مسؤولون عسكريون: «القاعدة» في العراق أصبحت أشد فتكا بعدما أصبحت محلية

قالوا إن مقاتليها الآن أغلبهم عراقيون من «خريجي» المعتقلات الأميركية

TT

يقول مسؤولون عسكريون إن تنظيم القاعدة في العراق تحول إلى حركة تمرد محلية أشد فتكا وأكثر جرأة تتألف من مقاتلين عراقيين اكتسبوا صلابة في السجون الأميركية ويمثلون تحديا للقوات العراقية.

وضعف التنظيم استراتيجيا إثر مقتل بعض قاداته كما تقلصت أعداد أفراده والأراضي التي يستطيع المناورة فيها منذ عامي 2006 و2007 حين انقلب شيوخ العشائر السنية عليه ووحدوا صفوفهم مع الجيش الأميركي.

لكن، حسب تقرير لوكالة رويترز، ربما تكون مكافحة ما يطلق عليه المسؤولون العراقيون «الجيل الثالث» من «القاعدة» في العراق أصعب من ذي قبل لأن مقاتليه يستطيعون الاندماج في المجتمع العراقي ويعرفون نقاط ضعفه، كما أنهم يهتمون بأن تترك هجماتهم أثرا قويا أكثر من اهتمامهم بتحقيق انتصارات في ميدان المعركة.

وتهدف هجمات «القاعدة» إلى جذب الانتباه وهز السكان في وقت مشحون بالتوترات الطائفية لإخفاق الساسة في الاتفاق على حكومة عراقية جديدة بعد 7 أشهر من انتخابات غير حاسمة.

وقال اللواء الركن حسن البيضاني رئيس هيئة أركان الجيش في قيادة عمليات بغداد «أعتقد أننا نتعامل مع الجيل الثالث لـ(القاعدة). جيل أغلبه تخرج من (مركزي الاعتقال الأميركيين) بوكا وكروبر ومن مناطق مختلفة». ومضى يقول إن «القاعدة» أظهرت أشكالا من المواجهة «قد يكون فيها نوع من الجرأة» حيث تهاجم أهدافا تخضع لحراسة مشددة وقوات الأمن مباشرة. وتابع أن التنظيم «استراتيجيته تعتمد بالدرجة الأولى على الصدمة. هو ليس من النوع الذي يبحث عن كثير من أجل النجاح. هو يبحث كثيرا من أجل أن يقال إنه فعل شيئا لذلك يختار مناطق محصنة».

ويكافح رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي للاحتفاظ بمنصبه في ظل معارضة كتلة العراقية العلمانية التي يدعمها السنة ويقودها رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي وبعض الحلفاء السابقين من الشيعة. ويقول مسؤولون أمنيون إنه إذا انتهى المطاف بتنحية «العراقية» جانبا فإن رد فعل السنة الذين أيدوها في مارس (آذار) ربما يتسم بالغضب وقد يعودون إلى دعم تمرد المتشددين السنة.

وكان معظم أفراد الجيل الأول من عناصر القاعدة في ميادين المعركة في العراق من العرب القادمين من الخارج. أما الجيل الثاني فكان خليطا من السنة الأجانب والعراقيين الغاضبين من الغزو وصعود الأغلبية الشيعية العراقية إلى الحكم بعد سقوط صدام.

والآن تلعب قوات الأمن العراقية دورا محوريا بعد أن أوقفت القوات الأميركية العمليات القتالية في أغسطس (آب) قبل الانسحاب الكامل عام 2011 غير أنها تواجه تهديدا من جانب متشددين شبان يؤمنون بالجهاد بشدة. وقال البيضاني الذي وثق جميع أنشطة «القاعدة» على مدى السنوات الأربع الماضية «هذا مكمن الخطر كونه يعرف مكامن الضعف في المجتمع العراقي».

وفي 13 يونيو (حزيران) شن تنظيم دولة العراق الإسلامية المرتبط بـ«القاعدة» موجة من التفجيرات الانتحارية استهدفت البنك المركزي في بغداد الخاضع لحراسة مشددة مما أسفر عن مقتل 15 شخصا. وفي الشهر التالي هاجم انتحاري مكتب قناة «العربية» الإخبارية الخاضع لحراسة مشددة. وفي الخامس من سبتمبر (أيلول) قتل انتحاريون 12 شخصا حين هاجموا قاعدة للجيش في بغداد حيث استطاع مهاجم انتحاري قبل ذلك بأسبوعين قتل 57 من المتطوعين والجنود بالقوات المسلحة.

وقال مسؤول كبير بالشرطة طلب عدم نشر اسمه إن الهجوم على قاعدة الجيش فاجأ المسؤولين إذ كان الخبراء الاستراتيجيون بالجيش يعتقدون أن المتشددين لن ينجحوا في استخدام انتحاريين في هجمات على منشآت عسكرية. وأضاف: «المشكلة أن معلومات عدونا الاستخبارية أقوى من مخابراتنا». وقال: «هم يعرفون مواعيد الواجبات.. الطعام.. الاستراحة.. ساعات تبديل الواجبات.. نوع وعدد الأسلحة الموجودة في كل قاعدة عسكرية من قواعدنا».

ويقول قادة عسكريون أميركيون إن التحول الذي حدث بتنظيم القاعدة في العراق تزامن مع هجمات ضده من بينها تلك التي قتل فيها أبرز قيادييه.. أبو أيوب المصري وأبو عمر البغدادي، كما تزامن مع قطع صلاته بالتنظيم في الخارج. وقال البريجادير جنرال رالف بيكر «حاولوا أن ينهوا اعتمادهم على هيكل قيادة خارجي». وتحاول خلايا «القاعدة» العودة إلى معاقلها مثل حي الأعظمية وحي الفضل في العاصمة وتوزع منشورات تحمل تهديدات لترويع الجماهير. لكن من غير المرجح أن ينجح التنظيم في هدفه البعيد المدى وهو إسقاط الحكومة وديمقراطية العراق الوليدة وإقامة نظام خلافة سني.

وقال بيكر «لم نعد نرى أن (القاعدة) تمثل تهديدا لوجود الحكومة العراقية».