أمين عام الجامعة العربية لـ«الشرق الأوسط»: مخاطر كبير قادمة على العالم.. والعرب في الواجهة

لخصها في التغير المناخي وأزمات الغذاء والماء والطاقة

من اليسار: وليد المهيري وعارف النقفي وأحمد رضا شامي وكارلوس غصن أثناء الجلسة الثانية من منتدى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (إ.ب.أ)
TT

فرضت قضايا الأمن الغذائي والمائي وترشيد استهلاك الطاقة وتنويع مصادرها في المنطقة العربية نفسها بشكل ملح في منتدى مراكش.

وفي هذا السياق، أكد لـ«الشرق الأوسط» عمرو موسى، الأمين العام لجامعة الدول العربية، أن مشكلات كبيرة، كما وصفها، قادمة «ليس على العرب فقط، بل على كل العالم»، وتتمثل برأيه في «التغير المناخي، وأزمة الغذاء، وأزمة الماء، وأزمة الطاقة».

الأمين العام للجامعة العربية، الذي كان يتحدث لـ«الشرق الأوسط» على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي حول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمدينة مراكش، ضم صوته إلى صوت الشخصيات المشاركة في المنتدى، وفي مقدمتها مؤسس المنتدى الاقتصادي العالمي ورئيسه البروفيسور كلاوس شواب، في أن تعزيز التجارة البنينية بين الدول العربية يمكن أن يجعلها لاعبا كبيرا في الاقتصاد العالمي، وبنفس الثقل والتأثير الاقتصادي لدول مجموعة «بريك» الصاعدة، التي تضم البرازيل، وروسيا والهند والصين، غير أن عمرو موسى أكد أن التعاون العربي يجب ألا يقتصر فقط على تعزيز التجارة البينية، إنما أيضا يشمل تعزيز الاستثمارات المحلية والإصلاح الاقتصادي في المنطقة، مما سيؤهل العرب لأن يكونوا لاعبا اقتصاديا أساسيا على المسرح الدولي.

ورفض عمرو موسى ما أثير من أن الجامعة العربية تركز أكثر على الجوانب السياسية على حساب القضايا الاقتصادية، وأكد أن الجامعة بقدر ما تركز على القضايا السياسية والأمنية، فإنها تأخذ بعين الاعتبار القضايا الاقتصادية والتنموية، بل تعزز حتى اهتماماتها الثقافية.

وفرض موضوع الأمن المائي والغذائي في المنطقة العربية نفسه بشكل ملح على منتدى مراكش. وكان المنتدى الاقتصادي العالمي قد أبرز التحديات والمخاطر التي تواجهها المنطقة على هذا الصعيد في تقريره لسنة 2010، والذي حمل عنوانا مخيفا «الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في خطر». وأكد التقرير أنه على الرغم من الفوارق الإقليمية الكبيرة بين دول مجلس التعاون الغنية وبقية الدول في المنطقة، فإن المنطقة تعاني من مشكلة نقص المياه، حيث تظل المنطقة العربية من بين المناطق الأكثر جفافا في العالم، مما يؤثر بشكل خطير على الوضعية الاجتماعية والاقتصادية بالمنطقة. ويتوقع التقرير أن تنقص كمية المياه المتاحة للفرد بحلول عام 2050 إلى أكثر من النصف، بسبب النمو الاقتصادي وتغير المناخ. ويرى التقرير أنه «مع أن تغير الزراعة هو المسؤول عن استنزاف أكثر من 85 في المائة من المياه العذبة واستخدام الطاقة لتحلية المياه لكون ذلك المصدر الوحيد للمياه في المنطقة، فإن هناك حاجة ملحة لنهج سياسات لإدارة المياه، خصوصا بسبب العلاقة الوثيقة بين ندرة المياه وتحقيق الأمن الغذائي والطاقي».

وأشار التقرير إلى موضوع مهم آخر وهو الأمن الطاقي، الذي يبدو طرحه بالنسبة للكثيرين ربما مفاجئا، حيث يؤكد التقرير أنه «على الرغم من أن المنطقة تبدو غنية في مجال الطاقة، لامتلاكها 56 في المائة من احتياطي النفط العالمي، فإنها تعاني عجزا في مجال الأمن الطاقي، إذ تعد بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أكثر استهلاكا للطاقة من بلدان منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية بنسبة 60 في المائة، كما يتسبب التدهور البيئي واستنزاف الموارد وقلة التسهيلات المتوافرة لتحويل التوزيع الإقليمي غير المتوازن لموارد الوقود في تقييد اقتصاديات دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا». وشدد التقرير على أن «الترابط المتبادل في إمدادات المياه بالمنطقة الذي يسببه الاعتماد الشديد على تحلية المياه سيفرض خيارات صعبة في توزيع الموارد»، مشيرا إلى أن «قطاع الطاقة المتجددة لا يزال أمامه شوط طويل للمساهمة في ضمان أمن طاقي. أما القطاع الخاص فيفتقر حاليا إلى العزيمة للاستثمار في التكنولوجيات الحديثة».

ولفت التقرير إلى خطر آخر وتحد كبير يواجه منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يتمثل في «نقص الاستثمار في البنية التحتية». واعتبر التقرير أن ذلك «يشكل حاجزا للنمو في بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فهو على سبيل المثال ينقص 20 في المائة، من القدرة الكهربائية في أنحاء المنطقة». وشدد التقرير على أن «البيئة القانونية والتنظيمية في المنطقة، أو البنية التحتية (اللينة)، تشكل حاجزا كبيرا في وجه القطاع الخاص، لمشاركته في مشاريع البنية التحتية، مما يجعل من الصعب مطابقة العرض مع المستويات القائمة من الطلب».

واعتبر التقرير أن «من شأن تطوير بنية تحتية مركزة إقليميا، خصوصا، في مجالات المياه والطاقة والنقل، أن يخلق اقتصاديات قوية، ويزيد من فرص الاستثمار وقدرة المنطقة على مواجهة الإخفاقات الحادة».

ومما يؤكد على التحديات التي تواجهها المنطقة في موضوع البنية التحتية، ذُكرت في المنتدى أرقام مهمة ولافتة، حيث بلغت قيمة الاستثمارات في البنية التحتية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في 2008 نحو 27 مليار دولار، قبل أن تتراجع إلى 6 مليارات دولار فقط بحلول منتصف 2009. وتحتاج المنطقة بين 75 و100 مليار دولار كاستثمارات في البنية التحتية خلال السنوات الخمس المقبلة.

ومن المواضيع التي تكرر الحديث والنقاش فيها في المنتدى موضوع تمكين المرأة وضرورة بروز طبقة متوسطة فاعلة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وفي ندوة حول الموضوع، أشارت لبنى العليان، الرئيس المشارك للمنتدى، ورئيسة مجموعة «العليان» السعودية، إلى أنه «يجب على العرب أن يتعلموا من الآخرين في هذا الصدد، فالبرازيل مثلا تمكنت من رفع نحو 30 مليونا من مواطنيها إلى الطبقة المتوسطة، وأنقصت معدلات الفقر بشكل كبير».

فيما لفت نزار بركة، وزير الشؤون الاقتصادية المغربي، إلى أن «عدم تحقيق الاتحاد المغاربي يفقد الناتج الإجمالي المحلي للمنطقة نحو 2% سنويا.. وإذا فتحت الحدود بين الجزائر والمغرب سيكون بالإمكان مضاعفة الدخل الفردي لمواطني البلدين خلال 7 سنوات فقط».

وكان مستقبل العراق، خاصة من الناحية الاقتصادية، محور ندوة نقاش ركزت على مدى قدرة العراق على التخلص من كونه اقتصادا يعتمد على النفط وعلى القطاع العمومي وتدخل الدولة، وكيف يمكن للعراق الجديد التحول نحو اقتصاد أكثر تنافسية واستثمارا في الطاقات البشرية. ولعل من أبرز الأسئلة التي طرحت للنقاش، مدى قبول الجارة إيران، التي تم التأكيد على الدور المؤثر الذي تلعبه في العراق، ببروز عراق جديد باقتصاد قوي وأكثر تنافسية.