قضية مسجد نيويورك تفجر جدلا في أميركا حول «الشريعة»

رئيسة الاتحاد الأميركي للكنائس: نشعر بالحزن لأن هناك من يريد الإساءة إلى الاسلام

الشيخ فيصل عبد الرؤوف إمام مسجد قرطبة المزمع بناؤه بالقرب من غراوند زيرو، عقب صلاة الجمعة أمس (رويترز)
TT

بسبب لافتات حملها معارضون لمسجد نيويورك في مظاهرتهم الأسبوع الماضي فيها كلمة «شريعة» باللغة الإنجليزية بلون أحمر، ويتقطر منها دم، أجرت صحيفة «واشنطن بوست» في خبر رئيسي أمس استطلاعات وسط أميركيين عن معنى الكلمة.

وأشارت إلى مظاهرة ضد الشريعة أقامها «حزب الشاي»، وهو جناح متطرف في الحزب الجمهوري، في فورت والتون بيتش (ولاية فلوريدا)، وزع فيها كتيبات عن: «لماذا يريد المسلمون السيطرة على العالم، ووضعنا كلنا تحت قانون الشريعة؟» وأشارت الصحيفة إلى تصريحات لنيوت غينغرتش، من قادة الحزب الجمهوري، ورئيس سابق لمجلس النواب، قال فيها: «يجب أن نتحرك الآن، وليس غدا، لمواجهة الشريعة الزاحفة علينا». وقالت: «مؤخرا، زاد قلق كثير من القادة السياسيين والدينيين في الولايات المتحدة بسبب حقيقة أن كلمة (شريعة) صارت مثل شتيمة عند بعض الأميركيين».

وقالت بيغ شامبرلين، رئيسة الاتحاد الأميركي للكنائس، في بيان وقع عليه أكثر من أربعين زعيما دينيا أميركيا: «نشعر بالحزن جدا، لأن هناك من يريد الإساءة إلى دين هو دين الرحمة».

وشرحت الصحيفة لقرائها الأميركيين أن «الشريعة» كلمة عربية معناها «طريق». وأن المسلمين يتفقون على أنها قانون الله، لكنهم يختلفون كثيرا حول تفاصيل هذا القانون. بالنسبة لبعضهم، هي قانون ملزم ولا يتغير، وبالنسبة لآخرين هي مجموعة مبادئ تطبق على الناس حسب ظروفهم. وقال الخبر إن المشكلة تتعقد أكثر بالنسبة لثلث المسلمين في العالم، الذين هم أقليات في دول غير إسلامية. وذلك لأنهم يحاولون التوفيق بين قوانين الدول التي هم مواطنون فيها والقانون الإلهي. وقال فيصل عبد الرؤوف، الإمام الأميركي المصري الذي يقود خطة بناء مسجد نيويورك، إن إسلامية الدولة لا تحددها الطريقة التي تنفذ بها الشريعة. وقالت زوجته الأميركية الباكستانية ديزي خان إنها وزوجها يديران مشروعا يركز على أن الشريعة تشير إلى أهداف عامة هي «مقاصد الشريعة»، بهدف المحافظة على الحياة والممتلكات والمؤسسات. والناس أحرار في البحث في تفاصيلها. في الجانب الآخر، نقلت الصحيفة على لسان دانيال بايبز، أستاذ جامعي أميركي وصفته بأنه «محافظ»، و«مثير للجدل» قوله: «ليست الشريعة أشياء عامة. الشريعة شيء واحد محدد. إنها مثل الدستور الأميركي». وأضاف: «توجد خطورة هنا لأن المسلمين يريدون تطبيق الشريعة في كل شيء وعلى كل شخص وبصورة متشددة».

وقال جيوف روزا، جندي سابق في العراق، ويقود حملة مماثلة: «يقول الإنجيل إذا ضربك شخص على خدك الأيمن أدر له خدك الأيسر. ويقول القرآن اقض على عدوك واقتله».

ونقل خبر الصحيفة أمثلة يروج لها معارضو الإسلام يقولون إن الشريعة «تزحف تدريجيا» في الولايات المتحدة. ويشيرون إلى أن جامعة هارفارد قررت مؤخرا تحديد ساعات للنساء فقط في حوض سباحة واحد تابع للجامعة. وأن بعض البنوك لا تطلب سعر فائدة لأن الإسلام يحرم الربا. وأن المساجد تمنع كل امرأة من دخولها من دون غطاء رأس، حتى إذا كانت شرطية تحقق في ارتكاب جريمة. وقالت إن الانقسامات حول تفسير الشريعة ليست وسط الأميركيين فقط، ولكن، أيضا، وسط المسلمين في الدول الإسلامية. وإن كثيرا من هؤلاء يرون الشريعة مبادئ عامة. وفي الوقت نفسه، يرفضون تطبيق تفسيرات المفسرين وتحويلها إلى قوانين للدولة، وذلك بسبب تعدد هذه التصرفات، وتشدد بعضها. وقالت داليا مجاهد، مسؤولة الشؤون الإسلامية في مركز «بيو» للاستفتاءات، إن أغلبية الدول السبع والخمسين الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي تضع في دساتيرها أن الشريعة مصدر من مصادر القانون. وقالت: «يعني هذا أشياء مختلفة». إلى ذلك عبر أصدقاء طالب أميركي يدرس إنتاج الأفلام السينمائية، وأقدم على طعن سائق سيارة أجرة مسلم، عن دهشتهم الخميس، بعد أن وصفوه بأنه شخص عمل على «بناء الجسور بين الثقافات والأديان». وقال روبرت تشيس مدير معهد «إنترسيكشن» الدولي إن «كل من يعرف مايكل إنرايت، طالب الفنون المرئية في مانهاتن، أصيب بالدهشة التامة»، بعد أن اعتقل الشاب بتهمة طعن سائق، لأنه ينتمي للدين الإسلامي. وأضاف تشيس أن إنرايت تطوع مع منظمة غير هادفة للربح، وسافر إلى أفغانستان في الربيع الماضي، كجزء من مشروع تخرجه لتصوير فيلم عن الجنود الأميركيين هناك، في إطار خطة المنظمة للترويج للسلام والحوار بين العقائد. وكان المتحدث باسم شرطة نيويورك، مارك نيل، وقال إن السلطات وجهت لإنرايت (21 عاما) أربع تهم، بما في ذلك الشروع في القتل، واتهامات بارتكاب جرائم كراهية. ووفقا لنقابة سائقي سيارات الأجرة في نيويورك، فإن السائق الذي تعرض للهجوم هو أحمد حميد شريف (43 عاما)، وهو مسلم ملتزم، ويرقد بالمستشفى وحالته مستقرة.