وزير التجارة والصناعة المصري: اجتزنا عام التحدي في 2010.. وحققنا معدلات نمو نحو 6%

رشيد محمد رشيد لـ «الشرق الأوسط» : السعودية شريكنا الأول في المنطقة العربية

المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة المصري («الشرق الأوسط»)
TT

اعتبر وزير التجارة والصناعة المصري أن عام 2010 كان تحديا بالنسبة للحكومة المصرية للعودة بمعدلات النمو لمستوياتها قبل الأزمة المالية العالمية. وقال إن بلاده استطاعت التغلب على هذا التحدي مع اقتراب معدلات النمو من 6 في المائة خلال الربع الأول من العام المالي الحالي.

وكشف المهندس رشيد محمد رشيد، في حوار مع «الشرق الأوسط»، بمكتبه بمقر الوزارة بالقاهرة، عن أن دول مجلس التعاون الخليجي أبدت موافقتها على انضمام مصر إلى اتحادها الجمركي، وهو ما سيساعد على زيادة التبادل التجاري بين مصر وتلك الدول.

وأشار إلى أن المستثمرين ينظرون إلى مصر باعتبارها مستقرة سياسيا واجتماعيا، على الرغم من قدوم انتخابات رئاسية وبرلمانية قد تنتج عنها تغيرات جديدة، ودلل على ذلك بقيامهم بضخ سيولة كبير في البلاد خلال تلك الفترة ولسنوات طويلة، متوقعا أن تبلغ الاستثمارات الأجنبية في مصر 10 مليارات دولار بنهاية العام المالي الحالي.. وهنا نص الحوار:

* تتحدث الحكومة المصرية كثيرا عن تحقيق معدلات نمو مرتفعة، إلا أن اقتصاديين قالوا إن شرائح كثيرة من المصريين لم تشعر بنتائج هذا النمو.. فلماذا؟

- بالطبع هناك تحديات كثيرة نواجهها، وتراكم لسلبيات.. وعلينا أن ندرك أن رفع مستوى المعيشة لدى قطاع واسع من المواطنين يعتمد على منظومة إصلاح مترابطة، وكذلك استمرارية معدلات نمو مرتفعة لسنوات طويلة. لذلك لم نقلق كثيرا من هذه التحفظات، فأمر طبيعي ألا يلمس كل الناس تحسن أداء الاقتصاد، لكن نستطيع أن نقول إن أول من شعر بتحسن الأداء الاقتصادي هم الأفراد المؤهلون لاستقبال تلك الاستثمارات، إلى جانب المناطق المؤهلة لاستقبالها، كمحافظة 6 أكتوبر ومدينة العاشر من رمضان. وقد استفادت تلك المناطق من هذا النمو بشكل ملحوظ، خلافا لمحافظات الصعيد (جنوب البلاد) على سبيل المثال. عامل آخر كان مؤثرا في هذا الأمر وهو متعلق بالكفاءة الإدارية، فالشركات التي لديها إدارة جيدة استفادت بشكل كبير. كما لا يستطيع أحد أن ينكر استفادة قطاعات من الشباب الذين حصلوا على تدريب عال من معدلات النمو المتنامية، وهؤلاء حققوا مستويات معيشية مرتفعة، ويمكن اعتبارهم أول فئة استفادت من الإصلاح.. ونسعى في الوقت نفسه إلى توزيع حوافز الاستثمار على أنحاء الجمهورية، فنقوم حاليا بتقديم حوافز للاستثمار في محافظات الصعيد بجنوب مصر، فهناك برنامج جديد سيتم طرحه يتضمن إنشاء خمس مناطق صناعية هناك، إلى جانب حوافز أخرى سنطرحها للاستثمار بمحافظات الدلتا، فالهدف في النهاية إيجاد توازن في عملية التنمية بين المحافظات والفئات المختلفة.

* ما هي رؤيتك لأداء الاقتصاد المصري ونحن قاربنا على نهاية عام 2010؟

- بالنسبة لنا كان العام الحالي (2010) عام «التحدي»، وهو كيف نحقق معدلات نمو تصل إلى 6 في المائة ونعود مرة أخرى إلى معدلات ما قبل الأزمة (التي جاوزت مستوى 7 في المائة)، وباقتراب نهاية العام الحالي أستطيع أن أقول إننا كسبنا التحدي، ووصلنا إلى معدلات تصل إلى 5.6 في المائة خلال آخر الربع الأول من العام المالي الحالي (من يوليو/ تموز، إلى سبتمبر/ أيلول)، ونسعى إلى وصوله إلى 6 في المائة بنهايته.

* ما هي أبرز العوامل التي ترتكزون عليها لتحقيق النمو المستهدف؟

- زيادة الصادرات تعتبر الركيزة الأساسية لتحقيق المعدلات المطلوبة، فهي تحقق نموا سنويا الآن تصل نسبته إلى 20 في المائة، ونسعى إلى فتح أسواق جديدة لصادراتنا، من خلال الانضمام إلى تجمعات وتكتلات تجارية جديدة، هذا إلى جانب رفع معدلات الاستثمار الأجنبي المباشر الذي نستهدف بلوغه 10 مليارات دولار بنهاية العام المالي الحالي (ينتهي 30 يونيو/ حزيران، عام 2011)، وذلك من خلال خلق قطاعات جديدة أمام المستثمرين الأجانب في مجال البنية التحتية.

ونقوم حاليا بتشجيع الاستهلاك المحلي الذي يعد إحدى دعائم النمو، والمحافظة عليه من خلال تطوير التجارة الداخلية والأسواق عن طريق سن قوانين جديدة لتنظيم التجارة الداخلية، إلى جانب تطوير عملية التمويل الداخلي.

* برأيك.. هل تحتاج مصر لحزمة تحفيزية جديدة لإنعاش الاقتصاد؟

- ضخ حزمة تحفيزية جديدة مرتبط بحالة الاقتصاد العالمي وتأثيره على معدلات النمو في البلاد، فهناك مؤشرات تشير إلى ضعف اقتصاديات الدول الكبرى، لذلك فإننا نراقب الوضع وتطورات الاقتصاد العالمي، ونقيم موقفنا بناء على توقعاتنا للأداء الاقتصادي بالنسبة للعام القادم، وإذا وجدنا أي تأثيرات خارجية سلبية على الاقتصاد سنضخ حزمة تحفيز للاقتصاد.

* مسؤولون بالحزب الوطني قالوا إن الرئيس المصري سيكون المرشح القادم لرئاسة الجمهورية، هل أسهم ذلك في اطمئنان المستثمرين على أوضاع البلاد؟

- الواقع يشير إلى أن المستثمرين الأجانب أخذوا موقفا باستثماراتهم، فعلى الرغم من وجود انتخابات رئاسية وبرلمانية قد تنتج عنها تغيرات جديدة، فإن المستثمرين يضخون سيولة كبيرة في مصر، فهذا يعني أنهم ينظرون إلى مصر باعتبارها مستقرة سياسيا واجتماعيا. والدليل على نظرتهم تلك، اتجاه شركة مثل «ألكترولكس»، ثاني أكبر شركة في العالم في الصناعات الاستهلاكية والمعمرة، لاستثمار 600 مليون دولار عن طريق الاستحواذ على شركة مصرية وهي «أولمبيك غروب»، ولم تستثمر تلك الأموال في البورصة، لكنها وضعتها في استثمار صناعي بمصر لمدة من 20 إلى 30 عاما قادمة، وهناك الكثير من الشركات في مجالات أخرى مثل شركة «مكرو» الألمانية التي تسعى لاستثمار 200 مليون دولار في مصر، وهناك الكثير من المستثمرين المحليين ينتظرون طرح أراض صناعية جديدة.

* هل مصر فقدت ميزة تنافسية لجذب الاستثمارات الصناعية، بسبب محدودية الطاقة في البلاد؟

- مصر لم تفقد أي ميزة تنافسية تتعلق بتوافر الطاقة، فكميات الغاز اللازمة للصناعة كافية حتى عام 2015، لكن هناك حاجة إلى كميات إضافية بعد هذا العام، في حال طرح رخص لإنشاء مصانع جديدة للإسمنت. وكل الدول الصناعية الكبرى تستورد طاقة، فأميركا الدولة الأولى في إنتاج الطاقة هي أكبر دولة تستورد طاقة، وكذلك الصين، فهي ثالث دولة تنتج الطاقة وثاني دولة تستورد الطاقة.

* كيف ترى واقع العلاقات الاقتصادية بين مصر ودول مجلس التعاون الخليجي في الوقت الراهن؟

- هناك تطور دائم في العلاقات الاقتصادية مع دول مجلس التعاون الخليجي، ونسعى إلي جذب الاستثمارات من تلك الدول إلى مصر، وتعتبر المملكة العربية السعودية شريكنا التجاري الأول في المنطقة العربية، فحجم التجارة بين مصر والسعودية تطور بشكل إيجابي، فمنذ خمس ست سنوات كان حجم التبادل التجاري بيننا نحو 500 إلى 600 مليون دولار، أما الآن فتعدى حجم التجارة 4 مليارات دولار، فهناك أكثر من 1600 شركة في مصر بها استثمارات سعودية، وأكثر من 1200 شركة داخل السعودية بها استثمارات مصرية، ونتوقع أن يزداد هذا التعاون خلال الفترة القادمة.

* ما هو الموقف بالنسبة لطلب مصر للانضمام إلى الاتحاد الجمركي الخليجي؟

- هناك مفاوضات نجريها مع كل دول مجلس التعاون الخليجي، وكل دول المجلس أبدت موافقتها على انضمام مصر إلى اتحادها الجمركي، ويتم الآن الاتفاق على الإجراءات المنظمة للانضمام.

* هل لدى مصر نية لزيادة تعاونها الاقتصادي مع إيران، خاصة مع عزم البلاد ربط القاهرة وطهران جويا بشكل مباشر؟

- لا أعتقد أن تحدث زيادة في التعاون التجاري مع إيران، فالوضع الحالي بين مصر وإيران ليس سهلا في ظل عدم وجود علاقات سياسية بين البلدين، كما أن التوقعات بتعرض طهران لعقوبات اقتصادية كبيرة عليها قد تحول دون تطور العلاقات الاقتصادية.

* كيف يسير تطور العلاقات الاقتصادية مع سورية؟

- العلاقات مع سورية تسير بشكل أفضل، ونرى أن هناك فرصا كبيرة لزيادة التبادل التجاري والاقتصادي معها، خاصة مع التطور الاقتصادي الذي تشهده سورية، وهناك زيارة أخيرة لوزيرة التجارة السورية لمياء العاصي، تم الاتفاق خلالها على عقد اللجنة العليا المشتركة برئاسة رئيسي مجلسي وزراء البدين قريبا.

* هل سيستمر إشرافك على وزارة الاستثمار، أم أن هناك نية لإلغائها وتوزيع مهامها؟

- هذا الوضع مؤقت لحين اتخاذ رئيس الجمهورية قراره بتعيين وزير يتولى مسؤولية وزارة الاستثمار.

* هل هناك نية لدمج الشركات التابعة للحكومة خلال الفترة القادمة؟

- كلفت رؤساء الشركات القابضة بالنظر في دمج بعض الشركات التابعة للحكومة، لأن ذلك قد يكون الحل الأمثل لبعض الشركات، لكن مبدأنا الأساسي في تعاملنا مع الشركات والأصول المملوكة للدولة هو تعظيم العائد منها، لأننا نضخ أموالا كبيرة فيها لتطويرها، لكي تسهم تلك الشركات والأصول في زيادة موارد الدولة، وإذا لم يتحقق ذلك فسنقوم إما بتطوير تلك الشركات أو تغيير نشاطها أو تأجيرها، وإذا كانت التصفية الحل الأمثل في بعض الحالات فسنقوم بذلك وسنستخدم الأصول في شيء أفضل.

* البعض يقول إن الاتجاه للمحافظة على باقي أصول الدولة غرضه المحافظة على العمالة؟

- نريد أن نحافظ على العمالة، لكن وجود القطاع العام ليس سببه العمال، أو الحفاظ عليهم، فالقطاع العام هدفه فقط المحافظة على الأصول المملوكة للشعب، التي نضخ بها ملايين من موازنة الدولة لتطويرها، فقبل أن ننفق تلك الأموال نضع خططا لمعرفة العائد منها.