جمود مطبق في أسواق الذهب السورية والمبيعات تراجعت 90%

مستثمرو وأغنياء سورية يلجأون للاستثمار في المعدن الأصفر

لجأ الصاغة السوريون إلى ابتداع وسائل بيع من أجل إحداث بعض التنشيط في السوق عبر البيع بالتقسيط (أ.ف.ب)
TT

دخلت سوق الذهب في سورية حالة من الجمود المطبق مع ارتفاع أسعاره إلى مستويات غير مسبوقة على الإطلاق وتوجيه السوريين ميزانياتهم لسد نفقات المدارس وقبلها نفقات رمضان والعيد.

ويأتي هذا الركود بعد موسم سيئ، بحسب جورج صارجي رئيس جمعية الصاغة الذي جزم «بأن مبيعات الذهب المشغول في السوق المحلية تراجعت أكثر من 90 في المائة في موسم الصيف، والمفترض أن بيع الذهب يبلغ الذروة فيه مع انتشار الأعراس وعودة المغتربين».

وكان صارجي أطلق توقعات قبل أشهر بأن يصل سعر الذهب في السوق المحلية إلى 2000 ليرة للغرام الواحد قبل نهاية العام الحالي، وعندما سألته «الشرق الأوسط» ما إذا كان مصرا على توقعاته، قال «بل سيتجاوز عتبة الـ2000 ليرة، مما يعني مزيدا من الركود في حرفة الذهب بسبب الوضع الاقتصادي لغالبية الشعب السوري»، مشيرا إلى «أن الذهب تضاعف أكثر من أربع مرات منذ بداية القرن الحالي»، وموضحا «أن الأسواق المحلية ستظل تدفع ثمن فشل الدول الكبرى في حل الأزمات الاقتصادية وإفلاس بعض الدول والخسائر المتلاحقة في عدد من القطاعات الاقتصادية وفي مقدمتها العقارات».

وبالنظر إلى سوق الذهب السورية، فإنه يلاحظ وبحسب المعلومات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» توجه عدد لا بأس به من الأغنياء والمستثمرين السوريين، ومنذ بدء ارتفاع أسعار الذهب، إلى شراء كميات منه بغية تحقيق مكاسب تعتمد على المراهنة على ارتفاع أسعاره، ومما ساعد على هذا التوجه نمو الاستثمار في الذهب وتراجع الدولار.

وذكر مازن ح، رجل أعمال سوري «أنه توجه للاستثمار في الذهب محليا وخارجيا منذ نحو 3 سنوات، وقد حقق مكاسب ممتازة نتيجة مراهنته على ارتفاع الأسعار».

في المقابل، لجأ الصاغة إلى ابتداع وسائل بيع لم تكن متبعة في السابق من أجل إحداث بعض التنشيط في السوق، عبر البيع بالتقسيط ضمن حالات معينة، والاعتماد على استبدال الذهب بمشغولات جديدة مع دفع الفارق.

يقول مجد الشامي، صائغ في منطقة القصاع حيث يوجد عدد كبير من المغتربين السوريين الذين يزورون ذويهم سنويا، «إن مبيعاته خلال الصيف الماضي لا تشكل سوى 10 في المائة من مبيعاته قبل عامين»، ملاحظا إحجام المغتربين عن شراء الذهب الذي عادة ما يشترونه إما للادخار وإما لتقديمه هدايا لذويهم وأصدقائهم في بلاد الاغتراب. ويضيف الشامي «تراجع اعتماد العرسان على الذهب واكتفوا في كثير من الأحيان بـ(الدبل)، هذا إن لم يلجأوا إلى الفضة».

في المقابل، تحدث مصطفى حمزة، صائغ في سوق الحريقة العريقة وسط دمشق، عن «منافسة الذهب الروسي الرخيص، ولجوء حتى العرسان إليه كنوع من المظاهر، خاصة أن موديلات الذهب الروسي تأتي عصرية، ومن الصعب على الناس العاديين تمييزها عن الذهب الحقيقي».

يقول أحمد عز الدين، موظف في مؤسسة حكومية، «إنه لجأ وبسبب العادات إلى شراء ذهب روسي بالاتفاق مع عروسه من أجل تلبية رغبات ذوي الفتاة ولو مؤقتا ريثما يتم الزفاف ويتيسر». هذا وتنتشر محلات الذهب الروسي بكثرة في المدن السورية وتحقق مبيعات جيدة، ويوجد في دمشق وحدها ما يزيد على الـ50 محلا، وكثيرا ما تجاوز محلات الذهب الحقيقي وتنافسها في عقر دارها، حيث لا تتجاوز أسعار الذهب الروسي ما بين 5 إلى 10 في المائة من أسعار الذهب الحقيقي.

وأمام هذا الوضع، بدأت حرفة الذهب بالتقلص في سورية، وبحسب جورج صارجي رئيس جمعية الصاغة، فإن أكثر من 60 في المائة من العاملين في الحرفة تحولوا إلى مهن أخرى بسبب جمود السوق، كما غير الكثير من الصاغة عملهم خوفا من تكبد المزيد من الخسائر وتجميد أموالهم في سلعة لم تعد كما كانت في الماضي، خاصة مع التقلبات التي تسيطر على أسواق الذهب العالمية وانعكاسها على السوق المحلية، هذا بالإضافة إلى تقلص عدد الورش إلى أقل من 15 في المائة عما كانت عليه قبل 5 سنوات.