الفوزان في فتوى جديدة: لا يجوز تقبيل رأس أب لا يواظب على صلاته

«القبلة» تحضر في فتاوى الفقهاء.. وجدل حول المباح منها والمحرم

TT

لم تشأ «القبلة» إلا أن تظل مثار جدل وخلاف شرعي, حتى بقيت معركة لم تحسم بين مستفتي العلماء, والفقهاء أنفسهم في سبيل تحرير فتوى لـ«القبلة».

فرغم ما يصيبه وقع لفظ «القبلة» أو «لثم» الإنسان للآخر, من خجل تعتريه حمرة على المجالس الشرقية لمجرد ذكرها, فإنها ظلت تسجل حضورا بارزا لدى أسئلة المستفتين, وتفصيلات متنوعة من قبل العلماء والشرعيين، حتى جعل له بابا فقهيا «آداب المصافحة والمعانقة والتقبيل».

فهناك «قبلة الحاج» وأخرى «قبلة نهار رمضان» و«قبلة الحجر الأسود» و«قبلة المصحف» و«لثم الأب لفم ابنته الصغرى والأم لابنها» وأحدثها كان «قبلة رأس أب لم يواظب على صلاته».

بين ذلك جميعا فرضت القبلة نفسها بقوة على الفقهاء والعلماء، فاختلفوا فيما بينهم حول المباح منها والمحرم والخطير جدا، فهناك ما حرمه الإسلام بشكل قاطع «من قبّل في غير إطار الزوجية والأخوة والبنوة والرحم».

إلا أن فتوى الشيح صالح الفوزان، عضو اللجنة الدائمة للإفتاء وعضو هيئة كبار العلماء، الأخيرة التي بثها موقعه الإلكتروني ردا على أحد المستفتين بشأن مشروعية تقبيل رأس أحد الوالدين إذا كان يصلي أحيانا أو لا يصلي أبدا، شكلت إضافة جديدة لباب «آداب التقبيل».

قائلا كما أتى نصا في الموقع «الجواب: لا يجوز هذا؛ لأن هذا من المحبة، تقبيله من المحبة، فلا يجوز تقبيله؛ ولكن لا يمنع هذا من الإحسان إليه، الإحسان الدنيوي، وأما مظاهر المحبة، كتقبيل الرأس ونحو ذلك، فهذا لا يجوز. نعم».

وعلى الرغم من محاولة بعض العلماء الحفاظ على مبدأ «القبلة الشرعية» بالأخص (للحاج والصائم) عقب شكوى النساء من نفور الأزواج ومقاطعتهم «القبلة» كأحد أبواب الحذر, والسلامة وسدا للذرائع, كان للشيخ سلمان العودة في برنامجه الرمضاني السابق وقفة معها حينما أجاب على سائلة سألته: «ما رأيك يا شيخ في قبلة بريئة في نهار رمضان؟»، ليقاطعها الشيخ مندهشا متداركا ابتسامته: «بين زوجين؟». فسارعت المتصلة إلى التأكيد، وحينها أجاب الشيخ العودة قائلا: «لا بأس بقبلة بريئة في نهار رمضان»، وأضاف مبتسما «حتى وإن كانت قبلة غير بريئة أيضا».

إلا أن فتاوى أخرى شهدت تشديدا وتضييقا على «باب القُبل» وخشيت منه، وارتأت السلامة والنجاة في عدم فتحه، فكان للشيخ ابن عثيمين، رحمه الله، قولا في ذلك، مجيبا على أحد السائلين، كما ورد في نص فتواه: «تقبيل المحارم، فإن كانت الأم، أو الأخت الكبيرة أو الجدة، أو البنت، فهذا لا بأس به، وقد قبل أبو بكر ابنته عائشة، رضي الله عنها، على خدها. وأما غيرهن من المحارم غير الأصول والفروع، فالأولى ألا يقبلها إلا إذا كانت أختا كبيرة، فهنا يقبلها على جبهتها، أو على رأسها، أما يقبل أخته الشابة، فالشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، فليتجنب هذا، لا يقبلها، وأبلغ من ذلك في التحذير منه: أن يقبل محارمه من الرضاع؛ لأن المحارم من الرضاع أقل هيبة عند الإنسان من المحارم من النسب، ولهذا يجب الحذر من أختك من الرضاع أن تقبلها، لا سيما إن كانت شابة جميلة، فإن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم.

الخلاصة: تقبيل الزوجة مطلوب، وتقبيل غيرها من المحارم إن كان من الأصول أو الفروع فلا بأس به، وإن كان من غيرهن، فالحذر من ذلك أولى».

وعلى الرغم من التقسيم الفقهي لبعض العلماء في مسألة تحرير فتوى «القبلة» الذي اختلف بين كونه على الجبهة، أو الخدين, أو العينين، لذوي المحارم أو ما بين كونه «لثمة» من قبل أب لشفتي ابنته الصغيرة أو أم لابنها, كانت هناك وقفة فقهية أيضا لمسألة مشروعية تقبيل الشباب لبعضهم البعض على الوجنتين عند الالتقاء، ومع الشيوخ وفي المسجد، فكانت الفتوى بمشروعية المصافحة بالأيدي وإلقاء السلام, وحتى إجازة المعانقة، إلا أن «قبلة» على الخدين بقيت أمرا غير مستحب, فكما ورد من قبل أحد العلماء «لا نعلم في السنة ما يدل عليها».