العراق: إرجاء تعداد السكان إلى ديسمبر بعد خلافات بين العرب والأكراد

إجراءات أمنية عراقية - أميركية لحماية المدنيين من التهجير في كركوك

جانب من المؤتمر الصحافي المشترك بين القيادات الأمنية العراقية والاميركية في مدينة كركوك أمس (أ.ف.ب)
TT

أعلن مصدر في وزارة التخطيط العراقية تأجيل إجراء التعداد السكاني الذي كان مقررا الشهر الحالي إلى 5 ديسمبر (كانون الأول) المقبل! بسبب الخلافات بين العرب والأكراد في نينوى وكركوك. جاء ذلك بينما شرعت قوات عراقية وأميركية مشتركة باتخاذ تدابير أمنية لتلافي حدوث عملية تهجير للسكان المدنيين في مدينة كركوك المتنازع عليها.

وأوضح المصدر، مفضلا عدم الكشف عن اسمه، أن «اجتماعا عُقد بعد ظهر اليوم (أمس) تقرر خلاله تأجيل إجراء التعداد السكاني إلى 5 ديسمبر المقبل». وأضاف أن «التأجيل يأتي بسبب المشكلات بين العرب والأكراد في المناطق المتنازع عليها في محافظتي كركوك ونينوى».

من جهته، قال مهدي العلاق، وكيل وزارة التخطيط، لوكالة الصحافة الفرنسية: «إن موعد التعداد تأجل حتى 5 ديسمبر، بغية استكمال المناقشات حول المسائل العالقة». وأضاف: «عقد اجتماع لمجلس الوزراء اليوم (أمس) خاص بموضوع التعداد السكاني، وتمت مناقشة الوضع الحالي وإبداء المرونة في موعد التعداد». وتابع: «إن المناطق المتنازع عليها هي الأمر الرئيسي» وراء تأجيل الموعد.

يشار إلى أن المناطق المتنازع عليها موزعة إداريا ضمن 12 قضاء في خمس محافظات، أبرزها كركوك بجميع مناطقها.

وتشمل المناطق المتنازع عليها في محافظة نينوى: كبرى مدنها الموصل، فضلا عن الحمدانية وتلكيف وبعشيقة وقره قوش (مسيحيون) وسنجار وزمار وشيخان وسكي كلك (أكراد من الأيزيديين) وتلعفر (الغالبية تركمان شيعة) ومخمور (الغالبية عربية).

كان رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي قد أعلن مجددا، قبل 10 أيام، أن التعداد سيجري في موعده المحدد في 24 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، على الرغم من إعلان عرب كركوك والموصل معارضتهم ذلك قبل مدة.

يذكر أن العرب والتركمان في محافظة كركوك، الغنية بالنفط ومتعددة القوميات، يطالبون منذ فترة بتأجيل الإحصاء السكاني، متهمين الأكراد باستقدام «مئات الآلاف» من بني جلدتهم لتحقيق تغيير ديموغرافي يمهد لضمها إلى إقليم كردستان.

ويؤكد قادتهم أن سكان كركوك كانوا نحو 835 ألف نسمة قبل عام 2003، بينما يبلغ تعدادهم اليوم مليونا و650 ألفا وفق البطاقة التموينية، وبعد رحيل نحو 250 ألف عربي من المحافظة.

وسكان كركوك خليط من التركمان والأكراد والعرب مع أقلية كلدوآشورية. وكان وزير التخطيط، علي بابان، قد أعلن أن الإحصاء السكاني الذي كان مقررا إجراؤه مرة أولى في أكتوبر 2009 تم تأجيله بسبب رفض كتل سياسية في محافظتي نينوى وكركوك.

وفي كركوك، شرعت قوات عراقية وأميركية مشتركة باتخاذ تدابير أمنية لتلافي حدوث عملية تهجير للسكان المدنيين في المدينة. وقال ضباط كبار في الشرطة العراقية والقوات الأميركية، أمس، في كركوك، على خلفية تداعيات ملف التهجير الذي بدأ يظهر على مسرح الأحداث في المدينة كلما اقترب موعد إجراء التعداد العام للسكان الذي كان مقررا الشهر الجاري: «إننا نعمل على حماية جميع أبناء كركوك من دون أي تمييز».

وقال اللواء جمال طاهر، مدير شرطة كركوك: «إننا محايدون ومستقلون، ونعمل على حماية كل أهالي مدينة كركوك من دون أية تفرقة، سواء أكانوا من العرب أم الأكراد أم التركمان أم الكلدوآشوريين، ونحن مسؤولون عن أمنهم وحمايتهم جميعا». وأضاف أن «جهاز الشرطة هو الجهة الوحيدة المخولة باتخاذ الإجراءات القانونية سواء أكانوا مواطنين أصليين أم مهجرين أم قادمين لكركوك من مدن أخرى، والكل متساوون أمام القانون، وجميع خطواتنا تحت إشراف قاضي التحقيق».

وذكر طاهر أن «استقلاليتنا وحياديتنا تجعلاننا غير منحازين لأية جهة سياسية، لكننا نعامل الجميع وفق القانون، وأبواب مؤسساتنا الأمنية مفتوحة لتلقي الشكاوى، وقد اتخذنا إجراءات وقائية بالتنسيق مع القوات الأميركية من خلال تسيير دوريات مشتركة للوقوف على هذه الأعمال، إلى جانب الإيعاز للقوات المشتركة بتنفيذ دورياتها بالمدينة، وهدفنا هو تثبيت الأمن وترسيخ القانون؛ لأن أي تطور يقع قد يربك الوضع الأمني، وهو إجراء لإزالة الشك والاتهام الموجه لقوات الشرطة».

وقال طاهر: «إن قوات الشرطة ستقطع يد من يحاول العبث بالأمن في المدينة، أيا من كان؛ لأن الإرهابيين يحاولون إدخال أشخاص متطرفين، وقد وقعت لدينا حالات من أعمال عنف ثبت أن وراءها متطرفين هم ليسوا من أهالي كركوك، وأثناء حملات المداهمات والاعتقال ألقينا القبض على أشخاص لا يمتلكون مستمسكات وجرى التحقيق معهم في مراكز الشرطة؛ لأن قسما منهم تبين أنهم من المطلوبين من المدن التي جاءوا منها، ومنها مدينة بعقوبة».