البوسنيون يختارون ممثليهم وسط تشاؤم إزاء المستقبل

بعد حملة انتخابية طغى عليها الانقسام واللعب على وتر الانفصال

TT

أدلى الناخبون في البوسنة أمس بأصواتهم، في سادس انتخابات عامة تشهدها بلادهم منذ استقلالها عام 1992. وكانت معظم مراكز الاقتراع قد فتحت أبوابها منذ الساعة السابعة صباحا، لكنها لم تشهد إقبالا من قبل الناخبين سوى بعد الساعة التاسعة صباحا. ويحق لما يزيد على 3 ملايين ناخب الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات.

وقالت رئيسة لجنة الانتخابات البوسنية إيرينا حاجي عبديتش، في مؤتمرها الصحافي الذي حضرته «الشرق الأوسط» الساعة العاشرة صباحا، إن 40 مركزا انتخابيا تأخر عن موعد استقبال الناخبين بين 15 و20 دقيقة، واعتبرت ذلك طبيعيا نظرا للإرباك الذي يرافق كل عملية انتخابية. وقالت إن هناك «أسبابا فنية حالت دون الالتزام بموعد فتح هذه المراكز».

وقد اختار الناخبون أمس مجلسا رئاسيا جديدا، وأعضاء جددا للبرلمان المركزي، وأعضاء برلمان الفيدرالية، وكذلك أعضاء برلمان «جمهورية صربسكا» داخل البوسنة والهرسك، ورئيس ونائب رئيس «جمهورية صربسكا» داخل البوسنة.

وأكدت حاجي عبديتش أن العملية الانتخابية تمت في كنف الهدوء، ولم تشبها أي أعمال عنف، أو تهديدات باستخدامه. وكانت قوات من الشرطة قد رابطت أمس قرب مراكز الاقتراع من دون أي تدخل يذكر في عمليات الاقتراع. وقالت الشرطة البوسنية في بيان لها إن «العملية الانتخابية سارت بشكل جيد ولم تسجل أي حوادث».

وطغى الوضع السياسي والاقتصادي على توجهات الناخبين البوسنيين، أكثر من أي أمر. وانقسم الناخبون بين قلة متفائلة بالتغيير، وغالبية متشائمة من إمكانية الإصلاح، بينما كان السياسيون يركزون في حملتهم الانتخابية على القضايا العرقية، لا سيما الصرب والكروات الذين تنافسوا على من يكون الأكثر راديكالية من خلال العزف على وتر الانفصال عن البوسنة، واستقلال صرب البوسنة، وحصول الكروات على كيان خاص بهم داخل البوسنة على غرار الصرب. أما الخلاف بين السياسيين البوشناق فكان حول طريقة الإصلاح لتوحيد البوسنة وقيام دولة طبيعية كسائر الدول الأوروبية بما في ذلك الجارتان صربيا وكرواتيا.

وعبر عدد من البوسنيين اتصلت بهم «الشرق الأوسط» وآخرون التقتهم في ضواحي سراييفو عن انطباعات متباينة إزاء العملية. وقال أستاذ الاقتصاد الدكتور ميرصاد كاريتش لـ«الشرق الأوسط»: «أنا في حيرة من أمري ولمن أصوت. البعض قال لي حارث سيلاجيتش، وآخرون علي عزت بيغوفيتش، وآخرون جمال الدين لاتيتش». وأردف «نحن نجد أنفسنا معلقين بين المثال والواقع، ولذلك سأختار المثال ليغير الواقع، فكثيرا ما انحدر الواقع ومن اختاره على حساب المثال الذي هو سقف ومعالم من يفقدها يتيه». أما ممنون هوجيتش، وهو ملاكم، بطل أوروبا لعام 2010، وخريج كلية الإعلام، فقال «لا بد من تغيير سياسي جذري حتى يتم الإصلاح المطلوب. نحن في حاجة لأشخاص ناجحين يصنعون النجاح، وليس لفاشلين يكررون الفشل». وقالت مواطنة أخرى تدعى أنديرا سوباشيتش «أغلب السياسيين تجاوزوا الستين، ولم يعد لهم ما يقدمونه، نرغب في أن يحظى الشباب بالقيادة لا برعاية العجزة الذين يحتاجون لمن يرعاهم».

وفي سراييفو، اصطف عدد كبير من الناخبين أمام مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم. وقالت الخبيرة في الشؤون السياسية أمينة ابراهامسدوتر، التي تعمل في قطاع التعليم، إنها تأمل في «تغييرات هائلة في البوسنة لأن السلطة الحالية سيئة فعلا». وأضافت «أنتظر من الحكومة الحالية أن تعمل على تسوية الأزمة الاقتصادية والاجتماعية»، معربة عن أملها في أن تكون «المشاركة كبيرة». وتابعت أن «هذا ما سيجلب لنا التغيير».

وفي بنيالوكا (شمال)، عاصمة جمهورية صرب البوسنة، قال المهندس رادوفان ستانيتش (67 عاما) إنه يفضل إعطاء صوته لحزب رئيس وزراء صرب البوسنة ميلوراد دوديك، الذي ترشح لولاية جديدة لرئاسة الجمهورية الصربية. وقال «إنهم يحمون جمهوريتنا الصربية».

والبوسنة التي شهدت حربا طاحنة في التسعينات واحدة من أفقر دول أوروبا. وتبلغ نسبة البطالة فيها 43 في المائة من قوة العمل في البلاد، بينما يعيش 26 في المائة من البوسنيين تحت خط الفقر. وعنونت صحيفة «أوسلوبوديني» أمس «إنه اليوم الذين نملكه»، بينما كتبت «دينيفني ليست»: «النضال من أجل 518 مقعدا»، في إشارة إلى عدد المقاعد المتنافس عليها على المستويين الوطني والمحلي. وتشهد إصلاحات تهدف إلى تعزيز المؤسسات المركزية للبلاد، ومطلوبة في إطار التقارب مع الاتحاد الأوروبي، تباطؤا منذ أربع سنوات بسبب الخلافات الدائمة بين المجموعات.