السعودية حذرت الولايات المتحدة وأوروبا من هجوم إرهابي باستخدام طائرات

3 تحذيرات سعودية الأول منها كان في يوليو الماضي

TT

حذر مسؤولون في الاستخبارات السعودية الولايات المتحدة في مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، من أن تنظيم القاعدة في اليمن يخطط للقيام بهجوم إرهابي باستخدام طائرة أو اثنتين، وذلك قبل ثلاثة أسابيع من إحباط مؤامرة إرسال طرود مفخخة على طائرات شحن في اللحظات الأخيرة، وذلك بحسب ما ذكره مسؤولون أميركيون وسعوديون يوم الجمعة.

وجاء التحذير السعودي بعد أيام من قيام مسؤولين أميركيين باعتراض الكثير من الطرود في منتصف سبتمبر (أيلول) احتوت على كتب وأوراق وأقراص مدمجة وغيرها من الأدوات المنزلية أرسلت إلى شيكاغو من اليمن. ودرس الأميركيون احتمالية أن تكون هذه الطرود مجرد اختبار لهجوم إرهابي.

وبالنظر إلى هذه الأمور مجتمعة، التحذير السعودي وتجربة إرسال الطرود المشتبه فيها، تظهر صورة أكثر تفصيلا مما وصفه مسؤولون أميركيون من قبل، تحمل إشارات متزايدة تدلل على هجوم محتمل لفرع تنظيم القاعدة الذي حاول تفجير طائرة ركاب متجهة إلى ديترويت في 25 ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وحذر مسؤولون من أن التحذير السعودي في مطلع أكتوبر، على الرغم من أنه كان محددا أكثر من تحذيرات أخرى سابقة، لم يتضمن ذكر أي هجوم وشيك ضد نظام الشحن الجوي.

وقال جورج ليتل، وهو متحدث باسم وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية يوم الجمعة، في رسالة عبر البريد الإلكتروني: «خلال الأشهر الكثيرة الماضية، وصلتنا معلومات استخباراتية – وتبادلناها داخل حكومتنا – من شركاء أجانب بشأن تهديدات من تنظيم القاعدة في اليمن وتنظيمات إرهابية أخرى».

وإثر تحذير من مسؤولين في الاستخبارات السعودية لإدارة أوباما في 28 أكتوبر من احتمالية وجود متفجرات على طائرات شحن، بدأ مسؤولون داخل الولايات المتحدة والكثير من الدول الأخرى في عملية بحث مكثفة. وجرى اعتراض طردين يحتويان على متفجرات - أرسلا من اليمن على عنوان معبدين يهوديين في شيكاغو - داخل بريطانيا ودبي.

وكان هذا التحذير الثالث والأكثر تحديدا من جانب السعوديين في إطار تحذيرات عاجلة متزايدة لمسؤولين استخباراتيين ومختصين بمكافحة الإرهاب داخل بريطانيا وألمانيا والولايات المتحدة، بحسب ما يقوله المسؤولون.

وأشار مسؤولون استخباراتيون أوروبيون، أول من أمس، إلى أن التحذير الأول كان في يوليو (تموز) وتضمن تحذيرا عاما من هجوم ضد الولايات المتحدة أو أوروبا. وقدمت الاستخبارات السعودية تحذيرا أكثر تفصيلا في 9 أكتوبر مفاده أن تنظيم القاعدة في اليمن أتم قبل أربعة أيام التخطيط لهجوم ضد الولايات المتحدة الأميركية أو أوروبا من خلال طائرة أو اثنتين ويحتمل أن يكونا بالتزامن، بحسب ما ذكره المسؤولون الأوروبيون. وقال مسؤولون إن التحذير أشار إلى أن الهجمات سوف تتضح أكثر خلال أسبوع أو نحو ذلك.

ولكن أوضح مسؤولون أميركيون أن المعلومات الاستخباراتية لم تعط معلومات محددة عن طريقة تنفيذ الهجوم. وأضاف مسؤول أميركي آخر ليلة الجمعة: «المعلومات التي وصلتنا في مطلع أكتوبر لم تشمل أي ذكر لطائرات شحن أو تفاصيل محددة عن المؤامرة – ومن بينها ما قد تتضمنه الطائرات ومن أين ستأتي ومن هم الجناة». وقال: «لم يعرف أحد على سبيل المثال أن تنظيم القاعدة في اليمن يستهدف تحديدا طائرات تغادر من اليمن. تم التعامل بجدية مع كل هذا، وهذا سبب مهم في أن الجميع تحركوا بسرعة عندما اتصل السعوديون بمسؤولين أميركيين الأسبوع الماضي».

وقالت مجلة «دير شبيغل» الألمانية لصحيفة «نيويورك تايمز» إنها سوف تورد التحذيرات السعودية الأسبوع المقبل، وأكد مسؤولون أميركيون ذلك لـ«نيويورك تايمز».

ويوم الجمعة، زعم فرع تنظيم القاعدة في اليمن المسؤولية عن إرسال طرود مفخخة من اليمن الأسبوع الماضي، وأكدوا ما افترضه مسؤولون في مجال مكافحة الإرهاب بشأن من يقف وراء الهجوم المحبط الذي استهدف طائرات شحن.

ولكن، كان مسؤولون متشككون في شأن زعم ثان جاء في بيان التنظيم، حيث قال التنظيم إنه كان وراء حادث اصطدام طائرة في 3 سبتمبر لطائرة تابعة لشركة «يونايتد بارسل سرفيس» في دبي أدى إلى مقتل الطيارين. ولم يذكر محققون سبب حريق نشب على متن الطائرة «بوينغ 741» قبل الاصطدام، ولكن بناء على تحليل مسجل صوتي لم يذكروا وقوع أي انفجار.

ونشر بيان تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية على منتديات على شبكة الإنترنت ووجه إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما، وتضمن تهديدات بتنفيذ هجمات إضافية. وجاء في البيان: «نقول لأوباما وجهنا ثلاث ضربات لطائراتكم في عام واحد. وإن شاء الله سنستمر في توجيه ضربات ضد المصالح الأميركية ومصالح حلفاء أميركا».

وجرى اعتراض القنبلتين في 29 أكتوبر، وكانتا عبارة عن خرطوشتي طابعة معبأة بمادة «بيتن» شديدة التفجير ووضعت داخل طابعات «هيوليت باكارد». وأرسل الطردان من مكاتب تابعة لشركتي «فيد بوكس» و«يونايتد بارسل سرفيس» من العاصمة اليمنية صنعاء، ولكن جرى اعتراضهما في دبي وبالقرب من نوتنغام بإنجلترا، بعدما قدم مسؤولون استخباراتيون سعوديون أرقام تعقب الطردين لنظرائهم الأميركيين.

وأرسل الطردان على اسم شخصيتين تاريخيتين اشتهرتا بالعداء للمسلمين ويعودان إلى الحملات الصليبية ومحاكم التفتيش، واستخدمت عناوين قديمة لمعابد يهودية في شيكاغو. ولكن يعتقد محققون أنه كان مقررا تفجير الطردين في الجو، وربما في الأجواء الأميركية.

وذكرت مجلة «دير شبيغل» تفاصيل جديدة عن طريقة تفجير الطردين المفخخين، ففي الطرد الذي عثر عليه في مطار إيست ميدلاندز بإنجلترا، كان من المفترض أن يرسل مؤقت شحنة كهربية إلى صمام ثنائي يبعث ضوءا يقوم بدفع أنبوب حمض في حقنة بلاستيكية. وفي المقابل، يفجر ذلك نحو 14 بوصة من مادة «بيتن» شديدة التفجير.

وكان الطرد داخل دبي عبارة عن أربعة طرود مغلفة سويا، ومن بينها ملابس وأسطوانة مدمجة وخرطوشة طابعة، بحسب ما أفادت به مجلة «دير شبيغل». وداخل هذا الطرد صممت طريقة متسلسلة لتفجير 11 بوصة من مادة «بيتن». وأكد مسؤول أميركي ليلة الجمعة تفاصيل طريقة عمل القنبلة.

ويقول مسؤولون أميركيون إنه منذ لحظة اكتشاف الطردين المفخخين تبين أن تنظيم القاعدة في اليمن يقف وراء المؤامرة في أغلب الظن. ولكنهم أشاروا إلى أن الزعم بشأن حادث اصطدام 3 سبتمبر يحتمل أن يكون مجرد محاولة من جانب التنظيم للاستفادة من مأساة لم يلعب دورا فيها. ويشير مسؤول أميركي متخصص بمكافحة الإرهاب، طلب عدم ذكر اسمه لحساسية النتائج التي خلصت إليها الاستخبارات: «توجد إشارات قوية جدا إلى أن تنظيم القاعدة في اليمن كان مسؤولا عن مؤامرة الأسبوع الماضي التي استهدفت طائرات شحن، ولكن لا يمكن أن نؤكد في هذه المرحلة مزاعمهم بشأن حادث سبتمبر».

ولم يكن التحذير السعودي أو الطرود التجريبية التي أرسلت في سبتمبر الإشارات الوحيدة إلى أن فرع «القاعدة» ربما يخطط لهجمات، فقد نشرت ثلاثة مقاطع فيديو على شبكة الإنترنت العام الماضي تظهر مصنعي قنابل تابعين لتنظيم القاعدة في اليمن يخبئون متفجرات في إطار صورة وعلبة شريط وجهاز راديو محمول، بحسب ما أفادت به «سيت إنتيليجنس غروب»، وهي مؤسسة خاصة في واشنطن تتعقب المواقع الإلكترونية الخاصة بالمسلحين.

* ساهم في التقرير مارك مازيتي خدمة «نيويورك تايمز»