مفاوض كردي لـ«الشرق الأوسط»: في لقاءات أربيل لمسنا تغيرا في مواقف المتشددين من قائمة علاوي

حديث عن «توافق أولي» بشأن تولي ائتلاف الحكيم رئاسة الوزراء والأكراد الجمهورية و«العراقية» البرلمان

صورة وزعها الديوان الملكي الأردني، أمس، للعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني لدى استقباله إياد علاوي، زعيم القائمة العراقية أمس («الشرق الأوسط»)
TT

في الوقت الذي غادرت فيه معظم الوفود العراقية التي وصلت إلى إقليم كردستان مطلع الأسبوع الماضي بعد التشاور مع قيادة الإقليم حول أزمة تشكيل الحكومة العراقية المقبلة، أكدت مصادر في التحالف الكردستاني والقائمة العراقية بزعامة رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي والمجلس الأعلى الإسلامي بزعامة عمار الحكيم، أن التقارب بين هذه الأطراف الثلاثة «صار كبيرا جدا» لتشكيل الحكومة المقبلة.

وقال قيادي كردي إن المحادثات التي أجريت في كردستان «كانت إيجابية جدا، ولكنها لم تثمر أي نتائج ملموسة باتجاه حل الأزمة الحالية، ولذلك فإن الدور انتقل إلى بغداد على أمل التوصل إلى تفاهمات تسهل اجتياز الأزمة وخصوصا مع اقتراب موعد الجلسة البرلمانية التي أكد عليها قرار المحكمة الفيدرالية». وأضاف محمود عثمان، القيادي في التحالف الكردستاني وعضو الوفد التفاوضي الكردي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن المحادثات «تطرقت إلى المسائل العمومية، وكان هدف القيادة الكردية محاولة التقريب بين الفرقاء العراقيين وضمان جمعهم على طاولة واحدة بجهود رئيس الإقليم مسعود بارزاني، أما التفاصيل بمعنى مناقشة المواضيع المطروحة نقطة بنقطة فستكون في بغداد بين وفود الكتل السياسية، ولذلك فإن الوفد الكردي سيعود إلى بغداد في غضون اليومين المقبلين لاستئناف مباحثاته مع الكتل العراقية الأخرى، وسنضع مبادرة الرئيس بارزاني على طاولة البحث بشكل رسمي». وأضاف عثمان أن «ما ميز محادثات ولقاءات كردستان هو التغير الحاصل في مواقف بعض الشخصيات التي عرفت بمواقفها المتحفظة أو المعادية للتطلعات الكردية، فوفد القائمة العراقية الذي جاء برئاسة إياد علاوي ضم كلا من أسامة النجيفي وصالح المطلك المعروفين بمواقفهما المتشددة من الدور الكردي، ولكننا لمسنا في لقاءاتنا معهما تغيرا في تلك المواقف، وهذا ما أسهم في أن تسير المباحثات التي تطرقنا في بعض جوانبها إلى المشكلات الأساسية مثل مشكلة الموصل والخلاف القائم هناك بين عرب وأكراد المحافظة بشكل إيجابي». وحول الوضع داخل الكتلة الكردستانية ومدى تماسكها، خاصة مع تسريب المعلومات بوجود انقسام داخل الكتلة حول التحالف مع الكتل العراقية، قال عثمان «إن العلاقات الشخصية التي تربط القيادات الكردية بقادة الكتل العراقية سوف لا تؤثر على سير المفاوضات الجارية بشأن التحالفات المستقبلية، فعلى سبيل المثال فإنه على الرغم من العلاقة الطيبة التي تربط بين رئيس الإقليم مسعود بارزاني مع إياد علاوي، وعلاقة الرئيس طالباني مع رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي، فإن هذه العلاقات لن تؤثر في اختيارات الكتلة الكردستانية للتحالفات المستقبلية، فالكتلة بأطرافها المختلفة تمثل الشعب الكردستاني، ورغم وجود ميول لدى البعض باختيار هذه الكتلة أو تلك وهذا أمر طبيعي، ولكن الوفد الكردستاني يعمل وفقا للمصالح العليا للشعب الكردستاني، وهناك ورقة تفاوضية مطروحة على الجميع، فأي كتلة تلبي أكبر قدر من المطالب الواردة فيها سيتحالف الكرد معها، فنحن ليس من مصلحتنا أن نؤيد هذا الطرف على حساب الآخر، ولا نريد أن نكون سببا في تأخير الأزمة أكثر من ذلك بتفضيل هذا الطرف أو ذلك». وأكدت ميسون الدملوجي، المتحدثة الرسمية باسم «العراقية»، أيضا لـ«الشرق الأوسط» أن المباحثات التي أجرتها قيادات القائمة في كردستان كانت إيجابية. من جهتها، أفادت مصادر في «العراقية» والمجلس الأعلى بأن ما حصل في أربيل وبغداد أمس وأول من أمس، يؤكد أن التقارب بين التحالف الكردستاني والمجلس الأعلى والقائمة العراقية صار كبيرا جدا. وحسب المصادر ذاتها فإنه «تم التوافق بشكل أولي على أن تكون رئاسة الوزراء للائتلاف الوطني (بزعامة الحكيم) ورئاسة الجمهورية للأكراد ورئاسة البرلمان للقائمة العراقية مع مناصب ووزارات أخرى».

إلا أن عدنان السراج، القيادي في ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي، أكد لـ«الشرق الأوسط» أن الأكراد هم الأقرب إليهم وأنهم والأكراد و«تحالف الوسط» الذي تشكل مؤخرا من «جبهة التوافق» و«ائتلاف وحدة العراق» بزعامة جواد البولاني وزير الداخلية هم من سيشكلون الحكومة وسيدعون «العراقية» للمشاركة فيها باعتبار أنها حكومة شراكة وطنية. وقال السراج لـ«الشرق الأوسط» إن «أقرب سيناريو للتطبيق سيبرز الأسبوع المقبل وسيكون الاتفاق على أن يتولى جلال طالباني رئاسة الجمهورية ونوري المالكي رئاسة الوزراء وأن ترشح القائمة العراقية شخصا لرئاسة البرلمان».

إلى ذلك, بحث العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني مع علاوي، أمس، عددا من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، وآخر التطورات على الساحة العراقية. وذكر بيان للديوان الملكي الأردني أن الملك عبد الله الثاني شدد على أهمية تشكيل حكومة عراقية تحقق تطلعات الشعب العراقي في مستقبل أفضل وتكون قادرة على تعزيز وحدة شعبه وصون سيادته، مؤكدا دعم الأردن لكل ما يصب في تحقيق الوفاق والمصالحة بين أبناء الشعب العراقي.

وجدد العاهل الأردني تأكيد دعم بلاده الكامل للجهود المستهدفة ترسيخ الأمن والاستقرار في العراق، الذي يشكل أمنه واستقراره ركيزة أساسية لأمن واستقرار المنطقة.

من جانبه، أطلع علاوي الملك عبد الله الثاني على نتائج جولته الأخيرة التي شملت عددا من الدول العربية، كما عبر عن تقديره لمواقف الملك عبد الله الثاني الداعمة لتعزيز أمن واستقرار العراق واستعادة دوره الحيوي والمهم في المنطقة.

وكان رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي قد التقى الملك عبد الله الثاني الأسبوع الماضي والذي أطلعه على المشاورات الجارية لتشكيل الحكومة العراقية.