أوباما يبدأ زيارته لمومباي بإدانة الإرهاب.. وعدم إشارته لباكستان يثير حفيظة الهنود

زار منزل المهاتما غاندي وقال إنه يريد إبرام صفقات بالمليارات تدعم الوظائف في أميركا

أوباما وزوجته يوقعان في سجل الضيوف أثناء زيارتهما متحف ماني بهافان (منزل المهاتما غاندي) في مومباي أمس (إ.ب.أ)
TT

أثار الرئيس الأميركي باراك أوباما، أمس، جدلا فوريا في أول يوم في زيارته للهند بسبب إحجامه عن ذكر باكستان في الكلمة التي ألقاها عقب لقائه أسر ضحايا هجمات مومباي. وقال أوباما، عقب لقاء مع أسر ضحايا الهجمات التي وقعت قبل عامين وتقول نيودلهي إن عناصر في الدولة الباكستانية تقف وراءها: «إننا هنا في زيارة لنبعث برسالة واضحة. تقف الولايات المتحدة والهند معا في إصرارهما على منح شعبيهما مستقبلا مفعما بالرخاء والأمن».

وأبرزت الكلمات التي ألقاها أوباما في فندق تاج محل الفخم، الواقع على شاطئ البحر، الاختبارات الدبلوماسية التي يخوضها أوباما.. ففي حين كان الهنود يريدون بيانا قويا ضد إسلام آباد، بدا الرئيس الأميركي حريصا، على ما يبدو، على تحقيق توازن دقيق بين إرضاء الهند ودعم الحليف الإقليمي لبلده، باكستان.

كان متشددون يتمركزون في باكستان قد شنوا في 26 نوفمبر (تشرين الثاني) 2008 هجمات دامت 60 ساعة في مومباي، وتسببوا في مقتل 166 شخصا. وقتل المهاجمون ضحاياهم في فنادق ضخمة ومحطة قطارات ومركز يهودي. وشنت تلك الهجمات من قبل متشددين توجهوا من باكستان إلى مومباي عبر قوارب، وترجلوا قرب فندق تاج محل.

ومباشرة بعد كلمة أوباما أمس، نشطت محطات التلفزيون وحفلت بتعليقات محللين أبدى معظمهم دهشته من اللهجة المتحفظة للرئيس الأميركي. وقال المحلل الاستراتيجي ماهروف رضا لقناة «تايمز ناو» الإخبارية: «إنه بيان متحفظ. إن عدم ذكر باكستان يوضح أن باكستان مهمة لسياستها (الولايات المتحدة) في أفغانستان».

وفي حين أحجم عن الإشارة إلى باكستان بالاسم، فإن أوباما شدد على «اتحاد» الولايات المتحدة والهند ضد الإرهاب. وقال في كلمته أمس إن قراره بدء زيارته للهند، وأمام فندق تاج محل بالذات، يشير إلى «تصميمنا على ضمان مستقبل من الأمن والازدهار لشعبنا»، مؤكدا أن «الولايات المتحدة والهند موحدتان». وأضاف: «لن ننسى الصور الرهيبة التي شاهدناها في 26 نوفمبر، والنيران التي ألهبت السماء في الليل. ولن ننسى كيف بكى العالم بما فيه الشعب الأميركي مع الهند». وبعدما وقع سجل التعازي أمام الفندق، وقف الرئيس الأميركي الذي ترافقه زوجته ميشيل، دقيقة صمتا أمام النصب التذكاري الذي نحتت عليه أسماء الضحايا.

وكإجراء وقائي، أزالت الشرطة في مدينة مومباي أشجار جوز الهند حول ماني بهافان، المنزل الذي أقام به المهاتما غاندي، قبل وصول أوباما لزيارته أمس. وتضمن برنامج الرئيس الأميركي في مومباي، أمس، أيضا حضور اجتماع مع المئات من كبار رجال الأعمال الهنود والأميركيين، وذلك قبل توجهه اليوم إلى نيودلهي لعقد لقاءات مع المسؤولين السياسيين في البلد.

وتهدف زيارة أوباما إلى تعزيز العلاقات وإبرام صفقات تجارية لتوفير وظائف وزيادة الصادرات بعد أيام من الانتكاسة التي تعرض لها الديمقراطيون في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس الأميركي. وخلال جولته التي تستمر 10 أيام في آسيا، وسيزور خلالها أيضا إندونيسيا وكوريا الجنوبية واليابان، سيسعى أوباما لحث الدول على عدم خفض قيمة عملاتها من جانب واحد لحماية صادراتها وهو أحد المواضيع الرئيسية في قمة زعماء مجموعة العشرين التي تُعقد في سيول الأسبوع الحالي.

وأوضح أوباما أن الهدف من زيارته هو إبرام «صفقات بمليارات الدولارات تدعم عشرات الآلاف من الوظائف في الولايات المتحدة»، كما أعلن عزمه «تقليص القيود أمام الصادرات الأميركية والتوسع في دخولها السوق الهندية».

وكتب أوباما في مقال رأي في صحيفة «نيويورك تايمز» أول من أمس: «من الصعب وصف مدى أهمية آسيا لاقتصادنا. قد يكون مغريا في أوقات المصاعب الاقتصادية أن نتحول للداخل وننأى عن التجارة مع الدول الأخرى، ولكن في عالمنا المتشابك هذا ليس السبيل للنمو ولا لتوفير فرص عمل. لا يمكننا الانعزال عن هذه الأسواق».

وعلى جدول الأعمال صفقات دفاعية مربحة. وأجرت الولايات المتحدة مناورات عسكرية مع الهند أكثر من أي دولة أخرى خلال العام المنصرم، وتتنافس شركتا «بوينغ» و«لوكهيد مارتن» الأميركيتان على صفقة قيمتها 11 مليار دولار لشراء 126 مقاتلة.

ويعتقد محللون أن أوباما يواجه في الهند اعتقادا سائدا لدى كثيرين مفاده أنه يضع ثالث أكبر اقتصاد في آسيا في مرتبة متأخرة عن الصين وباكستان ولم يعترف بتنامي ثقلها العالمي. وتواجه واشنطن مجموعة من العقبات، بما في ذلك قلق الهند من أن يقود توقيعها لاتفاقات دفاعية - ضرورية لتنفيذ صفقات بيع أسلحة أميركية - لعلاقات أوثق بين نيودلهي والجيش الأميركي. ووقع اتفاق نووي مدني مع الولايات المتحدة في عام 2008 وسط ضجة كبرى، لكنه تعثر داخل البرلمان ويثير حاليا انتقادات بأنه لن يشجع الشركات الأميركية على الاستثمار بسبب الالتزامات الضخمة.

في غضون ذلك، أعرب الرئيس الباكستاني السابق برويز مشرف عن خيبته؛ لأن الرئيس أوباما استثنى باكستان من جولته الآسيوية التي تشكل الهند محطتها الأبرز. وقال القائد العسكري السابق الذي غادر الحكم عام 2008 لشبكة «إم إس إن بي سي» التلفزيونية الأميركية: «أعيش هذا الأمر كخيبة أمل». كما انتقد مشرف الرئيس الأميركي لعدم إعلانه أي موقف حيال إقليم كشمير، وهي المنطقة في جبال الهيمالايا المتنازع عليها بين الهند وباكستان. وقال: «هذا لا يعطي انطباعا جيدا للباكستانيين»، مضيفا «هم يأخذون ذلك كما لو أن الولايات المتحدة أو الرئيس الأميركي لا يكترثان البتة بالحساسية الشخصية وبمصالح باكستان».