معارضة بناء المساجد تنتقل إلى خارج نيويورك

زيادة معدل الشكاوى من نسبة العداء للمسلمين في الولايات المتحدة

TT

في حين يستمر الجدل حول بناء مسجد في نيويورك بالقرب من مكان مركز التجارة العالمي الذي دمره هجوم 11 سبتمبر (أيلول) سنة 2001، وبعد مظاهرة في المنطقة أول من أمس شارك فيها مؤيدون ومعارضون للمسجد، وفرقت الشرطة بين الجانبين، اشتكى قادة مسلمون في أماكن أخرى بالولايات المتحدة من زيادة العداء للمسلمين، خاصة عند إعلان خطة بناء المسجد.

وقال أمس صالح شيناتي، مهاجر من سورية، وأستاذ جامعي في الهندسة، ومشرف على خطة بناء مسجد في ضاحية ميرفريزبورو، بمدينة ناشفيل (ولاية تنيسي): «لم نواجه مثل هذا العداء أبدا. نرى أن هذا شيء جديد بالنسبة لنا». وقال إنه، بعد هجوم 11 سبتمبر، لاحظ تعاطفا من كثير من الأميركيين في المنطقة، خاصة لأن زوجته كانت ترتدي حجابا، وقالوا لها أن لا تخاف وإنهم سيحمونها.

لكن، مؤخرا، كما قال شيناتي، زاد العداء، وقال إنه كان يقف في قطعة الأرض الخالية التي يتوقع أن يبنى فيها المسجد، وسمع إساءات من أميركيين وهم يقودون سياراتهم.

ونقل مراسل صحيفة «واشنطن بوست» الذي زار الضاحية أن معارضي المسجد وضعوا لافتات كبيرة على الطرق الرئيسية، منها واحدة مكتوب عليها: «نريد ولاية تنيسي خالية من الإرهاب». ومكتوب على أخرى: «اهزموا الجهاد العالمي الآن». وكتب مجهولون على جدران منزل يستخدم كمسجد: «أيها المسلمون، عودوا إلى بلادكم». ووزع مرشح من الحزب الجمهوري في الانتخابات القادمة بيانات قالت إن الإسلام «ليس إلا بدعة».

وقال جيم دانيال، مسؤول سابق في المقاطعة التي فيها الضاحية: «أرى خوفا يغذي هذا العداء. يخاف الناس هنا من أن المسلمين يأتون إلى هنا بأعداد كبيرة، ويصيرون أغلبية، ويغيرون قوانيننا، ويفرضون قانون الشريعة».

في الوقت نفسه، بدأت حملات عدائية شخصية ضد أعضاء في لجنة بناء المسجد، وأبلغ مواطنون الشرطة المحلية أن واحدا من هؤلاء يعرض على موقع «فيس بوك» في الإنترنت قصيدة تمجد منظمة «حماس» الفلسطينية. ودافع عن الرجل أعضاء اللجنة، وقالوا إنهم يتعاونون مع الشرطة التي تحقق في الموضوع.

وانتقل النقاش حول المسجد إلى خارج المنطقة. وأول من أمس، علق القس بات روبرتسون، من كبار القادة المسيحيين الأميركيين، وكان ترشح لرئاسة الجمهورية، بأن المسلمين يتعمدون بناء مساجد هنا وهناك لتكون «خلايا لهم عندما تحين خطتهم للسيطرة على أميركا».

في الأسبوع الماضي، نشرت مجلة «تايم» نتائج استفتاء أوضح أن أكثر من أربعين في المائة من الأميركيين ينظرون نظرة سلبية نحو المسلمين. بالمقارنة مع عشرة في المائة ضد اليهود، وعشرين في المائة ضد المسيحيين الكاثوليك، وثلاثين في المائة ضد طائفة المورمون التي تعتبرها الأغلبية المسيحية بدعة.

وقال ريتشارد لويد، أستاذ علم نفس في جامعة فاندربيلت (ولاية تنيسي): «يجب أن لا نفاجأ بهذه الآراء السلبية عن بناء المسجد هنا. يجب أن نربط بين هذا وبين الضجة حول مسجد نيويورك والتغطية الإعلامية المكثفة لها. تصب كلها في خانة زيادة خوف الناس هنا، وإحساسهم بأنهم محاصرون، أو يتعرضون لغزو».

وقال أكبر أحمد، أستاذ في الجامعة الأميركية في واشنطن، وكان دبلوماسيا في الخارجية الباكستانية: «صرنا نعرف أن الهوة بين المسلمين وغير المسلمين أوسع وأعمق مما كنا نعتقد. صرنا نلاحظ أشياء أكثر مما كنا نلاحظ بعد هجوم 11 سبتمبر. هذا شيء ينبئ بالفزع».

وأشار أحمد إلى أخبار بأن رجال دين في كنيسة في ولاية فلوريدا يخططون لإحراق المصحف الشريف يوم ذكرى هجوم 11 سبتمبر.

وأشار مراقبون في واشنطن إلى أن مظاهرتين متعارضتين خرجتا أول من أمس في منطقة بناء مسجد نيويورك، واحدة تؤيد والثانية تعارض. وردد المعارضون شعارات ضد الإسلام بينما كان المؤيدون يرددون «لا للخوف العنصري».

وفصلت الشرطة المجموعتين في مكان غير بعيد عن الموقع المقترح لبناء المركز الإسلامي المكون من 13 طابقا. ولم ترد تقارير عن صدامات بين الطرفين.

وقال شهود عيان من مكان المظاهرة إن مواجهة وقعت بين رجل وامرأة عبر الحاجز الذي أقامته الشرطة بين المجموعتين.

وحمل المعارضون لافتات كتبت عليها كلمة «شريعة» باستخدام حروف حمراء تبدو وكأنها تقطر دما. وفي الجهة الأخرى، هتف مؤيدون «لا يعنينا ما يقوله المتعصبون.. الحرية الدينية باقية هنا إلى الأبد».

وقالت وكالة الصحافة الفرنسية إن المعارضين كانوا يفوقون المؤيدين عددا. وفرقت الشرطة مجموعة معارضة كانت تحمل رسوما تظهر الرجم والضرب والتعذيب، وقالوا إن هذه ممارسات للذين يعتنقون الإسلام.

وقال معارض إنه يعتقد أن القائمين على بناء المسجد هم أنفسهم الذين دمروا مركز التجارة العالمي.

وقالت ديزي خان إحدى القائمين على المشروع إن هذه المعارضة الشرسة لبناء المسجد تتعدى الـ«إسلاموفوبيا» (الخوف من الإسلام) إلى «إسلامو هيت» (كراهية الإسلام).

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية على لسان علي أكرم، طبيب من منطقة بروكلين في نيويورك قوله: «إنهم يعلمون أطفالهم حرية العقيدة ولكنهم لا يمارسونها».

أما جون غرين، الذي فقد صديقا له في هجوم 11 سبتمبر، فقال إن القائمين على المشروع يملكون حق إقامة المسجد في الموقع، لكنهم «سيحظون باحترام الأميركيين لو تخلصوا من تعنتهم».

وقال مراقبون وصحافيون في واشنطن إن الجمهوريين المعارضين لمشروع خطط بناء المركز يسعون للهجوم على الرئيس الديمقراطي باراك أوباما قبل انتخابات الكونغرس في نوفمبر (تشرين الثاني) التي يسعى حزبه فيها للاحتفاظ بسيطرته على الكونغرس.

وتشمل خطط بناء المركز الذي يتألف من 13 طابقا، قاعة للمحاضرات، وحوضا للسباحة، وغرفا للاجتماعات، بالإضافة إلى مكان الصلاة. ويخلو تصميم المبنى من الزخارف، ولا يشمل مئذنة أو قبة أو أيا من الأشكال الهندسية الأخرى المرتبطة بالمساجد.

وكان عمدة نيويورك قد دافع بشدة عن خطة بناء المسجد وقال إن حرية العبادة هي أحد الأسباب التي من أجلها أسست الولايات المتحدة.

أما حاكم نيويورك الديمقراطي ديفيد بيترسون فقد اقترح تخصيص قطعة أرض بعيدة عن مكان مركز التجارة العالمي لبناء المسجد.