شركة طيران اقتصادي سعودي تعلن توقفا مؤقتا في تسيير الرحلات

«سما» للطيران: الأسباب تتمثل في ضغوط وعوامل سوقية أدت لتدني مستوى الأسعار وانخفاض حركة الركاب

TT

بعد محاولات لم تفلح لإيجاد حلول لمواصلة عملية تسيير رحلاتها، أعلنت أمس شركة «سما» للطيران الاقتصادي أنها ستوقف جميع رحلاتها بشكل مؤقت اعتبارا من يوم غد الثلاثاء 24 أغسطس (آب) 2010، على أن تستمر رحلات الشركة كما هو مخطط لها حتى نهاية اليوم الاثنين، في الوقت الذي تسعى الشركة لعمل الترتيبات اللازمة لتحويل ركاب الرحلات الملغاة إلى خطوط جوية أخرى.

وقال بروس آشبي الرئيس التنفيذي لشركة «سما» للطيران «لم يتم اتخاذ هذا القرار بسهولة ولكن تم إقراره بعد مضي عدة أشهر من البحث عن بدائل تجنبنا وقف عمليات التشغيل وللأسف أصبح هذا هو الخيار الوحيد المتبقي أمامنا».

وتابع «لقد كنا ننتظر الحصول على حزمة من المساعدات الحكومية تتمثل في دعم أسعار وقود لطائرات (سما) وتقديم الدعم اللازم لتشغيل مدن الخدمة الإلزامية وكذلك الرفع التدريجي لسقف أسعار تذاكر الرحلات الداخلية بالإضافة إلى التمويل الضروري لإطفاء الخسائر المتراكمة كما سعينا لإيجاد مستثمرين استراتيجيين على استعداد للاستثمار في الشركة وضخ السيولة الضرورية والتي تمكن شركة (سما) للطيران من التشغيل والتطوير. وللأسف الشديد لم يتحقق أي من هذه الحلول في الوقت المناسب للمضي قدما في مواصلة عمليات التشغيل».

وتأسست شركة طيران «سما» من خلال عدد من المستثمرين الأفراد والشركات، وبدأت أعمالها لخدمة الطيران الداخلي بعد حصولها على تصريح من هيئة الطيران المدني في شهر مايو (أيار) 2007، وتسير رحلات بمعدل 164 رحلة أسبوعيا. وذكر آشبي «لقد تعرضت (سما) للطيران وجميع شركات الطيران الأخرى في المنطقة إلى ضغوط وعوامل سوقية أدت إلى تدني مستوى أسعار تذاكر الطيران بالإضافة إلى انخفاض في مستوى حركة الركاب الجوية خلال الفترة من أكتوبر (تشرين الأول) 2009 إلى مارس (آذار) 2010 وعلى الرغم من أن إيرادات الشركة قد شهدت ارتفاعا كبيرا خلال موسم الصيف فإنها لم تكن كافية للتعويض عن الخسائر العالية التي نجمت عن الفترة الماضية». وكان قطاع الطيران الاقتصادي في السعودية قد واجه معوقات في استمرار تشغيل الرحلات بين المدن في المملكة، وذلك بعد معضلة أسعار الوقود والمحطات الإلزامية، في الوقت الذي يؤكد مسؤولون في شركات الطيران الاقتصادي إلى أن مشكلات تحقيق أرباح من خلال العمل في الرحلات الداخلية، والأمر الذي دفعهم إلى البحث عن بدائل في تشغيل رحلات دولية.

وأكد الرئيس التنفيذي لشركة «سما» أننا «نأسف بشدة عما يسببه قرار إيقاف الرحلات المؤقت على الرغم من التطور الذي شهدته (سما) للطيران منذ يناير (كانون الثاني) 2009 فيما يخص بانضباط إقلاع الرحلات في موعدها المحدد ولكن علينا أن نتخذ الإجراء اللازم للحفاظ على سلامة عملياتنا التشغيلية وما زلنا نأمل في التوصل إلى إيجاد الحلول التمويلية اللازمة والتي من شأنها أن تسمح لنا بإعادة تشغيل رحلات الشركة الداخلية والدولية خلال الأيام المقبلة».

يذكر أن «سما» للطيران سوف تتواصل مع جميع الركاب الذين حجزوا على رحلات الشركة بعد تاريخ 24 أغسطس 2010 لعمل الترتيبات اللازمة وإنهاء كل الإجراءات المتعلقة بحجوزاتهم.

من جهته قال مصدر مطلع في قطاع الطيران الاقتصادي – فضل عدم ذكر اسمه - إن المشكلات التي واجهت شركات الطيران الاقتصادي تكمن في الرحلات الإلزامية وأسعار البترول، وعلى الرغم من أنه تم تخفيض أسعار الوقود لفترة محددة من قبل الحكومة السعودية، فإن عودة الأسعار مرة أخرى تسبب في تحقيق خسائر بالغة على شركات الطيران الاقتصادي.

وذكر المصدر نفسه لـ«الشرق الأوسط» أن دراسات خلصت إلى أنه في حال رغب نجاح الطيران الاقتصادي في السعودية يجب تحرير السوق وترك إلزام الشركات إلى تسيير رحلات إلى مدن معينة قد لا تكون مجدية لصالح شركات الطيران الاقتصادي وعدم تحديد أسعار التذاكر، بالإضافة إلى مساعدتها في بيع الحكومة وقودا بسعر ما يتم بيعه للخطوط المحلية.

ورخصت السعودية إلى شركتين هما «سما» و«ناس» اللتان اتخذتا مدن الرياض والدمام مراكز تشغيلية لعملياتهما.

في الوقت ذاته كان مسؤول تنفيذي في شركة «ناس» قد طالب في وقت سابق بمساعدة قطاع الطيران الاقتصادي في البلاد، وتعد شركة طيران «ناس» شركة طيران سعودية خاصة، وهي تعمل ضمن قطاع الطيران منخفض التكلفة، وتعتبر طيران «ناس» أول شركة طيران تعمل بنظام الطيران الاقتصادي في المملكة، بعد فوزها في المنافسة على تصريح لتشغيل الرحلات الجوية المجدولة داخل السعودية انطلاقا من مطار الملك خالد الدولي بالعاصمة الرياض.

وتأسست شركة طيران «ناس» عام 2007 وأقلعت أول رحلة تجارية لها في 25 فبراير (شباط) من العام نفسه، وهي تابعة للشركة الوطنية القابضة للخدمات الجوية «ناس القابضة»، وتقدم خدماتها إلى 11 وجهة داخل السعودية و12 وجهة دولية في منطقة الشرق الأوسط.

وكانت الحكومة السعودية قد وافقت في مايو 2009 على منح شركتي «ناس» و«سما» قرضين حكوميين بمبلغ 200 مليون ريال (53.3 مليون دولار) لكل منهما، تسدد خلال فترة 5 أعوام مقبلة، إضافة إلى الفوائد، مع منح فترة سماح لمدة عامين تسدد خلالها الفوائد فقط، في الوقت الذي تمت فيه الموافقة على تخفيض أسعار الوقود أسوة بالخطوط السعودية في الحال.

وجاء ذلك الدعم بعد مطالب من قبل الشركتين الجهات المعنية السعودية بمعاملة مماثلة لما تحصل عليه «الخطوط الجوية العربية السعودية» في أسعار الوقود في محاولة منهما لتخفيض التكاليف المترتبة على نشاطاته.

وبحسب إحصائيات غير رسمية فإن نسبة المسافرين زادت خلال الأعوام العشرة الماضية جوا داخل المملكة بـ50 في المائة، حيث تم نقل 28 مليون مسافر تقريبا في عام 2009، ووصل العدد إلى 42 مليون مسافرا في نهاية عام 2008.