التحذير من الإرهاب يبرز خطر المتطرفين في الغرب

مقتل 8 متشددين ألمان في قصف جوي أميركي في باكستان

TT

قال مسؤولو مخابرات باكستانيون إن هجوم طائرة أميركية بلا طيار قتل أمس ثمانية متشددين يحملون الجنسية الألمانية. وأضاف مسؤولو المخابرات أن الثمانية قتلوا حينما أطلقت طائرة من دون طيار يشتبه في أنها تابعة لوكالة المخابرات المركزية الأميركية، صاروخين على مسجد في ميرالي بوزيرستان الشمالية. وجاءت الضربة بعد يوم من إصدار الولايات المتحدة وبريطانيا تحذيرين من زيادة خطر وقوع هجمات إرهابية في أوروبا. وكان 15 متمردا إسلاميا قد قتلوا السبت في المنطقة نفسها في قصف صاروخي بطائرات من دون طيار حسب ما أفاد به في حينه مسؤولون أمنيون محليون. وتستهدف غالبية الضربات الأميركية مواقع للمتمردين الإسلاميين في وزيرستان الشمالية.

إلى ذلك, تبرز التحذيرات الأميركية والبريطانية من هجمات محتملة في أوروبا وجود أعداد متزايدة من المتشددين ممن يتجهون من الغرب إلى مناطق حروب بعيدة للتدريب، استجابة لدعوة من «القاعدة» عبر الإنترنت. وكان السبب المباشر وراء التحذير الذي أصدرته الولايات المتحدة وبريطانيا أول من أمس (الأحد) هو وجود معلومات عن مؤامرة ضد أهداف أوروبية قيل إن وراءها مجموعة من الأفراد في المنطقة الجبلية بشمال باكستان، ويعتقد أن بعضهم مواطنون أوروبيون. ولا تتوافر تفاصيل تذكر عن المؤامرة لكنها تشبه فيما يبدو المؤامرات التي يعتقد مسؤولون غربيون أنها تمثل الخطر الأكبر حاليا وتتضمن الاستعانة بمتشددين ليس لهم تاريخ سابق في التطرف. ويقول خبراء إن قيادة «القاعدة» التي تحد ضربات الطائرات الأميركية بلا طيار في شمال غربي باكستان من نشاطها بشكل متزايد، تولي هؤلاء المجندين المحليين أهمية كبيرة لأنهم يحملون جوازات سفر غربية ويمكنهم السفر بسهولة. ولا تتوافر أرقام محددة لكن بعض الخبراء يعتقدون أن تدفق مقاتلي المستقبل على دول مثل باكستان واليمن زاد، خاصة خلال العامين الماضيين رغم تكثيف بعض الحكومات الغربية جهودها لمحاربة التشدد بين الجاليات المسلمة. وقال ادوين بيكر، خبير شؤون الأمن والصراعات في معهد العلاقات الدولية بهولندا: «إنها ظاهرة خطيرة في أوروبا، خاصة في بريطانيا وألمانيا». ومضى يقول إن الدافع ليس التطرف الإسلامي دائما، بل إن هناك أفرادا يسافرون في بعض الأحيان بحثا لأنفسهم عن قضية أو عن إثارة. وأصدرت وزارة الخارجية الأميركية أول من أمس تحذيرا لرعاياها طلبت منهم فيه توخي الحذر أثناء السفر في أوروبا. كما رفعت بريطانيا مستوى التهديد الإرهابي إلى «مرتفع» بعد أن كان «عاما» بالنسبة إلى مواطنيها المتجهين إلى ألمانيا وفرنسا. وقالت مصادر مخابراتية الأسبوع الماضي إن هناك مؤامرة وراءها «القاعدة» ومتشددون متحالفون معها، ربما بينهم مواطنون أو سكان من أوروبا. وأضافت أن المتشددين يخططون لتوجيه هجمات منسقة إلى مدن أوروبية. وزادت بشدة خلال العامين الماضيين الاستعانة في التخطيط لهجمات بمتشددين مقيمين في الغرب بعد أن يتبنوا أفكارا متشددة عبر غرف الدردشة على الإنترنت أو من خلال تبادل رسائل بالبريد الإلكتروني مع دعاة متشددين. ومن أبرز الهجمات الفاشلة في الغرب ذلك الهجوم الذي كان يهدف إلى تفجير ساحة «تايمز سكوير» في نيويورك الذي قام به المواطن الأميركي الباكستاني المولد فيصل شاه زاد في الأول من مايو (أيار).

وقال يورج تسيركه، رئيس مكتب الجريمة الاتحادي في ألمانيا، الشهر الماضي إن أكثر من 400 متشدد إسلامي يعيشون في ألمانيا، وإن بعضهم تلقى تدريبات في معسكرات في الخارج، ومنهم من لديه خبرة في القتال في أفغانستان. وقال جيل دي كيرشوف، منسق مكافحة الإرهاب في الاتحاد الأوروبي، لـ«رويترز» يوم الجمعة، إن المؤامرة تظهر أن على أوروبا بذل مجهود أكبر لمنع المتطرفين من السفر إلى الخارج لتلقي التدريب. ومضى يقول: «هناك عدد.. عدد ليس كبيرا من الأفراد الخطرين فعلا يتحرك حولنا». وفي بريطانيا قال جوناثان ايفانز، رئيس جهاز مكافحة التجسس (إم اي 5)، الشهر الماضي إن هناك احتمالا كبيرا لحدوث هجوم فتاك، وإن المتشددين في اليمن والصومال يمثلون خطرا متزايدا. ويهدف الكثير من المتشددين الذين يتجهون إلى باكستان وكثيرا ما يكونون أوروبيين من أصول آسيوية أو عربية أو تركية، إلى عبور الحدود إلى أفغانستان ومحاربة القوات الغربية هناك. لكن خبراء يقولون إن «القاعدة» تسعى من حين إلى آخر إلى إقناعهم بالعودة إلى بلادهم ومهاجمة أهداف غربية هناك. وحققت هذه الجهود قدرا من النجاح. وقال بول كرويكشانج، وهو زميل في مركز القانون والأمن التابع لكلية الحقوق بجامعة نيويورك، في تقرير إنه في الجزء الأغلب من 21 مؤامرة خطيرة استهدفت الغرب منذ عام 2004 كان المتآمرون يتلقون توجيهات أو تدريبات من «القاعدة» أو حلفائها في باكستان.

وجاء في التقرير الذي صدر في فبراير (شباط) 2010 نقلا عن مسؤولين غربيين في مكافحة الإرهاب، أنه يعتقد أن ما بين 100 و150 غربيا توجهوا إلى المنطقة لتلقي تدريبات عسكرية خلال العام الماضي. وقال تقرير مشترك أصدره معهد سياسات الأمن الداخلي بجامعة جورج واشنطن الأميركية وكلية الدفاع الوطني السويدية، في الأول من أكتوبر (تشرين الأول)، إن بعض الذين يتوجهون إلى تلك الدول حديثو العهد بهذا المجال ويعتبرون هذه الرحلات جواز مرور، في حين أن مقاتلين محنكين آخرين يتوقون إلى الشهادة. وذكر التقرير أن أجهزة المخابرات الغربية تتكتم على الأعداد المحددة للمقاتلين الأجانب الذين يتدفقون على مناطق الصراعات، لكن من الواضح أن خطر المقاتلين الأجانب يتزايد الآن سريعا من حيث الحجم والانتشار. وأظهر تقرير من بروس هوفمان وبيتر بيرجن، وهما خبيران أميركيان في شؤون الإرهاب، في العاشر من سبتمبر (أيلول)، أن خطر «القاعدة» أصبح أكثر تعقيدا، وأن مواطنين أميركيين وسكانا بالولايات المتحدة يقومون بدور متزايد في التخطيط والعمليات بـ«القاعدة».