حزب الله يحشد لاستقبال الرئيس الإيراني.. وتيار «المستقبل» بين الترحيب والتخوف

السفارة الإيرانية لـ«الشرق الأوسط»: نجاد سيعرض المساعدة في التنقيب عن النفط وتسليح الجيش

TT

قبل نحو أسبوع من الزيارة المرتقبة للرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إلى لبنان، نشطت التحضيرات في أروقة القصر الجمهوري في بعبدا تماما كما في شوارع قرى الجنوب حيث ارتفعت صور نجاد واللافتات المرحبة به، ونصبت أقواس النصر وجهزت عشرات الخراف للنحر خاصة في المناطق الحدودية في بنت جبيل ومارون الراس.

أبناء قرى الجنوب المتحمسون للزيارة يؤكدون أن «ما قاموا به في استقبال أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني في يوليو (تموز) الماضي لن يكون إلا (بروفة) لما ينتظر الرئيس نجاد من احتفالات وحشود شعبية».

وفي وقت تكثر فيه التأويلات ويطرح أكثر من جدول عمل للزيارة، كشفت مصادر واسعة الاطلاع بالسفارة الإيرانية في بيروت لـ«الشرق الأوسط»، إن «نجاد سيعرض المساعدة في التنقيب عن النفط، وتزويد لبنان بالطاقة، وإنشاء مدن صناعية، وتسليح الجيش» لافتة إلى أن «الرئيس الإيراني سيترأس وفدا كبيرا ورفيعا يضم وزراء، و نوابا، وتجارا..». وفي حين رفضت مصادر السفارة تأكيد زيارته إلى الجنوب، شددت مصادر أخرى لـ«الشرق الأوسط» أن «الجنوب وبلداته الحدودية المحطة هو الأبرز في جدول أعمال نجاد المتحمس لتطأ قدماه مواقع المعارك التي قدستها دماء شهداء المقاومة» وقالت المصادر: «حزب الله يحشد أعدادا هائلة لاستقبال الضيف الإيراني الكبير الذي سيزور بلدات قانا، وبنت جبيل، ومارون الراس ومليتا». وشددت المصادر على أن «أهمية الزيارة تكمن في الشكل أكثر منها في المضمون؛ فمجرد وقوف الرئيس الإيراني على الحدود يشكل استفزازا مباشرا للعدو الإسرائيلي».

هذا، وتشكل الزيارة المرتقبة مادة دسمة تضاف إلى سلسلة المواد الملتهبة التي تشعل السجال بين الفرقاء اللبنانيين، ففي حين يعتبر قسم كبير من قوى «14 آذار» الزيارة استفزازية، ترحب بها قوى «8 آذار» مجتمعة وتضعها في خانة «الزيارة التاريخية لشريك لبنان في صنع الانتصارات».

وفي حين التبس موقف تيار «المستقبل» بعد حديث نائب رئيس التيار، أنطوان آندراوس، لـ«الشرق الأوسط» في وقت سابق، واعتباره زيارة الرئيس نجاد «زيارة استفزازية لثلثي الشعب اللبناني» حاملا على «فجور حزب الله الذي يريد القيام بهدنة إلى حين مجيء نجاد إلى بيروت، على أن يستأنف حربه بعدها، ويعود إلى قتلنا»، أوضح عضو تكتل «لبنان أولا» الذي يرأسه رئيس الحكومة سعد الحريري النائب عقاب صقر لـ«الشرق الأوسط» موقف الحريري وفريقه السياسي من زيارة الرئيس الإيراني مشددا على «ضرورة الفصل بين الزيارة في حد ذاتها وموقف (المستقبل) من سياسة نجاد»، قائلا: «لنا موقفنا السلبي من سياسية نجاد وهذا الموقف موجود حتى في الداخل الإيراني. ولكن هذا شيء، وزيارة الرئيس نجاد للبنان شيء آخر. نحن نرحب بهذه الزيارة ونأمل في أن تعزز أواصر العلاقات بين لبنان الدولة وإيران، كما نتمنى أن تكون للرئيس نجاد مواقف على قدر التحديات التي تواجه الداخل اللبناني، خاصة أن لديه نفوذا واضحا على قسم كبير من فرقاء (8 آذار)».

وشدد صقر على «أننا وكلبنانيين لا يعنينا إذا كانت الزيارة تترافق مع قلق إسرائيلي، فهذا القلق يريحنا ما دام أن الزيارة لا تخرق الأعراف اللبنانية والقرار 1701» لافتا إلى أن «نواب وقياديي (المستقبل) سيشاركون في استقبالات الرئيس الإيراني لأنه لا عداء أو خصومة بين الرئيس الحريري والرئيس الإيراني»، وأضاف: «إذا تسنت له الفرصة لن يتوانى الرئيس الحريري عن شرح وجهة نظر فريق كبير من اللبنانيين من سياسة الرئيس الإيراني ولكن الترحيب بالزيارة سيبقى قائما ولقاء الحريري - نجاد بروتوكولي وطبيعي والحريري تلقى دعوة لزيارة إيران سيلبيها حين يرى الوضع مناسبا».

وإذ شدد صقر على أن «أكثر ما ومن يسيء لزيارة الرئيس نجاد هو من يضعها منصة تحد ومن يسرب ويلمح إلى أنها ستكون حدا فاصلا، وبالتالي أن ما بعد الزيارة لن يكون كما كان قبلها وسيحمل الويلات للبنانيين، وأن انتهاء الزيارة سيكون بمثابة إعلان ساعة الصفر للعودة للمسلسل الأمني - العسكري مما سيعيدنا 20 سنة إلى الوراء»؛ لفت إلى أن «بعض المقربين من نجاد يسيئون لزيارته من حيث يدرون أو لا يدرون» وقال: «ما نأمله هو أن نسمع من نجاد كلاما واضحا في هذا السياق يضع حدا لكل ما يتم تسريبه». وعن المساعدات المتوقع أن تقدمها إيران للبنان، قال صقر: «نأمل أن يتحول الحديث عن هذه المساعدات إلى وقائع حتى إننا نتمنى أن تساعد لبنان حتى في امتلاكه طاقة نووية سلمية».

وفي حين انتقد رئيس المجلس النيابي نبيه بري بعض الأصوات التي تسيء لزيارة الرئيس نجاد، قال إن «الأميركيين عندما استقبلوا الرئيس نجاد كانوا أرقى وارحم من بعض اللبنانيين الذين يعكرون على هذه الزيارة»، أكد عضو كتلة «التحرير والتنمية» التي يرأسها بري النائب أيوب حميد، أن «زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إلى لبنان ستشكل دعما إضافيا للبنان ولقضاياه»، معتبرا أن «إيران شريكة للبنان في انتصاراته على العدو الصهيوني». ورأى حميد أن «زيارة نجاد ستشكل أيضا فرصة في الإطار الرسمي كذلك، لزيادة التعاون في مجالات كثيرة يمكن للبنان ولإيران الاستفادة منها، إضافة إلى مسألة جوهرية وهي دعم المؤسسة العسكرية اللبنانية، الذي أعربت إيران عن استعدادها للبدء فيه، ويبقى على لبنان أن يعرف ماذا يريد». وانتقد حميد بعض الدول «التي تدعي الحرص على لبنان وسيادته كما تدعي دعم الجيش اللبناني لتمكينه من القيام بواجب الدفاع عن الأراضي اللبنانية»، مؤكدا أن «هذه الادعاءات كانت هباء وسرابا واقتصرت على بعض الأمور البسيطة التي لا تسمن ولا تغني من جوع»، معربا عن اعتقاده بأن «كل ما سيطلبه لبنان الرسمي من نجاد خلال زيارته هذه سيكون محل ترحيب من جانب الإخوة في إيران».

وإذ انتقد وزير الطاقة جبران باسيل هجوم البعض على زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إلى لبنان، مستغربا «الأسلوب التطفيشي الذي يمارسه البعض»، أكد أن «إيران تريد مساعدة لبنان وكل اللبنانيين»، وأضاف: «نحن نرى في الحكومة ترحيبا بهذه الزيارة بينما خارجها فهناك موقف آخر عند البعض».