محامون لـ«الشرق الأوسط»: تأخر استدعاء المتورطين في كارثة جدة قد يكون لدراسة الملفات

مسؤول في الادعاء والتحقيق يعتذر عن التعليق.. لمصلحة التحقيقات

صورة أرشيفية لأحداث كارثة جدة («الشرق الأوسط»)
TT

أكد لـ«الشرق الأوسط» محامون مترافعون عن المتورطين في أحداث كارثة جدة عدم بدء استدعاء موكليهم من قبل الجهات المختصة حتى الآن، التي ما زالت تدرس ملفات المتهمين تمهيدا لاستجواب من يتطلب استجوابه، في حين تحفظ مصدر مسؤول في هيئة التحقيق والادعاء العام على التعليق على تأخر البت في تلك القضايا، واعتذر لـ«الشرق الأوسط» عن عدم التعليق.

وذكر أحد المحامين المترافعين عن 3 من المتورطين في كارثة جدة - الذي طلب عدم ذكر اسمه - عدم استدعاء هيئة التحقيق والادعاء العام حتى الآن لأي شخص منهم، مشيرا إلى أن كفالاتهم ما زالت مستمرة.

وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «إنني مقتنع تماما ببراءة موكلي الذين لم يتم استدعاؤهم من قبل هيئة التحقيق والادعاء العام بعد، وما زالوا تحت نظام الكفالة»، مبينا في الوقت نفسه أن تصعيد الموضوع لأكثر من ذلك ليس من صالح أحد، بحسب قوله.

وكان مصدر مسؤول قد أوضح في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط» أن تأخر استدعاء المتورطين عائد إلى عدد وحجم الملفات، فضلا عن قدم المخالفات التي يعود تاريخها إلى فترات زمنية بعيدة تصل إلى أكثر من 20 عاما، مؤكدا أن الأمر الملكي الذي صدر بشأن كارثة جدة كان ينص على البت في مجرياتها على وجه السرعة.

وأفاد - آنذاك - بأن تأخر بدء استدعاء المتورطين في كارثة جدة قد يكون إيجابيا، لا سيما أن المسألة عندما تكون في ثورتها من شأنها أن تؤدي إلى اتخاذ قرارات متعجلة في ظل التوجه للإدانة بشكل أكبر من تبصر الحقائق، غير أن الأمور قد تأخذ مجراها الطبيعي إذا ما هدأت الأوضاع، بحسب قوله.

وبالعودة إلى موضوع تأخر استدعاء المتورطين في كارثة جدة، أوضح، يوم أمس، سليمان الجميعي، المحامي الذي تولى ملفات اثنين من المتورطين في الكارثة، خلال حديث هاتفي لـ«الشرق الأوسط» بأنه تم إثبات براءتهما بعد إحالتهما إلى هيئة التحقيق والادعاء العام، لافتا إلى أن لجنة تقصي الحقائق كانت تعمل منذ البداية بشكل سريع تحت الضغط من وسائل الإعلام، إلا أنه بعد ذلك تأكدت من براءة بعضهم وإخلاء سبيلهم، على حد قوله.

وأبان أن «الجهات المختصة رفعت منع السفر عن المدانين حتى ممن ثبت تورطهم في الكارثة، إلى جانب عدم بدء استجوابهم حتى الآن من قبل هيئة التحقيق والادعاء العام». وأضاف: «كان من المفترض أن تقيم الجهات ذات الاختصاص دعاوى ضد من اعترف بتورطه في قضية الكارثة، وذلك تمهيدا لعرضها على ديوان المظالم وبدء الجلسات، غير أنها لم تفعل ذلك حتى الآن، وذلك لاحتمالية رغبتها في تقديم ملفات المتورطين دفعة واحدة».

وفي السياق ذاته، اعتبر الدكتور ماجد قاروب، رئيس لجنة المحامين في الغرفة التجارية الصناعية بجدة، تأخر البت في بدء استجواب المتورطين بكارثة جدة مؤشرا مطمئنا على أن دراسة ملفاتهم تجري بشكل قانوني ومتأن، بالإضافة إلى كونها تراعي شخصية الاتهام وظروف كل شخص مشتبه به.

وقال في اتصال هاتفي جرى أمس مع «الشرق الأوسط»: «إن دراسة ملفات المتورطين من قبل الجهات المختصة تتم لكل ملف منها على حدة، الأمر الذي يعد جيدا بالنسبة لمصلحة العدالة في الدولة».

وأشار إلى أن مثل هذه المسائل المتعلقة بالشأن العام يلزمها التصريح الرسمي من قبل وزارة العدل وهيئتي الرقابة والتحقيق والادعاء العام، المتمثل في كون الجهات ذات الاختصاص التي ما زالت تعكف على دراسة ملفات المتورطين تمهيدا لاستدعاء من يلزم استدعاؤه.

وحول ترافعه عن عدد من هؤلاء المتورطين، علق بالقول: «لا يجوز للمحامي أن يصرح بما لديه من أعمال أو عملاء، لا سيما أن التصريح بذلك يتعارض مع مبادئ وأخلاقيات مهنة المحاماة».

وكان الدكتور ماجد قاروب قد كشف في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط» عن احتمالية صدور أحكام ببراءة بعض المتهمين الذين يجري التحقيق معهم في قضية سيول جدة، لافتا إلى أنه لا يمكن الجزم بعددهم أو حتى عدد من ستتم إدانتهم. واستطرد في القول: «ما يؤكد ذلك هو ما حدث مع من أحيلوا إلى القضاء في قضايا الإرهاب، والمتهمين بالقتل العمد والتفجير؛ لأنهم تم تمكينهم من الاستعانة بمحامين، بالإضافة إلى صدور أحكام من النقيض للنقيض في ظل وجود من حصل على البراءة أو أحكام مخففة أو مغلظة وصولا إلى حد القصاص».

وأفاد – آنذاك - بأن هناك إهمالا وأخطاء تشريعية وأخرى لائحية في القوانين والأنظمة، إلى جانب وجود واقع إداري وقوانين مراعاة، الأمر الذي يجعل كل تلك المعطيات أساسا للتحقيق والإدانة أو البراءة، مبينا أنه لا يجوز إفشاء أي أسرار عن أي قضايا محل الإجراء أو المتابعة سواء في مرحلة التحقيق أو أمام القضاء.

وأضاف: «هناك من يتم التحقيق معهم في قضية كارثة جدة لغرض الاستدلال أو استكشاف بعض الغموض في تحقيقات أخرى، الأمر الذي لا يجعلهم متهمين، وإنما يعتبرون (شهود حال) وفق القوانين العالمية، غير أنه وردت أسماؤهم بمناسبة وجودهم على رأس العمل، سواء الحكومي أو الخاص».

ورفض حينها رئيس لجنة المحامين في الغرفة التجارية الصناعية بجدة تجاوز المجتمع والإعلام في هذا الأمر، والبحث أو النشر في تفاصيله الدقيقة، إلا بعد الانتهاء الكامل من صدور الحكم النهائي واجب التنفيذ عقب استكمال جميع إجراءات المحاكمة، موضحا أن المتورطين لا يزالون حتى هذه اللحظة متهمين وليسوا مدانين، على حد قوله.

وأكد أن استعانة المتورطين بمحامين يعد حقا مشروعا ومكتسبا؛ حيث إنه قد يكون هناك محامون أو وكلاء بموجب ما سمح به النظام، الذين ينحصر دورهم كمحامين في التأكد من أن التحقيقات تتم وفق الأصول النظامية كما هو منصوص عليه في نظام الإجراءات الجزائية والمحاماة.

وزاد: «على المحامي التأكد من توافق اتهام المدعى عليه مع صحيح الوقائع والمستندات والمخالفات، بالإضافة إلى التثبت من توافق إجراءات التقاضي أمام المحكمة، بصرف النظر عن نوعها وفق الجريمة أو الاتهام مع نظام المرافعات والمحاماة، بالإضافة إلى حصول المتهم على محاكمة عادلة وفق إجراءات صحيحة».

وشدد على ضرورة تمكين المتهم من الدفاع عن نفسه، وإعطائه حق تسلم لائحة الاتهام، ومن تقديم إجاباته والدفاع عنها، والاعتراض أو الاستئناف على الأحكام الصادرة في حقه، ضمن ما هو مقرر له من واجبات والتزامات وفق نظام المحاماة.

وأضاف: «إن الاستدعاء واحتمالية التوقيف تعتمد على رأي الجهة القائمة بالتحقيق والمحكومة بقواعد منصوص عليها في نظام الإجراءات الجزائية»، مشددا على عدم جواز مخالفة تلك الأنظمة.

ولكنه استدرك قائلا: «نحن أمام كارثة إنسانية طبيعية، غير أنه يجب معالجتها في السعودية على أساس دولة القانون والمؤسسات دون أي ارتجالية أو تجاوز في حقوق الناس، وإن كانوا متهمين»، متوقعا في ذلك الوقت انتهاء التحقيقات خلال 3 أشهر، لأن تلك المدة تعد المتوسط الطبيعي لهيئات التحقيق في مثل هذه القضايا.

من جهته، تحفظ عبد الله القرني، رئيس هيئة التحقيق والادعاء العام، على التعليق على أسباب تأخر بدء استدعاء المتورطين في كارثة جدة، غير أنه اكتفى بالرد قائلا: «نعتذر عن عدم التصريح بذلك الشأن حتى الآن لمصلحة مجريات التحقيق».