«جهادي» ليبي ينضم إلى مؤسسة بريطانية لمكافحة التطرف الديني

ابن عثمان لـ «الشرق الأوسط»: سأنقل تجربة المراجعات التي شاركت فيها إلى العواصم الغربية

TT

انضم الإسلامي نعمان بن عثمان قيادي الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة إلى مؤسسة «كويليام لمكافحة التطرف الديني» في العاصمة لندن أمس. وقالت «كويليام»، التي تعتبر أول مؤسسة بحثية لمكافحة التطرف والتيارات الأصولية، إن ابن عثمان الناشط السياسي والإسلامي الليبي المقيم ببريطانيا, الذي أسهم في القتال بأفغانستان إلى جانب جلال الدين حقاني، وبرز كقيادي في مجلس شورى الجماعة الليبية المقاتلة، والتقى من قبل أسامة بن لادن زعيم «القاعدة» ونائبه أيمن الظواهري تعاقد مع المؤسسة ككبير المحللين ومسؤول عن الاتصالات الاستراتيجية بالمؤسسة المعنية. وأسهم ابن عثمان في إجراء «المراجعات» التي قامت بها الجماعة الليبية المقاتلة، التي أدت إلى إنهائها للعمل المسلح، وتقديمها الاعتذار للدولة الليبية.

من جهته، قال نعمان بن عثمان في اتصال هاتفي أجرته معه «الشرق الأوسط» إنه كان لديه علاقات مع القائمين على «كويليام» منذ أكثر من عام, ومنذ المراجعات الليبية، حيث كان قد عقد العزم على الانضمام إلى المؤسسة البحثية. وأوضح أن الحاجة باتت ماسة اليوم لمكافحة التطرف بين الشباب الإسلامي في أوروبا وخارجها, ومقاومة الفكر الأصولي بالفكر والمنهج الوسطي العقلاني الذي يدعو إلى الاعتدال. وقال إن المنظمات الأصولية التي تغذي التطرف بات عليها أن تغير من أفكارها الآيديولوجية وتتجه إلى منهج التسامح. وقال إنه من الضروري التصدي لأفكار الأصوليين وإظهار عدم انسجامهم مع الإسلام التعددي.

وأوضح ابن عثمان أنه من المهم أن يطلع العالم الغربي اليوم على تجربتين رائدتين في مكافحة التطرف, وهما التجربة الليبية الناجحة, والتجربة السعودية التي عرفت باسم برنامج «المناصحة»، وأثبتت جدواها إلى حد بعيد في إبعاد الإسلاميين عن مكامن الشرر, مشيرا إلى أن التجربتين السعودية والليبية أعطتا كما هائلا من المعلومات والمفاهيم لمكافحة التطرف والغلو. من جهته، قال ماجد نواز مدير مؤسسة «كويليام» إنه سعيد للغاية بانتقال ابن عثمان إلى خندق مكافحة التطرف الديني، بما له من تجارب متعددة في أوساط الجهاديين داخل وخارج أفغانستان, خاصة تجربة المراجعات التي كان له دور كبير فيها، مشيرا إلى أن ابن عثمان سينقل خبراته إلى الحكومات الغربية التي تعاني من ويلات التطرف بين الشباب الإسلامي. وماجد نواز هو المسؤول الدولي السابق عن التجنيد بجماعة حزب التحرير الإسلامية، الذي انشق عن التنظيم الأصولي بعد قضائه أربع سنوات في سجون مصر، بتهمة الانتماء للحزب، ونواز اليوم هو مدير مؤسسة «كويليام» البحثية لمكافحة التطرف الأصولي, وأوضح أنهم يريدون «تخليص الإسلام من الآيديولوجية العنيفة لتنظيم القاعدة».

وأوضح أنه تخلص من الأفكار الأصولية المتطرفة بطريقة التدرج خطوة خطوة، بل حاول أن يخترق حزب التحرير من الداخل بعد الإفراج عنه من سجن طرة بمصر، من أجل إحداث تغييرات هيكلية في أفكار الحزب تميل إلى التسامح ومنهج الوسطية المعتدل في الإسلام، وكتب زعماء الجماعة الإسلامية المقاتلة في ليبيا في أواخر عام 2009 دراسة تصحيحية لأفكار المتشددين، جاءت في 400 صفحة. ووثيقة المراجعات كانت ثمرة عامين من جهود المصالحة بين الحكومة الليبية وكبار قادة الجماعة الإسلامية المقاتلة في السجن، التي قادها سيف الإسلام ابن الزعيم الليبي معمر القذافي، التي توسط فيها نعمان بن عثمان، عضو مجلس شورى الجماعة السابق. وقال ابن عثمان، في حديث في لندن إنه بينما قرأ مثقفون عرب على نطاق واسع الدراسة، فإنها لن تكون ذات تأثير قوي إلا إذا دافع واضعوها عن آرائهم بأنفسهم في حوارات مع شبان تجذبهم الدعاية التي يروجها تنظيم القاعدة. وأوضح أن الجهاديين غير القادة هم الجماعة الأكثر خطورة، وهم بالمئات في ليبيا. وأشار إلى أن من بين الأعضاء الجدد في الحركات الإسلامية المتشددة في السنوات الأخيرة بعض الشبان الأكثر تطرفا، المدفوعين بما يحدث في العراق، والحوار مع هؤلاء صعب للغاية. وخاضت الجماعة الإسلامية المقاتلة الليبية اشتباكات دامية في شوارع المدن وفي الجبال في ليبيا في التسعينات، أسفرت عن مقتل عشرات الجنود ورجال الشرطة في محاولة فاشلة للإطاحة بالقذافي، جرى سحقها تدريجيا في السنوات الأخيرة من العقد الماضي.

وحارب ابن عثمان في أفغانستان من عام 1989 حتى 1992، حيث ارتبط بصداقة مع كل من بن لادن والمصري أيمن الظواهري، الرجل الثاني في تنظيم القاعدة، ومنظري «القاعدة» أبو مصعب السوري وأبو يحيى الليبي. وعاد في وقت لاحق إلى ليبيا ليعمل مع الجماعة الإسلامية المقاتلة الليبية، وأمضى فترة مع بن لادن في السودان, وفشل في إقناع بن لادن في اجتماع معه في أفغانستان عام 2000 بإنهاء حملته للجهاد العالمي.