مذكرات التوقيف ترد علاقة سورية ـ الحريري إلى الوراء.. ولا تنسفها

«المستقبل» اعتبرها أوسمة شرف ويفصل بينها وبين علاقته مع سورية

TT

لم تتكبد أوساط تيار المستقبل عناء إخفاء ملامح الاستغراب الناتجة عن إصدار القضاء السوري مذكرات توقيف بحق 33 شخصية سياسية وقضائية وأمنية وإعلامية لبنانية، معظمها من فريق عمل رئيس التيار والحكومة، سعد الحريري، ومن الدائرة المقربة منه. وقد حاولت وبقدر المستطاع التأقلم مع الخطوة القضائية السورية وقراءة أبعادها السياسية مشدّدة لـ«الشرق الأوسط» على ضرورة الفصل بين موقف سورية من المحكمة الدولية - الذي يشكل بندا خلافيا معها - والعلاقة المستجدة مع «المستقبل» وبالتالي رئيس الحكومة سعد الحريري ودمشق.

ويذكّر في هذا الإطار نائب رئيس تيار المستقبل، النائب السابق أنطوان أندراوس بأن «أول زيارة للرئيس الحريري إلى دمشق بعد القطيعة التي دامت لأكثر من أربع سنوات، ترافقت مع إصدار الاستنابات القضائية السورية التي لم تؤثر على تطور علاقة الحريري مع الرئيس السوري بشار الأسد»، متوقعا لـ«الشرق الأوسط» أن «يكون لمذكرات التوقيف نفس تأثير الاستنابات على علاقة الحريري - الأسد»، مضيفا: «العلاقات مع دمشق مستمرة ونحن متمسكون بها ولن نعلق مصيرها بملف قضائي سيأخذ مجراه. ليس بجديد علينا موقف سورية الرافض للمحكمة، وفي الوقت عينه لن نفرط في علاقتنا مع دمشق من أجل هذا الموقف». واعتبر أندراوس أن «القرار السوري ليس قرارا قضائيا مستقلا، فالكل يعلم أن القضاء السوري مرتبط ارتباطا وثيقا بالسياسة، وبالتالي فالقرار سياسي بوجه عام». وأضاف: «الرئيس الحريري متمسك بكل فريق عمله، ولن يكون للمذكرات الصادرة أي تأثير أو صدى على علاقته معه. وأنا كنت أتمنى شخصيا لو شملتني هذه المذكرات».

وكان الحريري وحلفاؤه في قوى «14 آذار» اتهموا سورية بالوقوف وراء عملية اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري في بيروت في 14 فبراير (شباط) 2005. وبدأت العلاقة بين البلدين بالتحسن منذ عام 2008 بعد موافقتهما على إقامة علاقات دبلوماسية بينهما للمرة الأولى وفتح سفارات.

يذكر أن الحريري كان قد زار دمشق للمرة الأولى في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بعد وقت قصير من تسلمه رئاسة الوزراء، قبل أن يتوجه إليها مرتين في مايو (أيار) قبل توجهه إلى واشنطن ولدى عودته منها. ووقّع الحريري في زيارته الرابعة إلى دمشق في 19 يوليو (تموز) 2010 سلسلة اتفاقات اقتصادية، واستكمل بناء جسور العلاقة مع الرئيس السوري في 28 أغسطس (آب) الماضي بزيارته الأخيرة إلى دمشق.

وفي وقت تلاقت مواقف نواب وقياديي تيار المستقبل على ضرورة الاستمرار في بناء العلاقة مع دمشق بغض النظر عن الرسالة السياسية من وراء مذكرات التوقيف، استغرب عضو كتلة المستقبل النائب عمار حوري «مذكرات التوقيف القضائية السورية في حق شخصيات لبنانية، على الرغم من كل الخطوات الإيجابية التي قام بها رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري تجاه سورية، وكل الجهود التي قام بها لإقناع جمهور الرئيس الشهيد رفيق الحريري في مسعاه للتقارب مع دمشق»، مشددا على التمسك «بالصفحة الجديدة في العلاقات اللبنانية - السورية لأن قرار الصفحة الجديدة استراتيجي».

من جهته، وصف عضو الكتلة نفسها النائب رياض رحال، مذكرات التوقيف السورية بـ«السابقة الخطيرة في العلاقات بين دولتين وبالمنافية لقواعد وأسس إعادة مناخ الثقة بينهما بعد خمس سنوات من القطيعة والعلاقات المتوترة»، ذاكرا «أن المطلوبين للعدالة السورية ينتمون إلى فئة سياسية واضحة ومحددة، بما أعاد إلى الأذهان سلوكية سيئة في التعاطي السلبي مع اللبنانيين في فترات الوجود السوري في لبنان، والتي انتقدها الرئيس السوري نفسه، ويبدو أن هذه الذهنية مستمرة رغم وجود كل في بلده». وقال: «إن هذه المذكرات هي بمثابة رشقات نارية قوية تطلق في اتجاه العلاقات المستجدة، وفي اتجاه الرئيس الحريري شخصيا الذي أكد أكثر من مرة وبالفم الملآن سعيه لتمتين العلاقة وتطويرها وإعادة بناء الثقة عبر زياراته المتكررة إلى سورية».

وإذ أجمع كل من النائب أحمد فتفت والقيادي مصطفى علوش ونائب رئيس المجلس النيابي فريد مكاري على أن مذكرات التوقيف أوسمة على صدر من صدرت بحقهم - قال مكاري: «في الواقع، هناك لائحتا شرف كنت أتمنى أنا أن أكون في عداد الموجودين فيهما، لائحة الشرف للنواب الذين لم يوافقوا على التمديد للرئيس إميل لحود، ولائحة الشرف التي صدرت أمس بالقرارات القضائية السورية. وعلى كل حال، بمعرفتي بآل الحريري وبرئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، أن هذه الأسماء اللبنانية الموجودة على هذه اللائحة سيعزز موقعها في دارة آل الحريري كما ستعزز علاقتها مع الرئيس الحريري».