مصر: جدل حول توقيع سعد الدين إبراهيم تفويضا يوافق على ترشيح جمال مبارك

البرادعي يستبق عودته إلى القاهرة غدا بإصدار مجلة «صوتنا»

TT

بينما اعتبر معارضون مصريون توقيع المعارض المصري البارز سعد الدين إبراهيم على تفويض يوافق من خلاله على ترشيح جمال مبارك لرئاسة الجمهورية نوعا من التنازل يثير الشفقة، قال قيادي في الحزب الحاكم إن نجل الرئيس المصري يمارس حقه الدستوري، في الوقت الذي أصدر إبراهيم بيانا قال فيه «إن ممثلين عن الائتلاف الداعم لجمال غيروا تصريحاته بسوء نية».

وأصدر إبراهيم بيانا أمس الاثنين قال فيه «ادعت جماعة تطلق على نفسها (الائتلاف الشعبي لدعم ترشيح جمال مبارك) أنني أدعم هذا الترشيح، وحقيقة ما صرحت به لوفد من هذه الجماعة أنني مع حق أي مواطن صالح، تنطبق عليه شروط الترشح، بما في ذلك جمال مبارك».وتابع: «لا ينبغي خلط تأييدي لمبدأ ترشيح أي مواطن تنطبق عليه الشروط لذلك الموقع، وتفضيلي الشخصي أو دعمي لانتخابه. فإذا تعمد أي من العاملين في حملة جمال مبارك الخلط بين إعلاني لدعم (المبدأ) من ناحية، ودعمي لشخص السيد جمال مبارك من ناحية أخرى، فإن ذلك ينطوي على سوء نية مبيت».

وقالت باربرا زوجة إبراهيم إنه وقع على بيان تأييد لترشيح جمال مبارك يوم الأحد قبل أن يسافر إلى الولايات المتحدة. وقال أحمد شقيق إبراهيم «منطقه أنه أيد حق البرادعي وأيمن نور في خوض الانتخابات ما دامت حرة ونزيهة. وهو الآن يؤيد جمال ما دام يخوض الانتخابات عبر القنوات الصحيحة». وتجرى انتخابات الرئاسة العام المقبل ولم يقل الرئيس مبارك إن كان سيرشح نفسه لفترة رئاسة سادسة.

وخلال الأسابيع الماضية أطلق مؤيدون لجمال مبارك، 46 عاما، دعوات لترشيحه إذا كان والده غير راغب في الترشح.

ومن جانبه هاجم جورج إسحاق عضو الجمعية الوطنية للتغيير سعد الدين إبراهيم، لافتا إلى أنه «حزين على أن يتورط سعد الدين إبراهيم في هذا الموقف المساند لجمال مبارك، لأن ترشيحه في ذاته يخل بمبدأ تكافؤ الفرص، خاصة مع تسخير مقدرات الدولة له (جمال)».

ولفت إسحاق إلى أن إبراهيم «دفع من حريته وصحته ما يتناقض مع تأييده لجمال مبارك، لأن هذا الأخير ابن القصر ونجل رئيس الجمهورية، ووقوف إبراهيم خلف إتاحة ترشيحه يتناقض مع مواقفه السابقة».

وعما إذا كانت عودة سعد الدين إبراهيم إلى القاهرة مؤخرا بعد مدة طويلة في منفاه الاختياري لها علاقة بإعلانه تأييد مبدأ ترشيحه، كفرد له حق سياسي في ذلك، قال إسحاق: «لا أدخل في ضمائر الناس، لكن ما فعله إبراهيم يثير الشفقة أكثر مما يثير الغضب».

وعلى العكس من إسحاق يرى الدكتور جهاد عودة عضو أمانة السياسات في الحزب الوطني الحاكم في مصر أن إعلان إبراهيم الموافقة على ترشيح جمال مبارك لا يتناقض مع مواقفه السابقة لأن جمال له حق دستوري، ومن حقه التمتع به.

وحول ما قيل عن تسخير مقدرات الدولة وراء محاولة إنجاحه قال عودة: «معنى وجود ضمانات للانتخابات أن جمال سيخوض انتخابات نزيهة لو قرر الحزب الوطني ترشيحه»، وأضاف أن «نجل الرئيس لا يستخدم مقدرات الدولة أو مواردها، لأن الحزب الوطني غني وله ما يكفيه من الموارد والمتبرعين، وهذا لا يتنافى أبدا مع العملية الديمقراطية، فهناك أحزاب فقيرة وأخرى غنية، وهذه سمة السياسة».

وعاش إبراهيم الذي يحمل الجنسية الأميركية أيضا في الخارج منذ عام 2007 لتجنب احتمال سجنه في مصر، فقد صدر عليه عام 2008 حكم غيابي بالسجن لمدة عامين في قضية أقامها محاميان مؤيدان للحزب الوطني اتهماه فيها بالإضرار بسمعة مصر وهو حكم ألغته محكمة استئنافية قالت إن هذه التهم يمكن أن توجهها النيابة العامة وليس الأفراد.

من جهة أخرى استبق الدكتور محمد البرادعي، المرشح المحتمل لانتخابات الرئاسة في مصر المقرر إجراؤها العام المقبل عودته إلى القاهرة مطلع شهر سبتمبر (أيلول) المقبل بإصدار مجلة «صوتنا» بنسختيها الإلكترونية والورقية، في مبادرة لتجاوز حرب اللافتات التي اشتعلت في المحافظات المصرية بين أنصار البرادعي و«الائتلاف الشعبي لدعم ترشيح جمال مبارك».

في المقابل كان عدد من النشطاء السياسيين من غير المنتمين إلى الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم قد قاموا بتشكيل ائتلاف شعبي لدعم ترشح جمال مبارك نجل الرئيس المصري للرئاسة، بينما نفت قيادات بالحزب الحاكم علاقة الحزب بالائتلاف، وقالت إن «قواعد الحزب تؤيد ترشح الرئيس المصري لفترة أخرى»، إلا أن الرئيس المصري حسني مبارك (82 عاما) لم يعلن بعد إن كان سيرشح نفسه لفترة رئاسة سادسة أو لا. وقال البرادعي في افتتاحية المجلة «إن مئات الآلاف الذين وقعوا على بيان التغيير قد أرسلوا رسالة للنظام والعالم كله أن الشعب المصري قد استيقظ وأن عقارب الساعة لن ترجع للوراء وأن التغيير قادم لا محالة». وتزامن بث النسخة الإلكترونية من مجلة «صوتنا.. صوت كل المصريين» مع تصعيد البرادعي لغته ضد النظام المصري، حيث يرى مراقبون أن البرادعي بدأ في استخدام لغة أكثر حدة منذ أغسطس (آب) الجاري، فقال في مطلع الشهر إنه «إذا استمر النظام في قمع واعتقال أبناء الشعب المطالبين بحقهم الأصيل في الحرية والكرامة بأسلوب سلمي فليتذكر أن على الباغي تدور الدوائر». وطالب البرادعي، على صفحته الخاصة على الموقع الاجتماعي «تويتر» الشعب بالتحرك وقال قبل أيام إنه «في ظل نظام قمعي: مقاطعة الانتخابات، التوقيع على بيان التغيير، التظاهر السلمي وأخيرا العصيان المدني هي الوسائل المتاحة أمامنا». بينما صرح الدكتور على البرادعي أن شقيقه «سيعود إلى القاهرة غدا الأربعاء»، ورفض الكشف عن مكانه قائلا: «الدكتور (البرادعي) لا يفضل أن يعرف أحد بمكان وجوده، لكنه بمكان ما في أوروبا». حيث غادر البرادعي القاهرة قبل نحو شهرين.

وكان البرادعي، المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية قد عاد إلى القاهرة مطلع العام الجاري لقيادة فريق من المعارضة المصرية، حيث أسس الجمعية الوطنية للتغيير التي شاركت فيها جماعة الإخوان المسلمين أبرز قوى المعارضة المصرية بالإضافة إلى أحزاب رسمية وحركات سياسية وشخصيات عامة، كما تشكلت حملة شعبية لدعم ترشح البرادعي للرئاسة في البلاد.