نائب الرئيس السوداني: لا استفتاء في أبيي من دون اتفاق سياسي بين الشمال والجنوب

طه تعهد بالوحدة وقال إن الانفصال سباحة ضد التاريخ.. واتهم واشنطن بدعم الانفصاليين.. ولن يحاكم سلفا كير لرأيه الشخصي

نائب الرئيس السوداني علي عثمان محمد طه أثناء حديثه في المؤتمر الصحافي بالخرطوم أمس (رويترز)
TT

حذر نائب الرئيس السوداني علي عثمان طه، أمس، من أن الاستفتاء حول مصير منطقة أبيي النفطية في وسط السودان والمتنازع عليها بين الشمال والجنوب، لن يتم من دون اتفاق سياسي مسبق بين طرفي الحرب الأهلية السابقين، وشريكي الحكم حاليا. واتهم طه، العائد من نيويورك، الولايات المتحدة، بدعم الانفصاليين في الجنوب، واعتبر أن الانفصال سباحة ضد تيار التاريخ، لا يخدم مصلحة الجنوب ولا مبرر له سياسيا.

وقال طه في مؤتمر صحافي في الخرطوم: «لن يكون ممكنا تنظيم الاستفتاء في أبيي من دون اتفاق سياسي حول الرهانات» التي لا تزال بحاجة إلى تسوية. ومن المفترض أن يصوت مواطنو منطقة أبيي في يناير (كانون الثاني) المقبل في استفتاء يقررون من خلاله ما إذا كانوا سينضمون إلى الشمال أو إلى الجنوب. وسينظم هذا الاستفتاء في اليوم نفسه الذي سيجري فيه الاستفتاء حول تقرير المصير في جنوب السودان في 9 يناير. ويبحث مسؤولون كبار من الجانبين (الشمال والجنوب)، منذ أمس في إثيوبيا، خلافاتهم حول مسالة أبيي، ومقترحات أميركية في الخصوص. وتشكل مشاركة قبيلة المسيرية العربية الشمالية ومسألة الترسيم الفعلي لحدود أبيي نقطتين رئيسيتين في الخلاف بين الطرفين المعنيين بتنظيم هذا الاستفتاء.

وأكد طه، الذي زار مقر الأمم المتحدة في نيويورك الأسبوع الماضي، أنه يمكن تنظيم الاستفتاء حول استقلال جنوب السودان في الموعد المحدد على الرغم من الخلافات السياسية بين الشماليين والجنوبيين والتأخير اللوجيستي المتكرر. وعبر عن ثقته من تجاوز العقبات بنجاح، مبددا المخاوف من أن تجر العملية إلى نزاع جديد. واستدل على ذلك بنجاح الشريكين في إزالة المخاوف والشكوك التي سادت وقت التوقيع على اتفاق السلام في يناير 2005، مؤكدا أن الاتفاقية نفذت بمعدلات أعلى مما كان متوقعا. كما أشار إلى نجاح إجراء انتخابات «شهدها واعترف بها العالم»، على الرغم من المخاوف التي سبقتها من انزلاق البلاد إلى أتون حرب أهلية.

وقال طه: إن استدامة السلام كانت من الموضوعات الرئيسية التي تمت مناقشتها في قمة نيويورك حول السودان، موضحا أن الجميع أكد ألا تكون عملية الاستفتاء محطة للنزاع «وأن يجري وفقا لشروط اتفاق نيفاشا، حرا ونزيها، وفي أجواء تسمح للجنوبيين أن يدلوا بأصواتهم بحرية».

واعتبر نائب الرئيس السوداني أن التحدي الحقيقي الآن هو النظر في قضايا ما بعد الاستفتاء، مشيرا إلى أن هناك مستحقات يجب إتمامها لاستدامة السلام، من بينها ترسيم الحدود وأبيي، ووصف قضايا ما بعد الاستفتاء بأنها «ترتيبات لفرضية الانفصال، لا تقود إلى التنازع». وأعلن تمسك الحكومة بالتوصل إلى اتفاق تراضٍ بين المجموعات المكونة لأبيي «الدينكا والمسيرية» لإجراء استفتاء المنطقة وإلحاقها باستفتاء الجنوب.

وحذر طه من أن التراخي أو التباطؤ في النظر في قضايا ما بعد الاستفتاء «سيفتح المجال إلى عودة النزاع». وقال إن الحكومة، رغبة منها في عدم العودة للحرب، تدعو الحركة الشعبية والمجتمع الدولي إلى التعجيل بترسيم الحدود وقضايا ما بعد الاستفتاء. وأضاف: «نبدي قلقنا وعدم رضانا عن البطء الذي يلازم القضيتين».

وأعلن طه قبول الحكومة لنتائج الاستفتاء أيا ما كانت في ظل عملية حرة ونزيهة، لكنه شدد على أن الانفصال لن يقف حائلا ضد المضي لاستعادة الوحدة وتمتين الروابط التي وصفها بأنها قوية وستظل كذلك. وشدد على أن الحكومة تسعى من خلال استدامة السلام للخروج بعلاقات دولية أكثر متانة. وقال: إن هناك قوى شريرة وطامعة في خيرات السودان ولا تريد أن تراه قويا وفاعلا.. لكنه عاد وقال: إن هذا التيار أصبح منعزلا والأقل حظا وبدأ يتراجع وينحسر.

وقال طه: إن الموقف الرسمي لأميركا يدفع نحو الانفصال ويهيئ المجتمع الدولي لقبول قيام دولة جديدة. وأضاف: «إن الولايات المتحدة أمام امتحان مصداقية للالتزام بما وعدت به إزاء التزامنا بتنفيذ اتفاق السلام الشامل وإن القضايا التي طرحها الجانب الأميركي بشأن مراجعة العلاقات الثنائية تحتاج إلى فعل مباشر». وأشار إلى أن الخرطوم أكدت للجانب الأميركي، بخصوص علاقات البلدين، أن التزام الحكومة بتنفيذ الاتفاقية لا يحتاج إلى حوافز أو المحاسبة عليه. وقال: «إننا نحترم ما وقعنا عليه»، وشدد قائلا: «لن تحملنا هذه الحوافز على تنفيذ ما لم نقتنع به».

وعن مواقف شريكته، الحركة الشعبية، رأى طه أن «الحركة الشعبية لم تستكمل موقفها حتى الآن»، واصفا تصريحات بعض قادة الحركة حول تبني الانفصال بأنها «عملية اختطاف للقرار» باعتبار أن مجلس تحرير الحركة الشعبية الذي سيجتمع خلال الشهر الجاري هو من يحدد الموقف الرسمي. ورأى أن تصريحات سلفا كير ميارديت بأنه سيصوت للانفصال، يجب أن تؤخذ في سياق أنه مواطن جنوبي من حقه أن يختار ما يريد «إلا إذا قال إنه سيصوت للانفصال بصفته رئيسا لحكومة الجنوب وعندئذ تمكن محاسبته سياسيا». واعتبر ذلك كله محاولة للتأثير على قرار المواطن الجنوبي، لكنه عاد ووصف عملية الانفصال بأنها «سباحة ضد تيار التاريخ ولا تخدم مصلحة الجنوب ولا مبرر لها سياسيا». إلى ذلك، طالب طه بقيام حملة وطنية قومية جامعة لصالح الوحدة للعمل في الجنوب وإجراء حراك وطني بعيد عن التوترات وتبادل الاتهامات». وقال: «إن هناك تصريحات تؤكد الحريات المتاحة للتبشير بالوحدة في الجنوب»، متسائلا: «لماذا نتحدث من الخرطوم وننتظر رفض الأصوات الوحدوية؟».