بالقرب من الجامع الأموي الشهير بدمشق وبجانب الحائط الشمالي يقع ضريح القائد الإسلامي صلاح الدين، حيث يؤم الضريح الكثير من الزوار والسياح من مختلف البلدان والجنسيات ليشاهدوا ضريح هذا القائد التاريخي الفذ الذي هزم الصليبيين واسترد القدس الشريف منهم في معاركه البطولية الشهيرة.
ويتميز الضريح في موقعه المهم وعمارته الجميلة، فهو يقع في المدرسة العزيزية التي بناها الملك العزيز عثمان بن صلاح الدين وضمت تربة والده البطل.
* تاريخ الضريح
* تذكر الباحثة غفران الناشف، ان الأفضل بن صلاح الدين قام بشراء منزل أحد الصالحين في حي الكلاسة قرب الجامع الأموي وبنى فيه قبة لتكون مدفناً لوالده صلاح الدين الذي توفي سنة 589هـ ودفن بقلعة دمشق أولا ثم نقل رفاته إلى تربته المذكورة وذلك في سنة 592هـ. وعندما دخل الملك العزيز عثمان بن صلاح الدين دمشق سنة 593هـ أمر ببناء المدرسة العزيزية إلى الشرق من القبة واتصلت بذلك المدرسة بقبة صلاح الدين حتى صارت وكأنها تابعة للمدرسة. وفي سنة 1137هـ كسيت جدران التربة بالقاشاني الأزرق. وقد تعرض قسم من هذه المدرسة للخراب، وفي أوائل القرن العشرين أمر والي دمشق التركي (ضيا باشا) بجعل المدرسة المهدمة حديقة وضمها إلى مدفن صلاح الدين. والخلاصة أن الأفضل بنى التربة سنة 592هـ والعزيز بنى المدرسة سنة 593هـ ولم يبق من المدرسة اليوم إلا المحراب وقوس المدخل الشرقي الذي أصبح حديقة التربة.
* تربة صلاح الدين
* قبل الدخول للتربة الحالية يوجد قبر متواضع ذكره الدكتور قتيبة الشهابي في كتابه مشيدات دمشق ذوات الأضرحة مكتوب عليه مقام الملك الأشرف موسى وهو موسى الأشرف بن محمد العادل بن أبي بكر محمد بن أيوب مظفر الدين أبو الفتح من ملوك الدولة الأيوبية مولده بالقاهرة وقيل بقلعة الكرك ووفاته بدمشق (578 ـ 635هـ / 1182 ـ 1237م)، أما تربة صلاح الدين فتتألف من مدفن تعلوه قبة محززة تستند إلى رقبة مضلعة وهي ضريح صلاح الدين وهو يوسف بن أيوب الملقب بالملك الناصر، ولد بتكريت، ودخل دمشق سنة 570هـ عمل على الإصلاح الداخلي ودفع غارات الصليبيين ومهاجمة حصونهم وصاحب يوم حطين وفيه تم تحرير البلاد الإسلامية وفتح بيت المقدس سنة 583هـ بنى المدارس والمستشفيات، توفي بدمشق ودفن بالقلعة أولا، كانت مدة حكمه بمصر 24 سنة وفي بلاد الشام 19 سنة. خلف من الأولاد 17 ذكراً وأنثى وحيدة.
ويلاحظ الزائر لمدفن صلاح الدين وجود ضريحين: الأول رخامي فارغ يعود صنعه لسنة 1295هـ كتب عليه: هدية من الامبراطور غليوم الثاني خلال زيارته لدمشق سنة 1898م، وذلك أيام السلطان عبد الحميد الثاني. أما الضريح الثاني فمصنع من خشب الجوز المحفور المزين بالنقوش المتشابكة المزهرة القائمة في ثناياه كتابة كوفية فيها آية الكرسي وهو الضريح الأصلي.
* الفسحة السماوية
* وهناك أيضاً الفسحة السماوية المجاورة للضريح، وهي حديقة مبلطة فيها بحيرة وأشجار مثمرة وقبور خمسة، ثلاثة منها لطيارين أتراك وهم: صادق بك وفتحي بك ونوري بك، والقبران الآخران هما: لطبيب الثورة السورية الكبرى الشهيد الدكتور عبد الرحمن بن صالح الشهبندر (1882 ـ 1940م)، والثاني لفقيد العرب الكبير ياسين بن سليمان الهاشمي (1882 ـ 1937م) زعيم العراق السياسي في عصره. وقد تولى رئاسة الوزارة مرتين في العراق. رحل إلى بيروت سنة 1936 توفي فيها ودفن في دمشق، كان واسع الأفق كما يقول الزركلي في كتابه الأعلام ومسموع القول في العراق وبلاد الشام.
* ترميم الضريح
* جرت أخيرا عمليات ترميم لضريح صلاح الدين، وكانت قد أجريت عليه تحسينات وأنشئ مدخل رئيسي له من الحجر المنحوت. أما الترميمات الأخيرة فقد أجريت على الضريح والبناء بشكل كامل، حيث تم طلاء الجدران وتبييضها وأعيد لها اللون الزاهي، ويستقطب الضريح يومياً مئات السياح العرب والأجانب، خاصة أن موقعه القريب من الجامع الأموي وسوق الحميدية، جعل أغلب السياح الذين يزورون دمشق القديمة يتجهون لزيارة ضريح صلاح الدين.
=