جدة: ملفات ساخنة على طاولة أمين جدة الجديد

تولى دفة الأمانة في وقت تواجه فيه «حزمة» من المشكلات

د. أبو راس في أول أيام مباشرته أعماله أمينا لمدينة جدة («الشرق الأوسط»)
TT

هو سادس مسؤول يجلس على كرسي الأمانة، وخامس خمسة أمناء في البلاد يطلق عليهم لقب «معالي» - وهي الصفة التي تطلق على كل مسؤول يصل إلى المرتبة الخامسة عشرة والممتازة في سلم الوظائف، بالإضافة إلى درجة وزير بحسب نظام الوزراء ونوابهم وموظفي المرتبات العليا في السعودية.

ومن بداية الأسبوع الحالي، شرع الدكتور هاني أبو راس في مباشرة مسؤولياته من مكتبه الكائن في الدور الثامن عشر في مبنى أمانة جدة، المطل على ساحل البحر الأحمر. بعد أمر ملكي بتعيينه أمينا لمدينة جدة، خلفا لسلفه المهندس عادل فقيه الذي عُين بدوره ليشغل منصب وزير العمل بعد الراحل الدكتور غازي القصيبي.

وفي الوقت نفسه، بحثت «الشرق الأوسط» عن السؤال المتزن الذي لخصه مصدر مسؤول في أمانة جدة، البيت الذي تطبخ فيه وجبات التنمية في المدينة التي يقطنها نحو 3 ملايين نسمة بقوله: «ما نركز عليه كمواطنين يرغبون في الأفضل هو السؤال التالي: ما الذي يجدر ترقبه من أمين جدة الجديد؟».

المصدر الذي يعمل مديرا في إحدى إدارات العموم في أمانة جدة، جزم بأن أي مسؤول جديد في أي إدارة حكومية، «لا بد أن يجابه أمامه فريقي تأييد ومعارضة». في إشارة إلى تبريد موقف الحكم على ما لم يتبين إلى الآن، مفضلا الحديث عن الملفات التي وصفها بـ«الأهم من التقييم المبكر».

ويجد المصدر أن الملفات التي سيملأ بها الدكتور أبو راس مكتبه ووقته، تتركز بداية في «مشاريع الواجهة» كما يحبذ مسؤولو الأمانة تسميتها، وهي بمعنى المهمة أو «الحساسة»، كمشروع ودراسات درء أخطار السيول، إلى جانب استكمال ما تبقى من خطة شرق جدة التي أعلن عنها قبل أقل من شهرين ماضيين، إضافة إلى استكمال الدراسات لرفع الإيقاف عن قطع الأراضي الواقعة في - حرم السيول - شرق جدة.

وبالنظر إلى موعده، فإن الدكتور أبو راس قدِم إلى الأمانة عقب سنة حملت أحداثا ربما لا يحبذ أي مسؤول أن يتبوأ المنصب وهي لا تزال قائمة، فمن كارثة سيول أودت بنحو 123 نفسا، فجرت بعدها موجة تحقيقات موسعة جاءت بعد القرار الملكي القاضي بإنشاء لجنة تقصّ للحقائق، وما تبعها من استدعاءات وتحركات سريعة لكراسٍ عليا في صفوف الأمانة، مرورا بحوادث سقوط المنازل في بعض الأحياء القديمة، جرفت دفة النقاش نحو المباني الآيلة للسقوط، فضلا عن مشروع مستقبل الأحياء العشوائية القائم منذ برهة، وانتهاء بتطوير وتحسين الخدمات والمنح وكل ما تضمنته الخطة الاستراتيجية لتطوير المدينة الساحلية.

وحول ما يجدر ترقبه في ما يتعلق بالمشاريع، قال المصدر: «من المنتظر إكمال الدراسات التي تشارك في إعدادها هيئة المساحة الجيولوجية، إضافة إلى التسريع في رفع الحظر عن الأراضي المجمدة منذ ديسمبر (كانون الأول) 2009».

وأضاف المصدر: «ينتظر الأمين استكمال المشاريع الجديدة القائمة، على رأسها مشاريع تصريف الأمطار، إلى جانب مشاريع الجسور والأنفاق ومعالجة الاختناقات المرورية».

وتابع: «هناك مشاريع أيضا تحت الدراسة وأخرى تنتظر الاكتمال لطرحها للتنفيذ، فضلا عن المشاريع الاستراتيجية، كمشروع تطوير الواجهة البحرية للكورنيش الشمالي».

وفي ما يتعلق بالخدمات، قال لـ«الشرق الأوسط» المهندس حسن الزهراني، نائب رئيس المجلس البلدي في جدة، «إن المجلس يركز حاليا على ضرورة تنفيذ مشروع المياه الجوفية، حيث طلب المجلس ميزانية، ويحتاج المشروع سرعة في الإنجاز»، لافتا إلى أن المهندس عادل فقيه وزير العمل أمين جدة السابق، كان وعد المجلس بتخصيص ميزانية، بينما يترقب المجلس من الدكتور أبو راس، إكمال ما بدأه المهندس الفقيه.

وأشار نائب رئيس المجلس البلدي إلى جملة مطالبات وصفها بـ«مطالبات دورية»، كتحسين الخدمات بشكل عام، والسفلتة ومعالجة «الحفر» الوعائية، إلى جانب تحسين النظافة في الأحياء بشكل عام.

في غضون ذلك، يأتي تطوير الأحياء العشوائية كتحد آخر، بالنسبة للأمين الجديد، ولا سيما أن هناك نحو 54 حيا عشوائيا في جدة، بحسب المصدر، الذي كان يتحدث لـ«الشرق الأوسط». ويضيف: «يأتي هذا التطوير، استكمالا للخطة الاستراتيجية الخاصة بتطوير الأحياء العشوائية»، بينما يترقب من الأمين الجديد أن يوجد آلية تأهيل السكان بعد إيجاد المساكن البديلة لهم، فضلا عن إنجاز ومتابعة سير العمل بحسب الجدولة الزمنية والإنتاجية للأحياء العشوائية.

وفي سياق ذي صلة، لا بد أن يوجد الدكتور هاني أبو راس لنفسه متسعا من الوقت، ليعالج مسألة المِنَح الحكومية للمواطنين، وذلك بتنفيذ المخططات وتوزيعها على المستحقين، ولا سيما أن آخر دفعة تسلمت أراضيها لم تتجاوز دفعة 1418هـ بحسب مسؤول الأمانة.

الدكتور هاني أبو راس رغم كل ما يواجهه من تحديات، فهو في المقابل، لا يعد موظفا جديدا على الأمانة، فقد كان يشغل قبل نحو أشهر لا تتجاوز الثلاثة، منصب وكيل الأمين للخدمات فيها، عقب أكثر من منصب سريع تولاه حينما أعير إليها قادما من جامعة الملك عبد العزيز في جدة، مقر عمله الأول.

والراصد لسير أعمال أمانة جدة في الوقت الراهن، يجد صعوبة في تفسير الهيكل التنظيمي الإداري، إذ وصفه المصدر بـ«المتغير دوما»، ولعله أول الإصلاحات الإدارية الداخلية، التي ستحفز الأمين الجديد على ترسيتها بشكل جيد، فالمراقبون يصرون على ضرورة الاتزان والاحتفاظ والاستقرار بهذا الهيكل، ليتسنى له رفع الجودة والكفاءة لإنجاز العمل الداخلي.

وفي سياق الشأن الداخلي أيضا، يترقب موظفو بند الأجور في الأمانة من الدكتور أبو راس «محاولة إيجاد أرقام في الخدمة المدنية، أو على الأقل تحريك الموضوع» كما قال المصدر.

إلى ذلك، نوه المصدر بأن على الأمين الجديد «معالجة المركزية في بعض الإدارات، وإيجاد حلول ترفع كفاءة الخدمة المقدمة للمواطنين في أقل وقت ممكن، مدللا برُخص البناء، التي كانت بحسب المسؤول تنفذ من قبل البلديات الفرعية، بينما تم نقلها وصب جميع الرخص إلى مقر الأمانة، مما يزيد من مدة انتظار الرخص مقارنة بما كانت تستغرقه حينما كانت من مسؤولية البلديات الفرعية».