النقابات تتحدى ساركوزي بثاني إضراب ومظاهرات خلال شهر

احتجاجا على مشروع لرفع سن التقاعد من 60 إلى 62 عاما

عمال فرنسيون يتظاهرون في مدينة نيس الجنوبية أمس (ا.ب)
TT

أعربت النقابات والحكومة الفرنسية كل من جهته أمس عن ارتياحها، إذ أكدت النقابات أنها كسبت رهانها بتعبئة مئات آلاف المتظاهرين ضد مشروع إصلاح نظام التقاعد، فيما أعلنت السلطة عن تراجع عدد المضربين. وللمرة الثانية في أكثر من أسبوعين، دعي الموظفون الفرنسيون ليوم إضراب ومظاهرات احتجاجا على مشروع الإصلاح الذي يعتبر من المشاريع الكبرى في النصف الثاني من ولاية الرئيس نيكولا ساركوزي.

وأكد فرنسوا شيريك السكرتير العام للاتحاد الديمقراطي الفرنسي للعمل (سي اف دي تي) متقدما المظاهرة الباريسية أن المعارضين للمشروع «كسبوا» الرهان. وأضاف: «ما ننتظره من الحكومة هو أن تتخذ قرارا بمراجعة إصلاحها وصياغة إصلاح آخر».

ورفع المتظاهرون لافتات كتب عليها «أسرى العمل» و«إلى التقاعد ساركوزي، عنصري» في إشارة إلى الجدل الذي قام أخيرا حول عمليات طرد الغجر من فرنسا. وقدرت النقابات عدد المشاركين في مظاهرة باريس بـ300 ألف ما يفوق بثلاثين ألفا عدد المتظاهرين في 7 سبتمبر (أيلول) الحالي، فيما لم تحص الشرطة سوى 65 ألف متظاهر أي أقل بـ15 ألفا من عددهم قبل أسبوعين. وهذا التباين الكبير في تقدير حجم المتظاهرين في العاصمة يبرر التباين في تقدير حجم التحركات على المستوى الوطني بين النقابات والحكومة.

وبعدما أقر النص في قراءة أولى في الجمعية الوطنية على أن يتم بحثه في الخامس من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل في مجلس الشيوخ، كانت النقابات تأمل في تحقيق تعبئة تفوق بحجمها تحركات اليوم الاحتجاجي السابق في السابع من سبتمبر والذي جمع أكثر من مليون متظاهر في شوارع فرنسا بحسب الشرطة ومليونين و900 ألف متظاهر بحسب النقابات.

وقال الأمين العام للاتحاد العام للعمل (يسار) برنار تيبو إن تعبئة (أمس) «قريبة من (تعبئة) السابع من سبتمبر». وبحسب أرقام وزارة الداخلية فقد تم إحصاء «أقل بقليل من 410 آلاف متظاهر» في جميع أنحاء فرنسا في منتصف نهار أمس، مقابل 450 ألفا في الساعة ذاتها من السابع من سبتمبر. وأفاد قصر الإليزيه أيضا عن تراجع عدد المضربين، موضحا أن «هذا يعني في تحليل أولي أن الفرنسيين إما يعتبرون أن المسألة برمتها باتت خلفهم، أو أنهم باتوا أكثر تأييدا» لمشروع الإصلاح.

وطالت الإضرابات بشكل أساسي حركة القطارات والطائرات وكذلك المدارس التي أقفل بعضها أبوابه. وشهدت المطارات يوما أسود مع إلغاء 40% من الرحلات، وقد وصلت هذه النسبة إلى 50% في حركة النقل في مطار اورلي الباريسي بالمقارنة مع 25% في السابع من سبتمبر. وفي المقابل، سجل قدر أقل من الاضطرابات في حركة القطارات إذ ظلت الرحلات الدولية شبه طبيعية بعدما توقعت الشركة الوطنية للسكك الحديد إلغاء نصف رحلات القطارات السريعة. وقد قدرت إدارة الشركة نسبة المضربين بـ37% فيما قدرتها النقابات بنحو 50% في تراجع طفيف عن نسبة اليوم الاحتجاجي السابق.

وينص الإصلاح موضع الجدل على رفع الحد الأدنى للسن التقاعدي من ستين إلى 62 عاما بحلول عام 2018. وتعتبر الحكومة أن تأخير سن تقاعد الفرنسيين هو الخيار الأفضل لضمان تمويل تقاعدهم الذي تقدر حاجاته بسبعين مليار يورو بحلول 2030. وتنتظر النقابات من مجلس الشيوخ أن «يحد من الظلم» الذي يتضمنه المشروع بنظرها معتبرة أنه يلقي بعبء الإصلاح على الأقل دخلا، ومن المقرر أن تلتقي الجمعة لتحديد الخطوات التالية لتحركها.

وقد يقوم نيكولا ساركوزي الذي سبق ووافق على بعض التعديلات بعد التظاهرات السابقة، ببادرة جديدة لصالح المعوقين أو النساء أو العاطلين عن العمل من المتقدمين في السن.