فرنسا: القضاء يبطل متابعة دبلوماسي جزائري اتهم باغتيال معارض في باريس

مصادر ترجح تسوية القضية على مستوى سياسي عال في البلدين

TT

قال شقيق دبلوماسي جزائري اعتقلته فرنسا في وقت سابق بتهمة اغتيال معارض جزائري في باريس، إنه استفاد من إبطال المتابعة القضائية.

ورجحت مصادر تابعت القضية منذ عامين، أن تكون القضية قد تمت تسويتها على مستوى سياسي عال بين الدولتين، بعد أن تسببت في توتر حاد في العلاقات الثنائية.

وأفاد شقيق مدير التشريفات بوزارة الخارجية، محمد زيان حسني، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، أن تهمة تدبير جريمة اغتيال المعارض علي مسيلي (عام 1987) سقطت عنه نهائيا، بموجب قرار من محكمة الاستئناف بباريس صدر أمس.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن دفاع حسني قوله إنه «لم يعد معنيا» بقضية المحامي مسيلي، ناشط حزب «جبهة القوى الاشتراكية» بفرنسا سابقا، وهو أقدم حزب معارض بالجزائر، ويتزعمه رجل ثورة التحرير، حسين آيت أحمد.

وذكر شقيق زيان أن قرار القضاء الفرنسي «يعطي مصداقية للرواية التي قدمتها عائلته عندما اعتقل في فرنسا (2008)، فقد قلنا إن الأمر يتعلق بتشابه أسماء لا غير».

وترى العائلة ودفاع حسني أن الشخص الذي يبحث عنه القضاء الفرنسي يسمى «حساني» وليس «حسني».وقال مصدر قضائي جزائري لـ«الشرق الأوسط» إن دفاع الدبلوماسي وضع بين يدي قاضي التحقيق المكلف الملف وثائق مستخرجة من مسقط رأسه بطولقة (400 كلم جنوب شرقي الجزائر العاصمة) تثبت أن اسمه حسني وليس حساني. وأرفق الدفاع شهادة ميلاده بعريضة، حسب المصدر، ورد فيها أن محمد زيان «ضحية تشابه أسماء». وتعتقد العائلة أن الشخص الذي تتهمه النيابة الفرنسية بتدبير عملية اغتيال مسيلي (47 سنة)، موظف جزائري سابق في سفارة بإحدى دول أوروبا الشرقية.

وسمحت النيابة الفرنسية لحسني بمغادرة فرنسا في نهاية 2009، بعد أكثر من عام من وضعه تحت الرقابة القضائية، واحتفظت بالتهمة التي وجهتها له ثم أسقطتها عنه ومنحته وضعا قانونيا بين شاهد ومتهم.

وذكر المصدر القضائي أن حالة حسني ازدادت تعقيدات أمام القضاء الفرنسي، عندما شهد ضده ضابط سابق في الجيش الجزائري لاجئ بألمانيا.

ومن المفارقات أن نفس الضابط كان سببا غير مباشر، حسب المصدر، في «انتفاء وجه الدعوى العمومية» عنه، لأنه تراجع عن تصريحات سابقة جاء فيها أن محمد زيان حسني شارك في تدبير عملية الاغتيال.

وقال شقيق حسني: «لقد أخذت القضية أبعادا سياسية بكل تأكيد، وإلا فكيف نفسر أن أخي لم يتعرض للاعتقال ولا لأي نوع من الاستجواب بفرنسا، رغم أنه زار فرنسا عشرات المرات وتنقل بين مدنها منذ 1987».

ورفض قضاة فرنسيون مكلفون الملف، طلب إسقاط المتابعة ضد محمد زيان في أبريل (نيسان) الماضي، مما دفع وزارة الخارجية الجزائرية إلى استدعاء السفير الفرنسي لتبلغه «انشغالها العميق» بسبب هذا الرفض. وعبرت سفارة الجزائر لدى باريس عن «أسف الجزائر لتوظيف آلة قضائية من أجل البحث عن الجاني». وذكرت بأن حسني خضع للحمض النووي الريبي منقوص الأكسجين، ولدراسة خط اليد، «ولم ينتج عن الاختبارات ما يفيد بأنه الشخص المبحوث عنه».

واعتبرت السلطات الجزائرية قضية حسني بمثابة إهانة لدولة بكاملها، وزادت القضية في تأزيم العلاقات الثنائية المتوترة أصلا بسبب رواسب التاريخ المشترك المرتبط بالاستعمار (1830 - 1962).

وترى مصادر تابعت الملف، أن النهاية التي وصل إليها الملف تعكس تسوية على مستوى سياسي عال، وبأن ذلك قد يكون بداية لإنهاء حالة الجفاء بين البلدين.