فرنسا: اعتقال 12 يشتبه أنهم إسلاميون وضبط أسلحة بحوزتهم

التحذيرات الأمنية الأميركية تبعث أيضا برسائل للمتشددين * متطرفون ألمان وراء التحذيرات الأمنية

TT

اعتقل 12 شخصا في فرنسا أمس في إطار تحقيقين في قضيتين مختلفتين يستهدفان أوساط الإسلاميين، على ما أفادت مصادر قريبة من التحقيق، في وقت تتزايد فيه الدعوات إلى اليقظة والتحذيرات من وقوع هجمات إرهابية. وأفادت المصادر أن تسعة أشخاص اعتقلوا في مرسيليا وأفينيون (جنوب) في إطار تحقيق يجري في باريس حول قضية إرهابية وقد تم ضبط أسلحة خلال اعتقالهم. وجرت هذه التوقيفات بناء على إنابة قضائية صادرة عن قاض في باريس متخصص في القضايا الإرهابية. وأضافت المصادر أن «بعض الأسلحة، بينها رشاش كلاشنيكوف وبندقية تعمل على الضغط إضافة إلى كميات من الذخائر» ضبطت خلال التوقيفات التي نفذتها دائرة مكافحة الإرهاب (سدات) التابعة للإدارة المركزية للشرطة القضائية.

كما اعتقل ثلاثة أشخاص قرب بوردو (جنوب غرب) وفي مرسيليا (جنوب) بعد العثور على معطياتهم بين مقتنيات إسلامي من أصل جزائري اعتقل السبت في إيطاليا وتطالب فرنسا بتسليمه، بحسب المصادر.

واعتقل هؤلاء من قبل عناصر المديرية المركزية للاستخبارات الداخلية إثر العثور على معلومات لدى اعتقال السلطات الإيطالية رياض حنوني في نابولي وفي حوزته معدات لصنع متفجرات. وتأتي هذه التوقيفات إثر الدعوات إلى توخي الحذر التي صدرت بعد المخاوف من وقوع هجمات إرهابية في دول أوروبية ولا سيما في فرنسا. وقالت السلطات الفرنسية الشهر الماضي إنها تلقت أنباء أفادت بأن مفجرا انتحاريا كان يدبر للهجوم على شبكة قطارات الأنفاق في باريس. وقالت مصادر في مخابرات غربية أيضا إنها كشفت خططا لشن هجوم منسق في مدن أوروبية. وأوصت وزارة الخارجية الأميركية رعاياها يوم الأحد بتوخي الحذر في السفر إلى أوروبا. ورفعت بريطانيا مستوى خطر الإرهاب من «عام» إلى «مرتفع» بالنسبة لمواطنيها المسافرين إلى ألمانيا وفرنسا.

إلى ذلك، يبحث وزراء داخلية دول الاتحاد الأوروبي خلال اجتماعهم يوم الخميس المقبل في لوكسمبورغ مخاطر تعرض القارة الأوروبية لـ«الإرهاب».

وأعلنت الرئاسة البلجيكية للاتحاد الأوروبي أمس في بروكسل أن الوزراء سيجتمعون مع ممثلين عن الحكومة الأميركية لبحث مخاطر الإرهاب المحتملة على أوروبا. وقال متحدث باسم مفوضة الشؤون الداخلية في الاتحاد الأوروبي سيسيليا مالمستروم إن ممثلا عن وزيرة الأمن الداخلي الأميركية جانيت نابوليتانو سيطلع الوزراء الأوروبيين على آخر التطورات.

وأكد المتحدث وجود تعاون وثيق بين أوروبا وأميركا وعمليات تبادل للمعلومات على مستوى رفيع، مشيرا إلى أن مالمستروم تجري اتصالات هاتفية مع الوزيرة الأميركية. ولكن المتحدث لم يكشف عن مضمون هذه المكالمات ولا عن نوعية الخطر. ويشمل جدول أعمال الوزراء بحث سبل مكافحة «الإرهاب» التي تتضمن نقل بيانات شخصية. من جهة أخرى أصدرت المزيد من الحكومات تحذيرات بضرورة توخي الحيطة والحذر أثناء السفر إلى أوروبا خوفا من وقوع هجمات إرهابية جديدة. فقد أصدرت حكومات اليابان والسويد واستراليا بيانات حذرت فيها مواطنيها من مخاطر اعتداءات ينفذها تنظيم القاعدة والجماعات المرتبطة به في أوروبا، لتنضما بذلك إلى كل من الولايات المتحدة وبريطانيا اللتين أصدرتا تحذيرات مماثلة. وطالب وزير الخارجية الياباني السياح المسافرين إلى أوروبا بتوخي الحيطة في المناطق السياحية وعند استخدام وسائل النقل.

وفي ألمانيا، قال وزير الداخلية توماس دي مايتسيره إنه لا توجد دلائل على وجود هجوم وشيك على بلاده. وفي برلين أكدت نقابة الشرطة الألمانية أنها تأخذ التحذيرات الحالية من وقوع هجمات إرهابية محتملة في ألمانيا على محمل الجد. وقال رئيس النقابة، كونراد فرايبورغ، في تصريحات لصحيفة «باساور نويه بريسه» الألمانية الصادرة أمس: «سافر العديد من الأشخاص من ألمانيا إلى معسكرات للتدريب (على العمليات القتالية) وعاد جزء كبير منهم ويعيشون هنا الآن... هذا يمثل خطرا كبيرا علينا».

وكانت وسائل إعلام بريطانية وأميركية ذكرت الأسبوع الماضي أن هناك خططا وضعها إرهابيون في باكستان لشن هجمات في أوروبا مشابهة لهجمات مومباي عام 2008. يذكر أن الهجمات التي استهدفت مدينة مومباي الهندية أسفرت عن مقتل أكثر من 160 شخصا.

الى ذلك يعتقد خبراء أمنيون والشرطة الألمانية أن تجمعات لمتشددين مسلمين مثل بعض المترددين على مسجد في هامبورغ له صلة بهجمات عام 2001 على الولايات المتحدة أفرزت ما يصل إلى مائة متشدد مدرب يمثلون خطرا أمنيا الآن. وتسلط أنباء مقتل 8 متشددين ألمان في هجوم يشتبه أن طائرة أميركية من دون طيار شنته في باكستان الضوء على عدد متزايد من المجاهدين الأشداء المدربين من ألمانيا الذين عادوا لأوروبا وقد يشاركون في هجمات.

وهونت الحكومة الألمانية من أمر أحدث تحذيرات أمنية أميركية وبريطانية بشأن خطر متزايد لهجمات إرهابية في أوروبا، لكن الشرطة ترى تهديدا متزايدا من متشددين تدربوا على الحدود الأفغانية الباكستانية. ونشرت الصحف صورا لمعالم برلين التي تعد أهدافا محتملة مثل بوابة براندنبورغ وبرج التلفزيون، بينما حذر قائد النقابة الرئيسية للشرطة في ألمانيا قائلا: ينبغي أن نتوقع هجمات. وقال مسؤولو مكافحة الإرهاب في أوروبا والولايات المتحدة إن المخاوف بشأن نحو مائة إسلامي ألماني سافروا بين ألمانيا والمناطق القبلية في باكستان ساهمت في إعلان التحذير الأمني الأخير في أوروبا. وتتابع الأجهزة الأمنية منذ فترة التجمعات الإسلامية المتطرفة في ألمانيا، وبصفة خاصة مسجد في هامبورغ تردد عليه محمد عطا قائد المجموعة التي نفذت هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 على الولايات المتحدة.

وفي واشنطن قال الخبراء أمس إن تحذير الولايات المتحدة مواطنيها من خطر متزايد لهجمات إرهابية في أوروبا يبعث أيضا برسالة واضحة للمتشددين مفادها «نحن نلاحقكم». واعترف مسؤولون أميركيون أمس بأن التبعات يمكن أن تسير في اتجاهين. وقال مسؤول أميركي طلب عدم ذكر اسمه: «ثمة تأثير كبير على أنشطة مكافحة الإرهاب حين يدرك العدو أنك تراقب تحركاته. قد يتوقف الاتصال بين مشتبه بهم معروفين أو يختبئون أو يحاولون التخلص من الجواسيس. كما أن الاعتراف علنا بوجود تهديد يزيد من حالة الارتباك التي تصيب مسؤولي المخابرات في الغرب مع تعرضهم لسيل من المعلومات المشكوك فيها والخاطئة وإنذارات كاذبة. لكن التحذير يمكن أيضا أن يفسد خططا ويدفع المتشددين للعدول عن تنفيذ هجوم. ويزيد ذلك من تعقيد قرار مثل الذي اتخذته وزارة الخارجية الأميركية يوم الأحد الماضي بإصدار تحذير للعامة. وكان المحرك وراء إصدار التحذير الأميركي معلومات عن مؤامرة ضد أهداف أوروبية تحاك في المناطق القبلية بباكستان. ويقول مسؤولون أميركيون إنه من المحتمل أن يكون قادة بارزون في «القاعدة» من بينهم أسامة بن لادن ضالعين فيها. والتحذير الأميركي في حد ذاته كان غامضا إلى حد كبير وغطى أوروبا بالكامل. وقال بول بيلار المسؤول السابق عن مكافحة الإرهاب بوكالة المخابرات المركزية الأميركية «سي.آي.إيه» ويعمل حاليا في جامعة جورج تاون، إن التحذير لم يكشف سوى القليل. وأضاف بيلار: «حين يكون ما يعلن عاما وغير محدد مثلما ورد في حالة التحذير الخاص بأوروبا يصعب تصور الأضرار التي قد تلحق بأي مصادر وأساليب معينة». وتابع أن المهاجمين المحتملين يقرأون الصحف أيضا والتقارير الإعلامية التي تعرض تفاصيل أكثر تمدهم بمعلومات أيضا. وقال بيلار ثمة فرص وثمة ثمن أيضا.