هدوء حذر يعم المدن.. والمالكي يعتبر انسحاب القوات الأميركية يوم السيادة والاستقلال

قال في خطاب إن جهات سياسية عراقية تقود «حملات تشكيك» للتقليل من قدرات القوات الأمنية

عراقي يتابع خطاب رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بمناسبة انسحاب القوات الأميركية على شاشة التلفزيون أمس (إ.ب.أ)
TT

بينما اعتبر نوري المالكي رئيس الوزراء المنتهية ولايته يوم انتهاء المهام القتالية للقوات الأميركية يوما لـ«سيادة» العراق و«استقلاله» وأنها خطوة أساسية لإعادة كامل السيادة الوطنية للبلاد، شهدت المدن العراقية أمس هدوءا حذرا لم تتوقعه الأوساط الشعبية ولا الأمنية على حد سواء.

وأنهت القوات الأميركية القتالية انسحابها من العراق أمس وفقا للاتفاقية الأمنية التي أبرمها البلدان، ولم يتبق سوى 50 ألف جندي يتولون مهام تدريب القوات العراقية.

وقال المالكي في خطاب متلفز أمس: «العراق اليوم سيد ومستقل يملك قراره وكل ما يتعلق بحاضره ومستقبله، وسيبقى يوم الحادي والثلاثين من أغسطس (آب) يوما خالدا يعتز به جميع أبناء الشعب العراقي، وسيكون لقواتنا وأجهزتنا الأمنية البطلة بعد هذا اليوم الدور القيادي في تثبيت الأمن والدفاع عن البلاد ودرء الأخطار التي تتعرض لها داخليا وخارجيا، لما تتمتع به من مهنية وكفاءة وحرص على مصلحة الوطن والمواطن بعيدا عن الحسابات والميول الفئوية والحزبية والطائفية».

وأضاف المالكي: «إن النظام الديكتاتوري (نظام صدام حسين) يتحمل كامل المسؤولية عن انتهاك سيادة العراق واحتلاله ومحاصرته بالقرارات الدولية والعقوبات، وإن تنفيذ اتفاق سحب القوات الأجنبية يشكل الخطوة الأساسية في استعادة كامل السيادة الوطنية وتحقيق تطلعات الشعب العراقي في إقامة دولة حرة مستقلة ومزدهرة وبما يؤكد رؤيتنا الاستراتيجية في عملية بناء دولة المؤسسات والتزامنا الثابت منذ بداية عملية التفاوض مع الجانب الأميركي بأن سيادة العراق هدف استراتيجي في صدارة قائمة أولوياتنا الوطنية.» وأعرب المالكي عن أسفه لما أسماه بـ«حملات التشكيك التي تقوم بها بعض الجهات السياسية للتقليل من قدرات الأجهزة الأمنية في السيطرة على الأوضاع في العراق بعد الانسحاب الأميركي»، مبينا أن «الذين يتحدثون عن انهيار الأوضاع الأمنية لم يتحدثوا يوما عن الإنجاز الأمني وكيف كانت بغداد مدينة أشباح والمحافظات أسيرة بيد القاعدة والسيطرات الوهمية تختطف المواطنين وتذبحهم على قارعة الطريق».

وثمن المالكي موقف الإدارة الأميركية في زمن الرئيس الأميركي السابق جورج بوش والحالي باراك أوباما «الملتزم بتنفيذ الاتفاقية الأمنية مع العراق بجميع مراحلها»، مشيرا إلى أن «تنفيذ الاتفاقية جعلت العلاقات بين بغداد وواشنطن تدخل في مرحلة جديدة قائمة على التكافؤ ومهدت لنقلها من المجال العسكري إلى تنفيذ الإطار الاستراتيجي».

ودعا المالكي القوى والأحزاب الوطنية إلى «تحمل مسؤولياتها في مرحلة ماب عد الانسحاب وتوحيد الصفوف في معركتنا المفتوحة مع الإرهاب واستكمال عملية بناء مؤسسات الدولة والأجهزة الأمنية، لأن نجاحنا في المعركة ضد الإرهاب مرهون بوحدتنا الوطنية ومساندتنا لقواتنا وأجهزتنا الأمنية ورفع مستوى جاهزيتها في المجالات المختلفة وتمكينها من أداء دورها الوطني بقوة ومسؤولية ومهنية».

وواصلت القطعات الأمنية العراقية انتشارها المكثف في معظم مدن العراق فيما لم تشهد تلك المدن حوادث أمنية تعكر صفو الانسحاب الأميركي. وقال قائد عسكري رفيع المستوى في وزارة الدفاع العراقية إن الشرطة الاتحادية وقوات الطوارئ تنتشر في عموم المحافظات الآن ثم ستسيطر الشرطة الاتحادية داخل المدن وتنسحب قوات الطوارئ على مداخل المدن وخارجها، وأكد أن «مهمات وزارة الدفاع ستنحصر في حماية حدود العراق وسيتم استدعاؤها في حالات الطوارئ فقط فيما ستتولى وزارة الداخلية مسؤولية المدن وحمايتها بالتعاون مع قوات الطوارئ أيضا».

وأكد القائد العسكري الميداني أنه سيتم أيضا اختزال السيطرات الأمنية في داخل المدن لحين إلغاء تلك السيطرات وحصرها في مداخل المدن ومخارجها كما سيتم رفع الحواجز الكونكريتية تدريجيا من الشوارع.

تفاؤل القائد العسكري شمل أيضا بعض العراقيين الذين قضوا أمس يوما هادئا نسبيا على الرغم من القلق الذي انتابهم قبل يوم من الانسحاب وبعد أن حذرت الحكومة في بيان لها من محاولة استهداف بعض المدن العراقية من قبل التنظيمات الإرهابية تزامنا مع الانسحاب.

ويرى عدد من العراقيين أن يوم الثلاثاء قد يكون مؤشرا حسنا على عدم حصول خروقات أمنية في الأيام القليلة القادمة، فيما اعتبر عدد من المقاتلين المنتشرين في شوارع بغداد أن «الهدوء غير متوقع»، لكن أحدهم قال «إننا حذرون جدا من هذا الهدوء لأن المعلومات التي وصلتنا تفيد بوجود مخططات إرهابية قد تستهدف بعض المواقع خلال الأيام القادمة».

ولم تسجل أي تظاهرات أو تجمعات احتفاء بموعد انتهاء المهمة القتالية للقوات الأميركية.

وقال مهندس الكمبيوتر ياسر الموسوي (32 عاما) إن «الانسحاب الأميركي لم يشكل نقطة تحول كبير، كنا في السابق نظن أن هذا اليوم، سيشكل نقطة تحول مهمة في البلاد، لكنني لم ألمس أي اهتمام»، وأضاف «كنت مع أصدقائي في المقهى مساء أمس (الاثنين)، لكن لم يتطرق أحد إلى الأمر أو يبدي اهتماما به (...) أرى أن الأميركيين مهتمون أكثر من العراقيين».

من جهته، قال صلاح أبو القاسم، (36 عاما) التاجر في سوق الشورجة وسط بغداد «أعتقد أن الأوضاع ستسوء خصوصا أن الانسحاب يأتي مع فراغ سياسي في البلاد». وأوضح «إذا ظل الساسة يتقاتلون على المناصب! فإن الوضع سيؤول إلى الهاوية».

لكنه استدرك قائلا «إن هذا الانسحاب لا يعني شيئا كما أنه ليس فعليا، لأن القوات الأميركية ستتدخل في أي مكان حتى لو وصل عدد القوات إلى الصفر نهاية 2011 فهم يستطيعون أن يضاعفوا العدد بليلة وضحاها كما فعلوا عام 2003».