نتنياهو: سأصدم المشككين في نجاح المفاوضات وإذا كان الفلسطينيون جادين سيفاجئهم تجاوبي

صحافة إسرائيل تعتبر أنه وقع في مطب لن يخرج منه إلا بالتحول إلى رجل سلام أو صدور موقف فلسطيني رافض

سيدة فلسطينية تمشي أمام مجموعة من الجنود الإسرائيليين في مدينة الخليل بالضفة الغربية أمس (رويترز)
TT

في الوقت الذي خرجت فيه وسائل الإعلام الإسرائيلية بتقديرات متشائمة جدا عن إمكانية نجاح مفاوضات السلام الإسرائيلية - الفلسطينية، التي ستفتتح في الثاني من سبتمبر (أيلول) القادم، في واشنطن، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أنه سيصدم المشككين في نجاح المفاوضات. وقال إنه في حالة وجود مفاوض فلسطيني جاد أمامه فسيفاجئه بمدى التجاوب الإسرائيلي الإيجابي.

وقال نتنياهو، الذي كان يتحدث أمام وزرائه في جلسة الحكومة الأسبوعية العادية، أمس، إن تحقيق السلام ممكن. ومع أنه يتفهم أولئك الذين يشككون في هذه الإمكانية، خصوصا أن المفاوضات الدائرة منذ 17 عاما لم تحقق النتائج المرجوة، فإنه يريد أن يهدئ من روعهم بالقول إنه شخصيا جاد جدا، ويعرف أن شرط النجاح يكمن في تقديم تنازلات مؤلمة، لكن حكومته (يضيف نتنياهو) قادرة على تمرير أي اتفاق يتم التوصل إليه في المفاوضات، وشرط ذلك هو وجود تجاوب فلسطيني في ثلاث قضايا هي: ترتيبات أمنية حقيقية، الاعتراف بإسرائيل كدولة الشعب اليهودي من خلال حل قضية اللاجئين الفلسطينيين بما فيها حق العودة في إطار الدولة الفلسطينية العتيدة، وقيام دولة فلسطينية منزوعة السلاح تنهي الصراع تماما بين الطرفين. وأضاف «إذا توافرت هذه الشروط، فإن تحقيق السلام سيكون ممكنا».

لكن عددا من الوزراء ردوا على نتنياهو بطرح الشكوك، فقال وزير المالية، يوفال شتاينتس، وهو من الليكود، إنه «جدا جدا.. غير متفائل»، وذلك لأن رئيس الوزراء الفلسطيني، سلام فياض، ورئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير، صائب عريقات، قالا إن المفاوضات ستتوقف إذا لم تمدد فترة تجميد البناء الاستيطاني. وطلب نائب رئيس الحكومة، سلفان شالوم، وهو أيضا من الليكود، أن يؤكد نتنياهو مرة أخرى على تصريحه أمام قيادة الليكود بأن البناء سيستأنف في المستوطنات في 26 سبتمبر، وهو الموعد الذي تنتهي فيه مدة تجميد البناء الاستيطاني. وقال وزير العلوم دانييل هيرشكوفتش، وهو من حزب المستوطنين «البيت اليهودي»، إن الفلسطينيين يعضون اليد التي تمد إليهم بالسلام. وقال وزير البنى التحتية، عوزي لانداو، وهو من حزب «إسرائيل بيتنا» اليميني الذي يقوده وزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان، إنه يجد ضرورة أن يذكر نتنياهو بالخطوط العريضة للحكومة التي ترفض التنازل عن أرض إسرائيل أو الانسحاب إلى حدود 1967 أو التنازل عن البناء الاستيطاني.

وبالمقابل، اعتبر وزراء حزب العمل ما يجري تطورا تاريخيا، كما قال وزير العمل يتسحاق هرتسوغ. وحذر أبيشاي برفرمان، وزير الأقليات، من أي ألاعيب خداع، وقال لنتنياهو «كن صادقا وقل لنا. إذا كنت تنوي خوض مفاوضات لمجرد المفاوضات، بلا نتيجة فعلية، فإنما أفضل ألا تسافر إلى واشنطن. ولا تشارك في المفاوضات بتاتا».

وكانت الصحافة الإسرائيلية قد خرجت، أمس، بسلسلة مقالات تحليلية أجمعت على التشكيك في قدرة نتنياهو على إدارة مفاوضات سلام جادة بسبب تاريخه ومواقفه الآيديولوجية. وقال ألوف بن في «هآرتس» إن نتنياهو أدخل نفسه في مطب. فاستئناف المفاوضات قبل موعد انتهاء فترة تجميد البناء الاستيطاني، يجبره على اتخاذ أحد الموقفين. إما استئناف البناء الاستيطاني في 26 سبتمبر المقبل، وهو ما سيتسبب في تفجير المفاوضات، وبالتالي سيتحمل نتنياهو مسؤولية إفشال المفاوضات، ويدخل في أزمة جديدة مع واشنطن، وإما تمديد تجميد البناء وتجاوب مع مستلزمات عملية السلام ويتحول عمليا إلى رجل سلام، ويدخل نفسه في أزمة مع حلفائه في اليمين، وحتى مع رفاقه في الليكود. ولن ينقذه من ذلك المطب إلا الفلسطينيون، في حالة تحولهم إلى عنصر رفض.

وكتبت صحيفة المستوطنين الإلكترونية «القناة السابعة» أن نتنياهو فاز بالحكم بأصوات اليمين الرافض «لإقامة دولة إرهاب على أرض إسرائيل، وعليه أن يسلم مقعده ويدعو إلى انتخابات جديدة إن كان قد غير آراءه».

ودعا حزب الاتحاد القومي اليميني المعارض «كل أحزاب اليمين الوطني إلى أن تترك الائتلاف الحاكم مع نتنياهو، لأنه يخون المبادئ التي انتخب على أساسها». وطالب النائب داني دنون من الليكود أن يعلن نتنياهو على الملأ مواقفه المطمئنة لحلفائه من معسكر اليمين بأنه لن يقع في المطب الفلسطيني، وسيحسن التمسك بأرض إسرائيل والمشروع الاستيطاني القائم عليها.

وفي رام الله، سلم الدكتور صائب عريقات، رئيس دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية، رسائل من الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما، والرئيس الروسي، ديميتري ميدفيديف، والسكرتير العام للأمم المتحدة، بان كي مون، والمفوضية السامية للشؤون الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي، وذلك أثناء لقاءات جمعته مع القنصل الأميركي العام، دانيال روبنستين، وممثل روسيا لدى السلطة الفلسطينية، وروبرت سيري، ممثل الأمين العام للأمم المتحدة، وممثل الاتحاد الأوروبي لدى السلطة الفلسطينية.

وأكد الرئيس عباس في رسائله على الالتزام بالمرجعيات التي حددتها قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة ذات العلاقة وخارطة الطريق، ومبادرة السلام العربية، ومبادئ مؤتمر مدريد، وبجدول أعمال المحادثات المباشرة الذي يشمل القدس والحدود والاستيطان واللاجئين والأمن والمياه والإفراج عن المعتقلين ضمن سقف زمني لا يتجاوز 12 شهرا.

وثمن الرئيس عباس في رسائله موقف اللجنة الرباعية الداعي لقيام الحكومة الإسرائيلية بوقف كل النشاطات الاستيطانية، بما يشمل النمو الطبيعي وهدم البيوت وتهجير السكان وفرض الحقائق على الأرض خاصة في مدينة القدس الشرقية وما حولها.

وشدد عباس على القول إن الاستيطان والسلام متوازيان، ولن يلتقيا، وأعرب عن أمله في أن تختار الحكومة الإسرائيلية خيار السلام وليس خيار الاستيطان، وأنها في حالة استمرارها في النشاطات الاستيطانية فإنها تكون قد قررت وقف المفاوضات التي لا يمكن استمرارها إذا ما استمر الاستيطان. وأشار عباس إلى أن أقصر الطرق للسلام تتمثل في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي من جميع الأراضي المحتلة عام 1967 بما فيها القدس الشرقية والجولان العربي السوري المحتل، وما تبقى من الأراضي اللبنانية، وإقامة دولة فلسطين المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية.