رئيس «المركزي الأميركي» يدافع عن ضخ 600 مليار دولار بعد سيل الانتقادات العالمية

«تدخل» في اختصاص وزير الخزانة وعلق على الدولار

بن برنانكي رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي
TT

دافع رئيس الاحتياطي الفيدرالي بن برنانكي أول من أمس عن قرار المصرف المركزي الأميركي ضخ 600 مليار دولار في الاقتصاد الأميركي في مواجهة اعتراضات من جانب مســــــــــــــــؤولين أوروبيين وآسيويين بشأن إضعاف الدولار الذي يحتمل أن ينتج من هذا القــــــــــــرار.

وقال برنانكي في كلمة له أمام طلاب في جامعة جاكسونفيل بفلوريـــــــــــــــــدا: «ستظهر أفضل أسس للدولار عندما ينمو الاقتصاد بقوة. وهذا هو المكان الذي ستأتي منه الأسس. ونحن واعون إلى أن الدولار يلعب دورا خاصا في الاقتصاد العالمي».

وفي تعليق على الدولار، انفصل برنانكي بصورة غير معتادة عن المألوف. وتقليديا فإن الدولار من اختصاص وزير الخزانة فيما تعد سياسة النقد من اختصاص رئيس الاحتياطي الفيدرالي (المصرف المركزي الأميركي) ولا يتدخل أي من المسؤولين في نطاق اختصاص الطرف الآخر.

ولكن إعلان الاحتياطي الفيدرالي يوم الأربعاء الماضي أنه سوف يستأنف استراتيجية شراء أوراق الخزانة المالية من أجل تقليل معدلات الفائدة على المدى الطويل تسبب في حالة من القلق بمختلف أنحاء العالم.

وبينما كان برنانكي يتحدث، وصل وزير الخزانة تيموثي غيتنر إلى كيوتو اليابانية من أجل حضور اجتماع لوزراء مالية منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والهادي، حيث من المحتمل أن يُرَد على شكاوى أميركية من تخفيض العملة الصينية باتهامات بأن الاحتياطي الفيدرالي يتخذ إجراء بشأن أسعار الصرف بمفرده.

ويقول وزير المالية الألماني فولفغانغ شويبله عن قرار الاحتياطي الفيدرالي الجديد: «ما تتهم الولايات المتحدة الصين بالقيام به تنفذه بنفسها ولكن بصورة مختلفة». وفي وقت سابق، توقع وزير المالية البرازيلي جويدو مانتيجا، الذي حذر من حرب عملات عالمية، من أن خطوة الاحتياطي الفيدرالي لن تكون ذات فعالية، مشيرا إلى أن «إلقاء الأموال من مروحية لا يعني أي شيء جيد».

من جانبه، دافع برنانكي عن قرار الاحتياطي الفيدرالي بضخ 600 مليار دولار في النظام المصرفي ووصفه بأنه خطوة متواضعة ولكنها ضرورية من أجل دعم التعافي الأميركي، وقال في كلمته للطلاب: «يعد وجود اقتصاد أميركي قوي شيئا هاما للأميركيين وللانتعاش العالمي».

ووجه رئيس الاحتياطي الفيدرالي حديثه إلى منتقدين يشعرون بالقلق من أن إجراء الاحتياطي الفيدرالي يمكن أن يتسبب في معدلات تضخم لا يمكن السيطرة عليها، على الرغم من أن معدلات الفائدة الحالية أقل من المستهدف غير الرسمي للاحتياطي الفيدرالي الذي تبلغ نسبته 2 في المائة.

وأكد برنانكي قائلا: «نحن ملتزمون قطعا بالمحافظة على معدلات التضخم منخفضة ومستقرة، ولدينا وسائل لإرخاء السياسات المشددة في الوقت المناسب وعندما يحين وقت ذلك».

وتحدث رئيس الاحتياطي الفيدرالي داخل جاكسونفيل قبل السفر لحضور مؤتمر عن تاريخ الاحتياطي الفيدرالي يشارك فيه رؤساء كثر لمصارف إقليمية تابعة للاحتياطي الفيدرالي مع مجموعة من مخضرمي الاحتياطي الفيدرالي واقتصاديين بارزين.

وعلى الرغم من أنهم لم يعقدوا أي مقابلات، فإن تعليقاتهم العلنية على المؤتمر تشير إلى وعي شديد بعوائق محتملة للقرار. وقال تشارلس بلوسر، رئيس المصرف الاحتياطي الفيدرالي في فيلادلفيا: «ما زلنا نعيد صياغة القصة ونفهم ما حدث في الركود الكبير وسبب وقوع ذلك. ولا شك في أنه ستمضي 50 عاما على الأقل قبل أن نفهم بصورة جيدة ما حدث في 2008 و2009 وما إذا كان الاحتياطي الفيدرالي قد اتخذ السياسات الصحيحة أم كانت تلك السياسات خاطئة».

أو كما ذكرت ساندرا بيانالتو، رئيسة الاحتياطي الفيدرالي في كليفلاند: «للتاريخ القدرة على تحديد نسبة التواضع».

ومن المخطط أن يلقي برنانكي وسلفه ألان غرينسبان، الذي شهدت فترة توليه لرئاسة الاحتياطي الفيدرالي هدوءا اقتصاديا انتهى عقب خلافة برنانكي له، كلمتين خلال المؤتمر الذي ينظمه الاحتياطي الفيدرالي بأتلانتا وجامعة راتغرز.

وعبر أكاديميون بارزون عن شكوكهم في الخطوة الأخيرة، التي يقر مسؤولون في الاحتياطي الفيدرالي بأنه سيكون لها أثر متواضع على عملية خلق وظائف والنمو. وقال تشارلس كالوميريس، وهو اقتصادي في كلية الأعمال بكولومبيا قدم بحثا يتناول أخطاء سياسات الاحتياطي الفيدرالي منذ تأسيسه حتى 1951 ولا سيما خلال فترة الكساد الكبير: «تكون عملية التعلم بطيئة عندما تكون في أمس الحاجة إليها، حيث تجعل الأوقات المتقلـــــــــــبة عملية التعلم والحساب أكثر صعوبــــــــــــة لأن الآراء قد تكون خاطئة ويصعب عدم تصديقها».

وقال كالوميريس إنه سوف «يقدم رأيا قويا» ضد عمليات الشراء الإضافية لديون الحكومة، وأضاف: «عندما نحتاج إلى أن تقوم المصارف المركزية بأكثر الإجراءات حكمة نجدها في الأغلب تتخذ أقلها حكمة».

وخلال مقابلات، عبّر اقتصاديون آخرون عن ازدواجية تتضمن الخطوة الأخيرة من جانب الاحتياطي الفيدرالي. وأشار ويليام فورد، وهو رئيس سابق للاحتياطي الفيدرالي بأتلانتا، إلى أنهم «يمهدون الساحة لانتشار معدلات تضخم خطيرة خلال عام أو عامين من الوقت الحالي، ففي مرحلة لن يكون أمامهم سوى بيع الأوراق المالية ورفع معدلات الفائدة التي ستقلل من قيمة أصولهم وبالتبعية من عوائدهم».

وقد حول الاحتياطي الفيدرالي 47.4 مليار دولار، وهو مبلغ قياسي، لوزارة الخزانة العام الماضي ولكن يمكن أن يسجل خسارة إذا كانت معدلات الفائدة سوف ترتفع بسرعة وتقل قيمة الأوراق المالية في أرصدة المصرف المركزي. ويقول آخرون إن الاحتياطي الفيدرالي يبذل قصارى جهده في وقت فيه عدد قليل للغاية من الخيارات المناسبة.

وأعطى أنيل كاشياب، وهو اقتصادي في كلية بوث للأعمال في جامعة شيكاغو، تفسيرا أكثر إيجابية، متوقعا أن الاحتياطي الفيدرالي سيحظى بثناء لأنه قلل معدلات الفائدة وقدّم قروضا عاجلة وفي النهاية ضخ تريليونات الدولارات في الاقتصاد. وأضاف: «مفهوم جيدا أن الأشياء ربما كانت ستزداد سوءا عام 2008 إذا لم يدخل الاحتياطي الفيدرالي إلى الحلبة، وأعتقد أن بن سوف ينظر إليه على أنه بطل، وأرى أن التاريخ سيعامل الاحتياطي الفيدرالي بصورة جيدة».

* خدمة « نيويورك تايمز»