنظمة الدولية.

وتتصدر الولايات المتحدة لائحة مقدمي المساعدات بـ88 مليون دولار تليها بريطانيا (34.7 مليونا) فأستراليا (26.6 مليون) والمفوضية الأوروبية (18.6 مليون). وأضاف المصدر نفسه، وإلى جانب الـ500 مليون دولار التي دفعت بلغت قيمة الوعود بتقديم أموال تلبية لنداء الأمم المتحدة نحو 325 مليون دولار. واعتبر صندوق النقد الدولي أن حجم الكارثة التي حلت بباكستان تستدعي مراجعة برامج المساعدة والميزانية وعواقبها الاقتصادية على البلاد. وجاء هذا قبل الاجتماع المقرر الأسبوع المقبل بين صندوق النقد وباكستان الذي يتوقع أن تطلب منه تخفيف شروط قرض بقيمة 10 مليارات دولار حصلت عليه في 2008. وقال مسعود أحمد، مدير منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى لدى صندوق النقد الدولي إن «حجم الكارثة يتطلب مراجعة الميزانية وتوقعات البرامج الاقتصادية التي يدعمها صندوق النقد الدولي من خلال برنامج تمويل». وقال «في هذا السياق، نتطلع إلى لقاء المسؤولين الباكستانيين في واشنطن الأسبوع المقبل لتقييم التبعات الاقتصادية للفيضانات والتدابير التي اتخذت لمواجهة هذه التبعات، ومناقشة الطرق التي يمكن من خلالها لصندوق النقد الدولي أن يساعد باكستان في هذا الوقت العصيب».

وكتب مدير صندوق النقد الدولي دومينيك ستروس كان إلى الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري أن «صندوق النقد الدولي يقف إلى جانب باكستان في هذا الوقت العصيب وسيقوم بدوره لمساعدة البلد». ونقلت صحيفة «فايننشيال تايمز» أول من أمس عن مسؤولين باكستانيين أن وزير مالية باكستان عبد الحفيظ الشيخ سيطلب من صندوق النقد الدولي إعادة جدولة الدين الحالي أو خطة تمويل جديدة. وقال مسؤول للصحيفة «إما أن يخفف الصندوق شروط البرنامج الحالي أو يناقش برنامجا جديدا وفق معايير تناسب المستجدات. البرنامج الحالي ليست لديه مقومات البقاء».

ودعا مسؤولون عدة في الأمم المتحدة في الأيام الأخيرة المانحين إلى عدم الاكتفاء بالوعود و«تحويلها إلى شيكات» في أسرع وقت ممكن. وقال ماوريتسيو جوليانو المتحدث باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية لدى الأمم المتحدة في إسلام آباد «من المرجح جدا أن تزداد الحاجة إلى التمويل بشدة لأن أعداد الذين يحتاجون مساعدة إنسانية ازداد من 6 إلى 8 ملايين منذ تقديراتنا الأولى» في 11 أغسطس.

وينبغي أن تراجع الأمم المتحدة المبلغ المطلوب بعد 30 يوما من النداء الذي وجهته في 11 أغسطس. وقال جوليانو «نحن نعمل على ذلك»، موضحا أن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية أجرى مراجعة لعدد المشردين الذي ارتفع من مليونين إلى 6 ملايين خلال 10 أيام. وأضاف «نحن في سباق مع الوقت. لقد ضاعفنا جهود تقديم المساعدات ولكن منذ 11 أغسطس ازداد عدد الذين يحتاجون إلى مساعدة عاجلة 3 مرات بلا شك».

وعقدت الجمعية العامة للأمم المتحدة الخميس جلسة طارئة لتعزيز الجهود المبذولة في سبيل مساعدة منكوبي باكستان، بعد انتقادات تحدثت عن بطء في هذه العملية. وقارن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الكارثة بـ«تسونامي بطيء تتعاظم قدرته على الدمار بمرور الوقت». وقال وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قرشي في حديث لقناة «بي بي إس» الأميركية العامة أول من أمس أن «رد الفعل الأول كان بطيئا، لأن العالم لم يكن يعي فداحة التحديات»، إلا أنه أشار إلى أن المال «بدأ في الوصول». وأضاف «هذه ليست إلا البداية. علينا التفكير في تكلفة إعادة الإعمار». وقدر قرشي الخسائر المادية بأكثر من 43 مليار دولار أي أكثر بمائة مرة من الأموال التي دعت الأمم المتحدة إلى جمعها لتقديم المساعدات العاجلة. وقال بان كي مون: «علينا أن نواصل جهودنا. ستكون احتياجات باكستان كبيرة لعدة أسابيع وأشهر وسنوات».