وزير العمل المغربي لـ «الشرق الأوسط»: هجرة المغاربة نحو العالم العربي تتراجع

جمال أغماني: تفاقم بطالة الجامعيين راجع إلى عدم الملاءمة بين الدراسة وحاجيات السوق

جمال أغماني وزير العمل المغربي («الشرق الأوسط»)
TT

قال جمال أغماني، وزير العمل المغربي، إن فئة مهمة من المغاربة في الخارج أضحت تجذبها سوق العمل داخل البلاد، بفضل الحركية التي يعرفها الاقتصاد المغربي في السنوات الأخيرة، وهو ما يفسر إلى حد ما تقلص نسبة الكفاءات والمهاجرين المغاربة في دول أخرى، وكذا تراجع نسبة البطالة. وقال أغماني في حوار مع «الشرق الأوسط»، إن الأرقام التي تروج حول ظاهرة تشغيل الأطفال والفتيات القاصرات غير دقيقة، وتقوم على أساس معطيات قديمة. وأعلن عن قرب إقرار مشروع قانون خاص بتنظيم عمل الخادمات في البيوت، يمنع تشغيل الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 سنة.

وأعلن أغماني أيضا عن أن وزارته تعمل، بالتنسيق مع وزارة التعليم العالي وقطاع التكوين المهني و«الوكالة الوطنية للتأمين الصحي»، على مشروع قانون يتعلق بوضع نظام للتغطية الصحية لصالح الطلاب المغاربة الذين سيصل عددهم قريبا إلى 600 ألف طالب. وتطرق أغماني إلى مسألة البطالة التي يعانيها خريجو الجامعات، وقال إن ما يؤدي إلى تفاقمها هو عدم الملاءمة بين الدراسة والتكوين وحاجيات سوق العمل. وفي ما يلي نص الحوار..

* هناك عدة اتفاقيات حول العمالة المغربية بين الرباط والدول العربية، ما هي مشكلة عدم تطبيق هذه الاتفاقيات؟

- صحيح أن المغرب يرتبط بمجموعة من الاتفاقيات مع دول عربية، وهناك نسبة عمالة مغربية كبيرة في عدد من الدول مثل ليبيا ودول الخليج العربي، ولدينا وسائل لمتابعة هذا الأمر، وهذه الآليات تتم من خلال عقد اجتماعات دورية لتدارس الإشكاليات المرتبطة بأوضاع العمالة مثل الضمان الاجتماعي، ونحن نحرص على تطبيق جميع الاتفاقيات. وبشأن تطبيق الاتفاقيات الموقعة مع بعض الدول، التي ضمنها الدول العربية، فإن ذلك يهدف إلى وضع إطار قانوني للهجرة، ذلك أن أي مغربي يريد الهجرة للعمل في الخارج، مطلوب منه أن يقدم لوزارة التشغيل (العمل) عقد العمل الذي توصل به، وحينها تمنح له تأشيرة الهجرة، وأقصد هنا «الهجرة المنظمة». وأود هنا الإشارة إلى أن هذه الفئة من المهاجرين أصبحت تجد اليوم عملا في المغرب لذا تقلصت نسبتهم بسبب الاشتغال في المشاريع الكبرى التي انطلقت خلال العشر سنوات الماضية مثل الطرق السريعة، ومشاريع إعادة تنظيم بعض المدن وبناء مدن جديدة، وما يؤكد توفر فرص عمل هو أن نسبة البطالة تقلصت بشكل كبير، حيث كانت تصل في عام 2000 إلى 13.9 في المائة، بينما بلغت في الفصل الثاني من عام 2010 إلى حدود 8.2 في المائة.

كما يلاحظ حدوث تحول في الهجرة خلال السنوات الأخيرة، إذ أصبح المغرب بدوره نقطة جذب من دول أخرى وقبلة للمهاجرين للعمل فيه، وهذا التحول يمكن أن يكون قد أدى إلى تناقص في الأيدي العاملة المغربية التي كانت تتوجه إلى دول أخرى من بينها الدول العربية، ويعرف المغرب اليوم حركية ومشاريع بناء كبرى إلى حد أنه توجد صعوبات لبعض شركات في إيجاد الكفاءات المطلوبة للعمل في هذه المشاريع.

* ما مدى صحة الأنباء القائلة بأنكم تبحثون للعمالة المغربية عن فرص عمل في الأسواق الأفريقية، خصوصا أنكم عدتم مؤخرا من زيارة إلى غرب أفريقيا؟

- المؤتمر الذي شاركت فيه في ياوندي، عاصمة الكاميرون، لم يتناول هذا الموضوع، كان عبارة عن لقاء إقليمي، موضوعه الأساسي هو تطبيق مفهوم العمل اللائق في أفريقيا، وأتيحت لي فرصة اللقاء بمسؤولين أفارقة، وكذلك بمسؤولي منظمة العمل الدولية التي أشرفت على تنظيم اللقاء، وتأكيد أهمية التعاون جنوب - جنوب. وعندما نتحدث عن هذا التعاون فإن ذلك يأتي في سياق أن عددا من الدول الأفريقية لها تجارب حول الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية الإجبارية على المرض، وصناديق التأمين الخاصة بالعاملين في أماكن العمل مثل التأمين ضد حوادث العمل والأمراض المهنية، وهي كلها أمور تبادلنا حولها الخبرات، وبالتالي لقد بحثنا هذه الأمور لا سبل انتقال العمالة المغربية إلى الأسواق الأفريقية.

* هناك الكثير اللغط عن عمل المغربيات في «مزارع التوت» في إسبانيا. ما حقيقة الأمر؟

- هذا الأمر يدخل في إطار اتفاقية موقعة عام 2004 بين إسبانيا والمغرب بدعم من الاتحاد الأوروبي حول تنظيم الهجرة القانونية. وتبعا لهذه الاتفاقية فإنه عندما ترغب إسبانيا أو أصحاب الضياع الزراعية في مزارعين مغاربة، يتم ذلك عن طريق «الوكالة الوطنية للتشغيل»، التي تنظم عملية اختيار الرجال والنساء الذين يعملون في تلك المزارع بعقود موسمية مدتها ثلاثة إلى أربعة أشهر أو أكثر، يعودون بعدها إلى المغرب. إن هذه الضياع تحتوي على فواكه أخرى ولا تقتصر على التوت فقط، والتوت هذا صار مصطلحا صحافيا للإثارة فقط. أما بالنسبة لما يقال حول ظروف العمل، أؤكد أن العاملات يتوفرن على التأمين الاجتماعي والتغطية الصحية، ولاحظت في آخر زيارة قمت بها إلى هناك أن ظروف سكنهن تحسنت كثيرا مقارنة بما شاهدته خلال زيارة قمت بها قبل سنتين. أما بشأن وقوع حوادث فذاك أمر طبيعي، ويتم اللجوء إلى الإجراءات القانونية المعمول بها في هذا الشأن.

* ما هي أبرز المشكلات التي تواجهها هؤلاء المغربيات؟

- بداية أوضح أنه بسبب تداعيات الأزمة المالية العالمية، تناقص الطلب على هؤلاء العاملات لكن يجب التأكيد أنه، رغم ذلك، انتقلت ستة آلاف عاملة مغربية للعمل في الضياع الزراعية. وكان الهدف هو انتقال 16 ألف عاملة، لكن العدد تقلص بسبب الأزمة العالمية، لكن المغرب ظل من أكثر البلدان التي يرغب الإسبانيون في جلب عمالة منه، وهو ليس الوحيد، فهناك دول أخرى لها علاقة بحركية الأيدي العاملة مثل دول أوروبا الشرقية وغيرها.

* هل سبق أن ظلت عاملات في إسبانيا بعد انتهاء فترة العمل الموسمية؟

- طبقا للتقييم المشترك المغربي - الإسباني، فإن نسبة العودة منذ عام 2007 انتقلت من 45 في المائة إلى أكثر من 95 في المائة.

* هل تستجيب المزارعات فعلا للشروط التي يطلبها الإسبان؟

- المزارعات المغربيات لديهن خبرة، ومنذ تحملت المسؤولية الحكومية، وضعنا في الوزارة مقاييس للانتقاء ضمنها التركيز على المناطق القروية بالأساس، حيث تتوفر للنساء الخبرة في مجال الزراعة، وهذا ما أدى إلى ارتفاع نسبة العودة بعد انتهاء العمل الموسمي بشكل كبير.

* تثير مسألة تشغيل الأطفال والخادمات القاصرات في المغرب الكثير من الجدل وسط المنظمات الحقوقية داخل وخارج المغرب. ما هو دور وزارتكم في هذا الصدد؟

- بداية يجب الإشارة إلى أن هذه ظاهرة دولية وليست مقتصرة على المغرب، ثم إن الإحصائيات التي يتم ترويجها ليست دقيقة. سأعطيك مثالا على ذلك بدراسة أجرتها وزارة التشغيل عام 1999 حول هذه الظاهرة، وتم نشر نتائجها عام 2000، وخلصت هذه الدراسة إلى أن هناك 600 ألف طفل في سوق العمل.

وكانت هذه النتائج قاعدة للانطلاق في برنامج على مستوى الإصلاحات التشريعية والقانونية وعلى مستوى التوعية ونشر التعليم، ثم جاءت مدونة الشغل (قانون العمل) عام 2004، التي منعت تشغيل الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 سنة، وبعدها جاء قرار إجبارية التعليم، وخلال السنوات الأخيرة جاءت كذلك المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، كما تم وضع برنامج استعجالي للتعليم، صارت بموجبه الدولة تتحمل كافة مصاريف التعليم الابتدائي، وكان هناك برنامج مليون حقيبة مدرسية تحتوي على كتب وأدوات مدرسية، الذي عرف هذا العام توزيع نحو 4 ملايين و600 ألف حقيبة مدرسية على التلاميذ داخل المؤسسات الابتدائية. هناك أيضا برنامج «تيسير»، الذي يقدم دعما ماليا مباشرا للأسر المعوزة، خصوصا في المناطق النائية، واستفاد منه هذا العام 600 ألف طفل ستؤدي الدولة لأسرهم منحا مالية مباشرة حتى لا ينقطعوا عن مقاعد الدراسة، بالإضافة إلى برنامج توزيع اللباس المدرسي، إلى جانب كل البرامج التي وضعت من طرف مؤسسة محمد الخامس للتضامن، المتعلقة بدور (إقامات) الطالبات في المناطق النائية والوعرة، وفي هذا الجانب كانت هناك برامج وضعت من طرف الوزارة، وبخاصة في السنتين الأخيرتين، تهدف إلى محاربة ظاهرة تشغيل الأطفال والقاصرات وإعادة إدماجهم في التعليم، هناك كذلك برنامج التدرج المهني، الذي يفسح المجال للشباب الذين انقطعوا عن الدراسة من أجل اكتساب حرفة أو مهنة، يتم من خلالها إدماجهم قانونيا داخل سوق العمل. ورغم كل هذه الخطوات والمشاريع ظل كثيرون يتحدثون عن 600 ألف طفل، وهو رقم يتم تداوله منذ عام 2000 أي بعد مرور عشر سنوات. وكل ما ذكرته انعكس على الإحصائيات الأخيرة التي أجرتها المندوبية السامية للتخطيط (بمثابة وزارة تخطيط)، حيث أبانت أن الرقم انخفض بنسبة 60 في المائة، وينتظر أن ينخفض أكثر خاصة مع برنامج «تيسير»، والبرامج المرتبطة بالأسر في المناطق النائية. لا يمكن القول إننا قضينا على الظاهرة تماما، لكن الأهداف التي وضعت في الخطة الوطنية للطفولة تجعل القضاء النهائي على ظاهرة تشغيل الأطفال في متناولنا.

ثم إن هناك جانبا آخر، إذ ينتظر، تعزيزا لتشريع العمل، أن يتم في الأسابيع المقبلة إقرار مشروع قانون ستدرسه الحكومة، ينظم عمل خدم المنازل ويوفر لهم تغطية اجتماعية، وسيمنع هذا القانون تشغيل الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 سنة داخل المنازل، بالإضافة إلى مجموعة من الإجراءات الجديدة التي جاء بها هذا القانون.

*هناك الكثير من الانتقادات التي توجه لوكالات العمل التابعة لوزارتكم، منها عدم الشفافية في العمل.. ما رأيكم في هذه الانتقادات؟

- لم أسمع بهذا من قبل، ومنذ تحملي المسؤولية الوزارية لم أتلق أي خبر أو شكوى بخصوص هذا الأمر، لأنه موضوع بسيط جدا ويتم التعامل معه طبقا للإجراءات التي تم إقرارها داخل «الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات بالمغرب» التي تلعب دور الوساطة، أي عندما تكون هناك مقاولة أو مصنع أو معمل يرغب في عمال أو كفاءات فإنه يتقدم إلى الوكالة بطلب لتلبية حاجياته، وهي تضع رهن إشارة تلك المؤسسة ما يسمى قاعدة المعطيات التي تتوفر عليها حسب المهن، والمقاولة هي التي تجري المعاينة وتختار الكفاءات التي تريد، وهذه هي حدود عمل الوكالة. والجانب الثاني الذي تستفيد منه المقاولات في المغرب هو تسهيلات ضريبية وتخفيضات على مستوى عدد من الرسوم من خلال برنامجي «إدماج» و«تأهيل». وأود أن أؤكد أن الوكالة تعمل فقط على تسهيل دخول خريجي الجامعات إلى سوق العمل، خصوصا أولئك الذين أمضوا ستة أشهر بعد التخرج، ولم يجدوا عملا، طبقا لما ينص عليه قانون الوكالة، وهي خدمة لا تقدم لجميع الخريجين.

* هل لديكم أي مبادرات بشأن تخفيف الظروف الصعبة التي تواجه العمالة المغربية في أوروبا حاليا؟

- المؤكد أن المغرب تأثر بالأزمة الاقتصادية العالمية، خصوصا في بعض القطاعات المصدرة، وكانت هناك إجراءات اتخذتها الحكومة المغربية لدعم هذه القطاعات من أجل الحفاظ على الوظائف، وهذا كان عنصرا أساسيا. واتخذت إجراءات مهمة جدا من أجل مساعدة الجالية المغربية في الخارج، خصوصا في التحويلات المالية. وما يلاحظ هو أن التحويلات المالية، عكس ما كان متوقعا، ارتفعت هذا العام، على الرغم من الأزمة، وكذا نسبة عودة المهاجرين إلى المغرب لتمضية عطلاتهم، وهذا يفسر ارتباطهم الكبير بوطنهم.

وفي هذا السياق، هناك عمل وتنسيق مستمر بين وزارة العمل ووزارة الجاليات المغربية في الخارج، خصوصا في ما يتعلق بالحماية الاجتماعية، وبخاصة في الدول التي نرتبط معها باتفاقيات بشأن تبادل منافع الضمان الاجتماعي.

هناك جانب آخر يجب الإشارة إليه، هو أننا نلاحظ أن الحركية التي عرفها الاقتصاد المغربي في السنوات الأخيرة أدت إلى استقطاب الكفاءات المغربية المغتربة، التي بدأت تعود لتسهم بخبرتها في عدد من المجالات الجديدة في المغرب، خصوصا في مجالات التكنولوجية الحديثة والصناعات المرتبطة بالطيران والسيارات وغيرها من المهن، وتم ذلك مع استقرار شركات دولية جديدة جلبت معها كفاءات مغربية كانت تعمل خارج الوطن.

* هل تلقيتم طلبات عمل في هذا الإطار؟

- سوق العمل المغربية مفتوحة في وجه جميع الطاقات المغربية والمهاجرين الذين عادوا إلى أرض الوطن. وحتى الآن لم نلحظ «عودة كبيرة» للمهاجرين بإسبانيا، كما تقول الصحف، ولم نتلق طلبات في هذا الإطار، وعموما المهاجرون الذين عادوا شأنهم شأن المغاربة الآخرين لهم نفس الفرص في دخول سوق العمل.

* أنت وزير اشتراكي، ما هي الرؤية التي تنسجم مع قناعاتك، التي حاولت تطبيقها في الوزارة؟

- أولا يجب الإشارة إلى الحساسية الاجتماعية التي لدي كعضو في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وهو أحد أحزاب الغالبية الحكومية الحالية، وأنا أركز على الجانب الاجتماعي، وهناك عدد من الأمور الاجتماعية التي عملنا عليها في الوزارة ومستمدة من البرنامج الحكومي، مرتبطة بملف التغطية الاجتماعية والصحية، فهذا الملف أساسي وله أولوية وأهمية، إلى جانب تفعيل مبادرات إنعاش سوق العمل.

ففي الشق الاجتماعي خصوصا، سيسجل أننا عملنا على توسيع سلة العلاجات في الضمان الاجتماعي في إطار التأمين الصحي. ومنذ دخول نظام التغطية الصحية عام 2006 إلى حيز التنفيذ لفائدة العاملين في القطاع الخاص كان يصرف ما يناهز 675 مليون درهم كتعويضات على علاج المرضى، وفي العام الحالي سيرتفع هذا الرقم ثلاث مرات أكثر ليصل إلى حدود مليار و600 مليون درهم، وهو ما يعني أننا سنصل بقرار توسيع سلة العلاجات لتشمل الأمراض المستعصية، وهو ما سيسمح بتحسين التغطية الصحية للعاملين، وبالتالي تحسين دخلهم بطريقة غير مباشرة، القرار الثاني الذي تم اتخاذه هو التحول التدريجي لنشاط «الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي» من ظاهرة تهتم فقط بالعاملين في قطاع الصناعة إلى العاملين في القطاع الزراعي من خلال التعويضات العائلية.

ومنذ يوليو (تموز) 2009، صار من حق العاملين في القطاع الزراعي الاستفادة من التعويضات العائلية على أطفالهم. الجانب الآخر الذي كان يهمنا أيضا، هو الإصلاحات التشريعية التي بدأنا فيها، مثلا هناك بعض القوانين يعود إلى عام 1963، وهي قوانين تقادمت، ولم تعد تواكب التطورات التي عرفها المغرب، وفي هذا السياق، أقرت الحكومة مؤخرا مشروع قانون إصلاح نظام حوادث العمل، وهذا عنصر مهم، إذ منذ عقود كان لدينا قانون حول حوادث العمل، لكنه أصبح اليوم متجاوزا؛ لذا تقدمنا بمشروع قانون يهدف إلى تحسين أداء تعويضات ضحايا حوادث العمل.

هناك أيضا جانب آخر هو إصلاح نظام «التعاضد بالمغرب» (تعويضات التقاعد والعلاج) ويعود القانون إلى عام 1963، وبه عدد من الثغرات، لذلك كانت هناك مبادرة لإعداد قانون جديد سمي «مدونة التعاضد»، يتوقع المصادقة عليها قريبا من طرف الحكومة، والعنصر الأساسي في هذا القانون هو تحسين الأداء داخل أنظمة التعاضد في المغرب، حيث تلعب دورا مهما لصالح نحو أربعة ملايين شخص يستفيدون من هذا النظام.

وهناك مشروع آخر ستتم صياغته النهائية الأسبوع المقبل، هو وضع نظام للتغطية الصحية لصالح الطلبة، هناك في المغرب اليوم أكثر من 400 ألف طالب، وفي المستقبل القريب سيصل العدد إلى 600 ألف طالب، لذا نعد قانونا بالتنسيق مع جهات حكومية أخرى لتغطية الطلاب صحيا. كما أننا عملنا على تحسين ظروف العمل، وزيادة عدد العمال الذين يشملهم الضمان الاجتماعي، حيث انتقل العدد من مليون و600 ألف عام 2006 إلى مليونين و200 ألف عامل يتمتعون بنظام تأمين اجتماعي، وسيصل العدد إلى مليونين و600 ألف في نهاية هذه السنة.

هناك أيضا جانب آخر له ارتباط بتحسين ظروف العمل، هو وضع قانون جديد يتعلق بالسلامة والصحة المهنية في ميدان العمل.

* هناك تكهنات بشأن مبادرات حكومية لإنعاش السوق الداخلية، ما هي الخطوط العريضة لهذه المبادرات؟

- يمكنني هنا الحديث نسبيا حول مشروع الموازنة للعام الحالي، الذي يتضمن عدة إجراءات، أهمها إنعاش سوق العمل، وحجم الاستثمار الحكومي للعام المقبل المرتبط خصوصا بالمشاريع التنموية مثل المخطط الأخضر، ومشاريع في مجال السياحة، ومشاريع في المجال اللوجيستي والسكن، وأيضا المشاريع المرتبطة بتحديث قطاع التعليم والتكوين المهني. وسيعرف العام المقبل بداية العمل في الكثير من مؤسسات التكوين الحديثة المرتبطة مثلا بصناعة السيارات والطائرات، وما إلى ذلك من قطاعات حديثة.

* أنتم عضو في المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي، ما مدى صحة ما يقال حول علاقات فاترة مع قيادة الحزب؟

- ليست لي علاقات فاترة مع أي طرف في الحزب، وهذا استنتاج عار تماما من الصحة، ولم أسمع به من قبل، بل على العكس أحضر الاجتماعات الأسبوعية للمكتب السياسي، التي تمر بطريقة عادية، ونحن نحضر للانتخابات المقبلة.

* ما موقفكم من ظاهرة الاحتجاجات المتكررة لخريجي الجامعات العاطلين الذين يطالبون بالعمل، وما هي رؤيتكم بشأن إيجاد حل لهذه المشكلة؟

- هذا الموضوع، ونظرا لأهميته تشرف عليه رئاسة الحكومة، بالتنسيق مع القطاعات المعنية. إن الظاهرة التي يعانيها المغرب كما سبق أن قلت هي عدم الملاءمة بين التعليم وحاجيات سوق العمل. ولا أخفيكم أننا في بعض القطاعات نعاني نقصا، لكن القطاع العام هو الآخر له حاجياته، وهنا تطرح ضرورة خلق توازن بين التكوين وسوق العمل، وهذه ظاهرة تعاني منها عدة دول. وعموما الحكومة اتخذت عدة إجراءات لتقليص بطالة الشباب الذين لا يجدون فرص عمل داخل الإدارات الحكومية بإدماجهم في القطاع الخاص.

* قبل أيام حاول مكفوفون عاطلون الانتحار احتجاجا على عدم وجود عمل، ألا يدل ذلك على تفاقم الأمور؟

- على الرغم من كل ما يقال، فإن هناك 220 ألف وظيفة يجب إعداد المؤهلين لها لمواكبة الإقلاع الصناعي، والإدارات الحكومية لا يمكنها في جميع الأحوال أن تستوعب جميع الشباب، وهي الأخرى بحاجة إلى تخصصات معينة، لذلك وضعت البرامج التي تنفذها الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات مثل «إدماج» و«تأهيل» لتيسير عملية إدماج الشباب في سوق العمل.

* هناك انتقادات بخصوص ما قلتم عن حاجة المغرب لآلاف الكفاءات، وهناك عاطلون يتظاهرون يوميا. ما تعليقكم؟

- أين هذه الكفاءات؟ شخصيا منذ عامين وأنا أبحث عن أطباء عمل، ولدي مناصب شاغرة في هذا المجال، ولم أجد طبيبا واحدا متخصصا في طب العمل ليعمل في القطاع العام، نحن بحاجة إلى متخصصين في الدراسات التوقعية حيث لا وجود لهم. والكفاءات المغربية التي تتوفر على الشروط المطلوبة تجد بسرعة فرصا للعمل.