نتنياهو يرفض اقتراحا أميركيا بلقاء مسبق للوفدين المفاوضين

مسؤول من عهد بوش: هناك تفاهم منذ سنتين حول الحدود والأمن ولا داعي للعودة إليهما

عمال فلسطينيون ينتظرون سيارات لنقلهم الى بئر السبع في صحراء النقب، امس (رويترز)
TT

قبل ساعات من انعقاد القمة الخماسية في واشنطن، حاول الأميركيون عقد لقاء بين الوفدين المفاوضين برعايتهم، على أمل التوصل إلى صيغة بيان مشترك لليوم الأول من المفاوضات، الذي ينعقد غدا، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، رفض ذلك؛ فعلى الرغم من أنه هو الذي يرفع لواء المفاوضات المباشرة، منذ سنة ونصف السنة، فقد أحجم عن إجراء لقاء مباشر كهذا، وأعلن أن المفاوضات المباشرة تبدأ أولا بينه وبين الرئيس الفلسطيني، محمود عباس أبو مازن.

واضطر المبعوث الرئاسي الأميركي إلى الشرق الأوسط، جورج ميتشل، إلى التنقل بين غرف الوفدين، والالتقاء بكل وفد على حدة. ثم توجه إلى البيت الأبيض للقاء الرئيس باراك أوباما وإبلاغه بما اتفقا عليه.

وكشف النقاب في تل أبيب في الوقت نفسه عن لقاء سري عقده وزير الدفاع، إيهود باراك، مع أبو مازن، أول من أمس، في عمان. وجرى اللقاء في بيت في العاصمة الأردنية. وبدا أنه لقاء طارئ، حيث إن باراك تواجد في عمان والتقى العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، وعاد إلى إسرائيل، ثم مرة أخرى سافر إلى عمان بالطائرة ليلتقي عباس. وقد امتنع باراك عن الإفصاح عن مضمون هذا اللقاء.

وكان نتنياهو قد وصل إلى واشنطن، أمس، مع الوفد المفاوض ووفد إعلامي كبير يضم متحدثين باللغات الإنجليزية والعربية والعبرية لشرح الموقف الإسرائيلي.

وخلال سفره بالطائرة، فاجأه الحاخام عوفاديا يوسيف، الرئيس الروحي لحزب «شاس» اليميني المتطرف برسالة يبارك فيها رحلته، ويعلن فيها تأييده لتجميد البناء الاستيطاني في جميع مستوطنات الضفة الغربية، بما في ذلك الكتل الاستيطانية الحدودية. ولكنه يشترط لذلك أن يتم التجميد بصمت، ومن دون ضجيج، وأن يترافق مع موافقة أميركية - فلسطينية على استئناف البناء في الأحياء اليهودية من القدس الشرقية المحتلة.

يذكر أن يوسيف كان قد هاجم أبو مازن والشعب الفلسطيني، وتمنى لهم الموت، باعتبارهم أعداء إسرائيل. وتعرض بسبب هذا الهجوم إلى انتقاد شديد من الإدارة الأميركية التي أدانت هذا التصريح. وصحح يوسيف تصريحه هذا بموقف يحدث شرخا في صفوف اليمين الإسرائيلي، الذي يعارض أي تجميد للبناء الاستيطاني.

وفي الوقت نفسه تلقى نتنياهو دعما من الرئيس الإسرائيلي، شيمعون بيريس، الذي قال إن إقامة دولة فلسطينية ديمقراطية منزوعة السلاح إلى جانب إسرائيل، هي الحل الوحيد لتحقيق السلام وضمان دولة ديمقراطية ذات أكثرية يهودية. وأضاف بيريس، الذي كان يتحدث أمام المؤتمر الصهيوني العالمي، أن نتنياهو يحظى بدعم الغالبية الساحقة من الشعب الإسرائيلي في مفاوضات السلام. وأبو مازن يحظى بدعم الغالبية الساحقة من الفلسطينيين والعرب في هذه المفاوضات. وأشاد بمواقف الدول العربية، وخصوصا الرئيس المصري حسني مبارك، والعاهل الأردني عبد الله الثاني. وقال: «هذه مظاهرة سلام جبارة، سيكون لها أثرها الإيجابي على نجاح المفاوضات».

من جهته، استبق نتنياهو السفر إلى واشنطن بلقاء الليلة قبل الماضية، مع المجلس العام للقيادات الميدانية لحزب الليكود، بمناسبة رأس السنة العبرية، الذي يصادف يوم الخميس المقبل. فرد على مهاجميه في اليمين بسبب المفاوضات على إقامة دولة فلسطينية، على عكس برنامج الحزب الانتخابي الذي يرفض هذه الدولة، فقال: «لست بحاجة إلى دروس في الوطنية من أحد. فأنا رئيس حكومة الليكود. والليكود يريد سلاما أبديا مع العرب، وهو الحزب الوحيد القادر على تحقيق مثل هذا السلام، وأسافر إلى واشنطن بعد أن أوضحت للجميع أن السلام ممكن، إذا عملنا على جعله سلاما أبديا خالدا. أنا لا أعمل من أجل هدنة بين الحرب والأخرى، ولا أريد سلاما يتخلله نشاط إرهابي، بل سلاما حقيقيا، يفضي إلى شراكة وتعاون بين الشعبين، وينهي الصراع إلى الأبد، ويتم من خلاله الاعتراف المتبادل بدولة الشعب الفلسطيني، ودولة الشعب اليهودي».

ورفض ننتياهو الأجواء المتشائمة التي تحيط بهذه المفاوضات، ولكنه وضع المسؤولية على الجانب الفلسطيني، وقال: «إذا وجدت أمامي قائدا فلسطينيا مستعدا لأن يكون شريكا حقيقيا وشجاعا للسلام، مثلما كان الرئيس المصري، أنور السادات، مع رئيس الوزراء الإسرائيلي الليكودي، مناحيم بيغن، فإن السلام ممكن بشكل مؤكد».

والجدير بالذكر أن ستيف هادلي، نائب رئيس مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض في عهد الرئيس السابق، جورج بوش، أدلى بتصريحات متفائلة أثارت اهتماما واسعا في إسرائيل، إذ قال: «فشل المفاوضات هذه المرة سيؤدي إلى مصيبة خطيرة. ولكن هناك أسبابا كثيرة تجعل التفاؤل أقوى من التشاؤم في هذه المحاولة». وأضاف أن الفلسطينيين والإسرائيليين من عهد إيهود أولمرت، اتفقوا على قضيتين كبيرتين لتسوية الصراع، هما قضيتا الحدود والأمن، ولا حاجة للعودة إلى التفاوض حولهما من جديد.

فإذا توفرت النوايا الطيبة، يمكن التقدم بسرعة إلى القضايا الأخرى، وإنجاز اتفاق سلام في غضون شهور قليلة.