الصومال: مصرع وإصابة 80 شخصا في اشتباكات دموية في مقديشو

الممثل الخاص للأمم المتحدة في الصومال: نأمل أن تضع استقالة شرماركي حدا للانقسامات الداخلية

سبعة قراصنة صوماليين في قاعة إحدى المحاكم في مومباسا بكينيا يستمعون الى حكم بإدانتهم وسجنهم خمس سنوات (أ ب)
TT

قتل 20 شخصا على الأقل وأصيب أكثر من 60 آخرين في اشتباكات بين قوات الحكومة الصومالية التي تساندها قوات الاتحاد الأفريقي، ومقاتلي حركة الشباب المجاهدين المعارضة. وسقط معظم القتلى والجرحى في سوق «البكارو» المزدحمة التي تعرضت لقصف مكثف من قوات الحكومة وقوات الاتحاد الأفريقي. واندلعت الاشتباكات بعد أن شن مقاتلو حركة الشباب المجاهدين والحزب الإسلامي المعارضين هجمات متزامنة على مواقع قوات الحكومة الصومالية وقوات الاتحاد الأفريقي في أنحاء مختلفة من شرق ووسط العاصمة. وواكب الاشتباكات قصف مدفعي كثيف كان معظمه يأتي من مواقع قوات الحكومة الصومالية وقوات الاتحاد الأفريقي، وسقط معظم القتلى والجرحى في سوق البكارو المزدحمة جنوب العاصمة.

وقد أصبحت هذه السوق التي يسيطر عليها المسلحون الإسلاميون هدفا لصواريخ القوات الحكومية وقوات الاتحاد الأفريقي في كل مرة تتعرض فيها القوات الحكومية أو قوات الاتحاد الأفريقي للهجوم. ويبدو أن المقاتلين الإسلاميين قصدوا من هجوم اليوم إرسال رسالة إلى القمة الدولية المصغرة التي تعقد اليوم في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، تلك القمة التي يشارك فيها الرئيس الصومالي شريف شيخ أحمد الذي يبحث عن دعم دولي لحكومته التي يهددها الإسلاميون المسلحون المعارضون.

وإلى جانب التهديد العسكري من قبل الفصائل الإسلامي المعارضة فإن الحكومة الصومالية تواجه أيضا تهديدا سياسيا بعد الخلافات بين الرئيس ورئيس الوزراء التي أدت إلى استقالة الأخير. وتعتمد الحكومة الصومالية التي تسيطر فقط على جزء صغير من العاصمة مقديشو في بقائها حاليا على نحو 8 آلاف جندي من قوات الاتحاد الأفريقي، ولم تفلح بعد في استعادة السيطرة علي كامل العاصمة فضلا عن المناطق الأخرى من البلاد. على صعيد آخر، كلف الرئيس الصومالي شريف شيخ أحمد، نائب رئيس الوزراء المنصرف، عبد الواحد علمي، بتصريف أعمال الحكومة، لحين تعيين رئيس وزراء جديد. وأفادت مصادر دبلوماسية صومالية يقال إن علمي نفسه من المرشحين لخلافة شرماركي، وينتمي إلى قبيلة «الداروت» التي من المقرر أن يؤول إليها منصب رئيس الوزراء خلفا لشرماركي المستقيل. في هذه الأثناء.. حذر سياسيون صوماليون بارزون من تكرار الأخطاء السياسية التي وقعت خلال السنوات الماضية عند اقتراب الفترة الانتقالية من الانتهاء، ووقعت هذه الأخطاء أثناء فترة حكم الرئيس الأسبق عبد القاسم صلاد حسن الذي اختلف مع رئيس وزرائه الأول، علي خليف جلير، ثم مع رئيس وزرائه الثاني حسن أبشر فارح، وانتهت بخروج الرئيس عبد القاسم من السلطة عام 2004. وتكرر الشيء نفسه مع الرئيس السابق عبد الله يوسف الذي اختلف أيضا مع رئيس وزرائه الأول علي محمد جيدي، ثم مع رئيس وزرائه الثاني نور عدي، الأمر الذي أدى إلى خروج الرئيس يوسف من السلطة عام 2009. والجامع في هذه الحكومات هو أن الخلافات عصفت بها مع اقتراب فترة ولايتها من الانتهاء. ويرى المراقبون أنه ليس من المستبعد أن يتكرر السيناريو نفسه مع الرئيس الحالي شريف شيخ أحمد الذي تخلص من رئيس وزرائه الأول عمر شرماركي ويستعد لتعيين الثاني خلال أسابيع قليلة. ويعزو المراقبون تكرار هذه الأزمة على مر السنين إلى الدستور الصومالي الانتقالي الذي يعطي رئيس الدولة صلاحية تعيين رئيس الوزراء فقط، من دون سلطة إقالته أو حل الحكومة، مما يجعل الأزمة معقدة عند حدوث أي خلاف بين مؤسستي الرئاسة ورئاسة الوزراء، مما يجعل الأمر مرتبطا بموقف البرلمان الذي يملك صلاحية حجب الثقة عن الحكومة، وإقالة رئيس الدولة أيضا، وهو أمر عسير سياسيا لأن البرلمان الصومالي يتكون من 550 عضوا ويضم خليطا من ممثلي القبائل متضاربة المصالح، وهو ما يجعل مسائل من قبيل إقالة الرئيس أو رئيس الوزراء أمرا متعذرا من الناحية العملية، وبناء على هذه التعقيدات لم يتوصل البرلمان الصومالي إلى نتيجة حاسمة فيما يتعلق بشأن الخلافات بين الرئيس شريف شيخ أحمد ورئيس الوزراء عمر شرماركي إلى أن قدم الأخير استقالته يوم الثلاثاء الماضي.

في هذه الأثناء، أعرب الممثل الخاص للأمم المتحدة في الصومال أوغستين ماهيغا عن أمله في أن تكون المؤسسات الانتقالية للحكومة الصومالية متماسكة وموحدة، وأن تضع استقالة رئيس الوزراء المنصرف عمر شرماركي حدا للانقسامات الداخلية التي شلت قدرة الحكومة على أداء مهامها الأساسية.

وقال ماهيغا في بيان صحافي «إن قرار رئيس الوزراء شرماركي للتنحي عن منصبه خطوة تاريخية، لمصلحة السلام والاستقرار في الصومال، وإنه يأمل أن تكون المؤسسات الانتقالية الصومالية متماسكة وموحدة». وأضاف البيان «بقي أقل من عام من موعد انتهاء الفترة الانتقالية للحكومة الحالية، لذا يجب أن تبقى القيادة الصومالية متماسكة للتركيز على عملها، لأن هناك قدرا هائلا من العمل الذي يتعين إنجازه قبل انتهاء ذلك الموعد». وتابع البيان «يدعو الممثل الخاص للأمم المتحدة في الصومال مرة أخرى جميع الذين يؤيدون السلام والأمن لإثبات أنهم قادرون على العمل معا بطريقة متماسكة. المجتمع الدولي والشعب الصومالي يتوقعون من القادة الصوماليين الحاليين والذين يأتون بعد ذلك أن يتوحدوا، بدل أن تتكرر الأزمات السياسية بينهم، وينبغي ألا يكون هناك أي مبرر لتوقف قطار عملية السلام في الصومال».