مصادر الحريري: مذكرات التوقيف السورية لـ 33 لبنانيا «رسالة سياسية».. ورئيس الحكومة لن يتخلى عن فريقه

السفير السوري وصفها بالإجراء «القضائي الصرف»

TT

تصدرت مذكرات التوقيف السورية التي صدرت في حق 33 شخصا، معظمهم من فريق رئيس الحكومة، سعد الحريري، السياسي والقضائي والأمني والإعلامي، كل الملفات اللبنانية وتقدمت على المتابعات المتعلقة بالمحكمة الدولية والقرار الاتهامي، بحيث اعتبرت مصادر مقربة من الحريري، أن «خطوة مذكرات التوقيف السورية هي بمثابة رسالة سياسية موجهة إلى الحريري نفسه»، مؤكدة أن رئيس الحكومة «لن يتخلى عن أي شخص من فريق عمله أو من المقربين منه».

وقد صدر، أمس، سيل من المواقف التي علقت على هذه المذكرات، فأكد عضو اللقاء الديمقراطي، النائب مروان حمادة، المعني بهذه القضية، أنه لم يتبلغ مذكرات الجلب أو الاستنبات، وقال في تصريح أدلى به في مجلس النواب: «هذه المذكرات هي على الصعيد القضائي تساوي صفرا، أما سياسيا فسنحاول الحفاظ على الصفاء الذي وصلت العلاقات اللبنانية - السورية إليه». متمنيا أن «لا تستعمل المذكرات من قبل بعض الأفرقاء المحليين كنوع من (صب الزيت على النار)»، داعيا إلى «عدم إخراج الموضوع عن الإطار السياسي الذي مهما احتدم تبقى له ضوابط سياسية». واستغرب العجلة في إصدار المذكرات، ورأى أنها «ليست المرة الأولى التي تصدر فيها مذكرة في حقه، وهي صادرة عن قضاء غير محصن ومن دون ملف»، مشيرا إلى أن «الشخصيات اللبنانية لم تتسلم استنابات، ولا يمكن أن تصدر في حقها مذكرات توقيف من دون أن تتسلم الاستنابات». وشدد على أن موقفه محسوم من المحكمة الدولية، وقال: «لم يتهم أحد من فريقنا يوما ما حزب الله، ونتمنى أن تكون إسرائيل وراء الاغتيال، ولكن لا نريد أن نأسف في المستقبل إذا تبين أن هناك زميلا أو شقيقا شارك في ذلك، أما إذا كانت مذكرات التوقيف هذه رسالة مباشرة لإلغاء المحكمة الدولية، فإن رئيس مجلس الوزراء، سعد الحريري، لا يستطيع إلغاء المحكمة الدولية، ولا يريد بالأساس إلغاءها، وفي الوقت نفسه لا أحد يعرف ماذا يوجد في القرار الظني».

وعلق رئيس اللقاء الديمقراطي، النائب وليد جنبلاط، بعد استقباله السفير السوري لدى لبنان، علي عبد الكريم علي، على مذكرات التوقيف السورية التي تشمل أحد الأعضاء في اللقاء الديمقراطي، (النائب مروان حمادة)، فأكد أن «لا مشكلة في هذه المذكرات، وسبق وذكرنا، ورئيس الحكومة، سعد الحريري، أكد أنه لا بد من الخروج من قضية الشهود الزور. ومؤخرا يتولى القضاء قضية الشهود الزور. فينال المذنب قصاصه ويبرأ البريء. الأمر الذي حدث جيد جدا». وقال: «لمسنا حرصا سوريا على الاستقرار والتهدئة في لبنان وعلى الحوار الداخلي من أجل درء الفتنة والخروج من بعض المآزق الصغيرة».

وفي موقف توضيحي، أكد السفير السوري لدى لبنان، علي عبد الكريم علي، أن «مذكرات التوقيف التي أصدرها القضاء السوري في حق أشخاص بينهم لبنانيون هي جانب قضائي صرف، وبالتالي فإن هذا الأمر ليس مرتبطا بالعلاقة الثنائية بين دولة الرئيس الحريري وسورية»، معتبرا أن «الرئيس الحريري يدرك ذلك، والعلاقة مستمرة وأيضا الحوار مستمر. وإن شاء الله يصل لبنان إلى تفاهم على القضايا الأساسية في ما بين الإخوة والقيادات في هذا البلد العزيز».

بدوره اعتبر وزير العمل، بطرس حرب، أن «المذكرات القضائية السورية تجاهل لوجود الدولة اللبنانية وللعلاقات الدبلوماسية معها»، لافتا إلى أن «ليس اللواء جميل السيد من يقرر ما إذا كان القضاء اللبناني أعطاه حقه أم لا، فهذا من صلاحيات القضاء فقط»، ورأى أن «ما حدث شكل إهانة للبنانيين وللمؤسسات الدستورية في لبنان»، لافتا إلى أن «القضية سياسية بالطبع وليست قضائية»، وقال: «هذا الموضوع هو من جهة ضغط باتجاه الرئيس سعد الحريري ومجلس الوزراء للقبول بالمطالب السورية السياسية، وضغط على اللبنانيين، وهذا ليس مسموحا ولا يجوز التعامل مع الدولة والمؤسسات اللبنانية على هذا النحو». وسأل حرب: «ما الذي يمنع في يوم من الأيام أن تصدر سورية مذكرة توقيف في حق رئيس الجمهورية؟»، معتبرا أن «لا تفسير قانونيا للأمر وهو تجاوز للسيادة القانونية. واللبنانيون وحدهم لهم الحق في ممارسة سيادتهم على الأرض وليس أحد سواهم».

وأعلن عضو اللقاء الديمقراطي، النائب علاء الدين ترو، أن «رئيس الحكومة، سعد الحريري، ومن خلال تواصله مع القيادة السورية يمكن أن يعالج موضوع مذكرات التوقيف في أي اتجاه ستسير فيه». وأشار إلى «أن اللقاء الديمقراطي موافق على رأي النائب وليد جنبلاط القائل إن مذكرات التوقيف الصادرة عن القضاء السوري حدث جيد جدا»، وقال: «ما علينا فعله هو الانتظار لنرى ما سيحصل بين القضاء السوري والقضاء اللبناني في هذا الشأن، خصوصا أنه في السابق حصل أمر مشابه ثم ما لبث أن تم سحبه من التداول، وتاليا فإن هذا الأمر تتم معالجته بين رئيس الحكومة سعد الحريري والقيادة السورية».

من جهة ثانية دعا عضو المجلس السياسي في حزب الله، غالب أبو زينب، إلى «مراقبة موضوع مذكرات التوقيف بشكل جيد»، مشددا على «أهمية أن يكون هناك وضوح في الرؤية، وحتى يتم انتقال مفاعيل هذا الأمر إلى الأرض يجب أن يبنى على الشيء مقتضاه». وإذ أكد «أن لا تراجع عن موضوع شهود الزور، لأن هذا الموضوع يخدم المصلحة العامة، ولأنه يكشف مرحلة حساسة أراد البعض فيه أن يطيح لبنان»، دعا إلى أن «يكون التجاوب في هذا الأمر مترفعا عن الحسابات السياسية نتيجة الصلة السياسية بالبعض»، قائلا: «يجب الارتفاع إلى مستوى المسؤولية الوطنية في هذا الموضوع».

ورأى عضو تكتل الإصلاح والتغيير، النائب حكمت ديب، أن «الاستنابات القضائية السورية هي نتيجة طبيعية لتقاعس القضاء اللبناني عن أداء مهامه، ومناسبة ليتحرك هذا القضاء لجهة تحديد المسؤوليات ومعرفة من فبرك الاتهامات». وأوضح: «عندما يقوم المتضرر من الاتهامات بتنفيذ عقوبة لجريمة لم يرتكبها، يلجأ حتما إلى أي قضاء عادل ونزيه في العالم لتحصيل حقه». واعتبر أن «التوجه إلى أي مرجع قضائي في العالم ليس أمرا مستغربا حين تنتهك الحقوق، والخطوة السورية تشكل أفضل مناسبة ليتحرك القضاء اللبناني وصولا إلى تبيان الحقيقة وتحديد المسؤوليات لمعرفة من فبرك الاتهامات ومن يقف وراء شهود الزور».