عون لـ«السينودس»: نطالب الفاتيكان بالعمل مع الغرب لوقف محاولات «أبلسة» الإسلام

ناشد البابا الضغط على إسرائيل لوقف تهويد القدس

TT

تتوجه أنظار المسيحيين المشرقيين في الفترة الممتدة بين 10 و24 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل إلى روما، حيث ينعقد «السينودس من أجل الشرق الأوسط» برئاسة البابا بنديكتوس السادس عشر، لبحث مآل المسيحيين في المشرق، للمرة الأولى في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية.

ويأتي انعقاد هذا السينودس الاستثنائي والعميق في توقيته ودلالاته في مرحلة يعاني فيها مسيحيو الشرق، تحديدا في العراق وفلسطين، من تضييق وحركة تهجير نازفة، فضلا عن الهجرة الطوعية من بلدان أخرى، كما هو الحال في لبنان.

وانطلاقا من أهمية هذه المحطة الجامعة لكرادلة الفاتيكان والمطارنة والأساقفة والرهبان، التي تعكس مدى اهتمام روما بمسيحيي الشرق من جهة، وطبيعة التحديات الكبرى التي تواجههم من جهة ثانية، استبق رئيس تكتل التغيير والإصلاح، النائب ميشال عون، انعقاد السينودس بتوجيه رسالة إلى البابا بنديكتوس والسينودس من أجل المشرق، أعلن مضمونها بالأمس في ندوة عقدها في بيروت، شارك فيها حضور «نخبوي» من أساتذة جامعات ورجال دين وعدد من نواب تياره وكوادره.الدعوة إلى التعايش المسيحي - الإسلامي في العالم أجمع، وليس في لبنان فحسب، انطلاقا من كون الديانتين المسيحية والإسلامية «ديانتين كونيتين»، وصرخة من صميم الواقع المسيحي في الشرق، أطلقها عون، وهو أحد أبرز الزعماء الموارنة في لبنان الطامحين إلى لعب دور مسيحي طليعي ليس في الداخل فحسب، بل على صعيد المنطقة أيضا.

واستباقا لأي اجتهاد أو انتقاد قد تستدعيه رسالته هذه، أوضح عون أن «الرسائل ليست نتيجة تخيل لكننا بأبعادها نستشرف ما يحصل في العالم»، مشيرا إلى أن «الصرخة أقوى هذه المرة، ونحن اللبنانيين مؤهلون للعب دور ريادي فيها، انطلاقا من التجارب التي مررنا بها منذ السبعينات».

وشدد على «أننا لا نوجه رسالة، بل نطلب من البابا والكنائس المشرقية والحكومات مواقف وعملا».

في الرسالة التي أرفقها بدراسة، وثيقة بعنوان «في حال ومآل المسيحيين المشرقيين»، أعدها الدكتور غسان الشامي، رأى عون فيها أنه «من الخطأ مقاربة الواقع المشرقي الحالي من منطلق أقليات وأكثريات، لأن هذه البلاد ثمرة تراكم معرفي ثقافي لشعوب كثيرة وديانات شتى منذ ما قبل التوحيد، تراكم جمعته الأقليات والأكثريات معا في مزيج عز نظيره وتقلبات غيرت التوجهات السياسية وأبقت على التنوع المجتمعي والثقافي داخل الجغرافيا».

وأمام تحول المسيحيين إلى جماعات أقلية في الشرق، اعتبر أنه «لطالما كانت هنالك أكثرية باتت أقلية وبالعكس، وهذا نموذج للغنى الروحي يقتضي منا المحافظة عليه مع التشبث بهذا المشرق».

وشدد على أن «المشرقيين ينتظرون من الفاتيكان بما يمثله من سلطة روحية لدى الكاثوليك، ومعنوية بالنسبة إلى العالم، وحضور لكرسي بطرس في قلوب المؤمنين، كما ينتظرون من رؤساء الكنائس الأرثوذكسية والبروتستانتينية، العمل لدى حكومات وإدارات العالم الغربي لوقف محاولة (أبلسة) الدين الإسلامي الذي يؤمن به أكثر من مليار إنسان، في تقاليده وعاداته».

وطالب بأن «تتم الدعوة إلى النظر في جوهره ونصه الديني الأصلي فقط، لا من خلال أفعال مجموعات تكفيرية إرهابية، يرى المسلمون أنفسهم أنهم ضحاياها مثل بقية العالم، وأنها لا تمت إلى دينهم بصلة»، موضحا أن «الاستمرار في إطلاق نعوت التطرف على الدين الإسلامي وتعميم مفهوم الرهاب الإسلامي (الإسلاموفوبيا) سيؤدي حتما إلى مزيد من الصدامات وعدم الاستقرار في المشرق والعالم، وربما إلى صراع ديانات وحضارات لا نهاية له إلا التدمير الذاتي للعالم».

ولفت إلى أن «المسيحيين ينتظرون من الحبر الأعظم ممارسة الضغط على إسرائيل لوقف تهويد القدس وإحلال السلام في المشرق بناء على قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة والسعي لوقف هجرة الأقوام التاريخية من آشوريين وكلدان وسريان». وأضاف: «كما ينظرون إلى الكرسي الرسولي كمساعد على ترسيخ حضورهم في بلادهم ووقف تهجيرهم أو هجرتهم منها، وبخاصة في فلسطين والعراق ولبنان، في ظل سياسات تديرها حكومات غربية ودولة إسرائيل للوصول إلى هذه النتيجة».

ولم تخل مناقشة الرسالة بعد تلاوتها من رسائل سياسية وروحية وجهها عون إلى الداخل والخارج على حد سواء، فأشار إلى أن «ما من طبيب بإمكانه أن يشفي مريضا ما لم يتناول الأخير الدواء». وقال: «بإمكاننا أن نطلب المساعدة، لكن لأحد يحل مكاننا، ومن الجيد سماع رأي الخارج، ولكن لا يجب العمل بتوصياته».

وأكد أنه «على الرغم من أننا وصلنا اليوم إلى أدنى نقطة في الانحناء، فإننا نستطيع استنهاض قوانا بما نتملك من العقل والجهود»، معتبرا أن «صوتنا ليس في الصحراء، وإذا لم يسمعوه فعندها سيتصحر المشرق».