«الأعراف الاجتماعية» تحد من تنامي رؤوس الأموال النسائية في السعودية

لم تتجاوز مشاركتها 33% بالقطاع الحكومي و7% في الخاص

TT

فيما اختتمت يوم أمس، أعمال الملتقى الوطني الأول لسيدات الأعمال الذي احتضنته العاصمة الرياض، تباينت وجهات نظر سيدات أعمال سعوديات، حول مسببات عدم الاستفادة الكاملة من رؤوس الأموال النسائية السعودية، والتي باتت تتحول نتيجة المعوقات القانونية والنظامية والاجتماعية إلى دول مجلس التعاون الخليجي، خصوصا الإمارات، أو اكتفاء سيدات أعمال سعوديات بالاستثمار في مشاريع صغيرة.

وألقت عزيزة الخطيب، الرئيس التنفيذي في مركز «قيمة مضافة» للاستشارات الاقتصادية، في الملتقى الوطني الأول لسيدات الأعمال، الذي ينظمه مجلس الغرف السعودية، باللوم على بنات جلدتها، وتقصد هنا عدم دخول المرأة في استثماراتٍ صناعية، باعتبارها شخصيةً غير مُغامرة، في وقتٍ يغيب فيه إنشاء بُنى تحتية لقيام مدنٍ صناعية نسائية، متسائلةً عن كيفية قبول أي سيدة أعمال بالمساهمة في إنشاء مدينة صناعية نسائية، يُمنع فيها إنشاء باب طوارئ، والاكتفاء بمدخل رئيسي واحد منعا لدخول رجال الدفاع المدني، في حال وقوع أي حوادث أمنية طارئة، كنشوب حريق وغيره.

وأيدت هدى الجريسي، رئيسة المجلس التنفيذي للفرع النسائي بالغرفة التجارية الصناعية بالرياض في حديثها مع «الشرق الأوسط» ما ذكر حول الاستثمار الصناعي النسائي في السعودية، مؤكدةً أن توظيفه لم يتم حتى اللحظة بطريقة صحيحة، نتيجة غياب أراض مخصصة لإنشاء مدينة صناعية نسائية، وعدم تحديد بنية تحتية لها، وعدم دراسة سبل المواصلات منها وإليها، وهو الأمر الذي لن يكون مُستقطبا لأي رؤوس أموال نسائية في هذا المجال.

وأوضحت الجريسي أن الدراسة التي قامت على إعدادها والتي استمرت لأكثر من عامين، خضع لها عدد من الجهات المعنية، من بينها رئاسة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ووزارة التجارة والصناعة، تفعيلا للقرار رقم 120 الذي لم يتجاوز كونه «رسما لأرضٍ مُحاطةٍ بأسوارٍ شاهقة، ويمنع فيها إيجاد مخارج للطوارئ، وهو الأمر الذي لاقى رفضا كبيرا من قبل المسؤولات في الغرفة التجارية والمستثمرات السعوديات حتى هذه اللحظة، مشيرةً إلى عدم إفادتها بردود المسؤولين حول الملاحظات المسجلة لأكثر من عامين.

من جهة أخرى أعلنت المهندسة نادية باخرجي، وهي أحد أعضاء مجلس إدارة هيئة المهندسين السعوديين، صدور قرار رسمي من مجلس الإدارة، القاضي بالموافقة على إنشاء شعبة نسائية مستقلة لمهندسات التصميم الداخلي في المنطقة الغربية، دون ضمها ضمن شعبة العمارة، مؤكدةً وجود خطة من شأنها أن تُعمم على المنطقة الوسطى والشرقية، وأشارت في الوقت ذاته إلى تكوين مجلس الشعبة من 7 عضوات، ترأسهن المهندسة سناء بخاري والمساعدة المهندسة مشاعل خوجة.

وفيما يتعلق بالمطالبات، نادت عزيزة الخطيب بضرورة تعيين سيدات ذوات قدرة وكفاءة وطنية في دائرة القيادة العليا وصنع القرار، بالإضافة إلى تعيينهن في المجالس الاستشارية لإبداء الرأي والمشورة، إلى جانب وضع آليات تنفيذ للقرارات الصادرة من بينها القرار 120 المتعلق بعمل المرأة وحماية مشاركة المرأة من أي منع أو حجب تعسفي لها من قبل الأسرة والمجتمع، أو من أي تحرشات ومضايقات من قبل الممانعين لدورها. ودعت الخطيب إلى ضرورة تعيين سيدات في مجال القضاء، متسائلة «كيف يُطلب من سيدة أعمال أن تنجح وتبرز في وقتٍ يتم حرمانها من أطفالها بعد (الانفصال)، طبقا لتعبيرها».

ولم تنأ المناهج عن جملة التطوير من وجهة نظر عزيزة الخطيب، التي طالبت بضرورة تصحيح دور المرأة في المجتمع السعودي، من خلال تطعيم المناهج بما يحث على قبولها اجتماعيا، بالإضافة إلى تطوير نوعية التعليم والتدريب المقدم للمواطن.

وفي دراسة خاصة كشفت عنها الخطيب، بلغت نسبة مشاركة المرأة السعودية في إجمالي قوة العمل في القطاع الحكومي المدني ما يقارب 33 في المائة فقط، بينما بلغت نسبة العاملين غير السعوديين من الجنسين في القطاع الخاص 90 في المائة. وبلغت نسبة الموظفات السعوديات من إجمالي السعوديين في منشآت القطاع الخاص 7 في المائة وبلغت أعدادهن 48 ألفا، مقابل أكثر من 633 ألف موظف سعودي، في الوقت الذي شكلت فيه نسبة العاملات من السعوديات في منشآت القطاع الخاص، 35 في المائة مقارنةً مع إجمالي عدد العاملات غير السعوديات، ولم تتجاوز المرأة السعودية سوى 1 في المائة إلى إجمالي عدد العاملين من الجنسين السعوديين وغير السعوديين في منشآت القطاع الخاص.

أما فيما يتعلق بنسبة المرأة القيادية في الأعمال في منشآت القطاع الخاص إلى إجمالي عدد القياديين السعوديين من الجنسين في منشآت القطاع الخاص، فلا يزيد على 4 في المائة من إجمالي الإداريين والقياديين وبلغ عددهن نحو 2116 قيادية، مقابل أكثر من 53 ألف قيادي.

وبحسب تصنيفات وزارة العمل، تصدرت المهن الكتابية قائمة أكثر المهن التي تشغلها المرأة السعودية في منشآت القطاع الخاص بنسبة 26 في المائة، تلتها فنيات في المواضيع العلمية والفنية ومهن الخدمات، بينما بلغت نسبتها في المهن الهندسية الأساسية المساعدة 1 في المائة، وتقف النسبة دون 1 في المائة من حيث وجودها في مهن العمليات الصناعية والكيميائية.

من جهة ثانية، أشعل الحضور «اليتيم» والمشاركة الوحيدة الذكورية للمحامي الدكتور خالد النويصر في الملتقى الوطني الأول لسيدات الأعمال، بعد أن خلت قاعة الرجال تماما من أي حضور، غضب الحضور النسوي من بينهن نورة الطويرقي في المعهد المصرفي قائلة «نصرخ كنساء ولا يوجد الرجل صاحب القرار والمشرع ليستمع».

وأكد المحامي النويصر في ورقة عمله اعتبار بعض الأعراف الاجتماعية والعادات والتقاليد المتوارثة أشد تأثيرا من معوقات النظم القانونية التي تحول دون دخول المرأة في العديد من الأنشطة التجارية والاستثمارية، نظرا إلى عدم تقبل المجتمع السعودي مباشرة المرأة لهذه الأنشطة بنفسها، وبالأخص مجال المهن الحرة كالمحاماة والهندسة والمحاسبة والبيع.

وطالب النويصر بضرورة المساواة التامة بين الرجال والنساء من حيث فرص الاستثمار الاقتصادي والتجاري وعدم التفرقة من حيث شخصية من يقوم بالاستثمار ونوعه، مشيرا إلى أن الواقع يؤكد غير ذلك، «فهناك العديد من أنواع الاستثمارات ما زالت محجوبة وغير متاحة للنساء السعوديات، لوجود معوقات أو موانع في بعض النصوص النظامية تحول دون ممارستهن لمثل هذه الاستثمارات» على حد قوله. وأضاف أن المشكلة لا تقتصر على الأنظمة فحسب، وإنما الأمر قد يمتد في كثير من الحالات للوائح التنفيذية أو القرارات الداخلية التي تصدرها جهات معنية، وربما يصل الأمر إلى صدور تعاميم من جهات بناء على مطالبات معينة.