رئيس جامعة نايف للعلوم الأمنية لـ «الشرق الأوسط»: دخول المرأة إلى أقسام تتبع لكلية الأدلة الجنائية العام القادم

قال إن الجامعة ساهمت في التصدي للتنظيمات الإرهابية

TT

بدأت كفكرة لإيجاد منظومة علمية لبحوث ودراسات الشرطة، في أول مؤتمر لقادة الشرطة والأمن العرب في مدينة العين بدولة الإمارات العربية المتحدة عام 1972.

وما لبثت أن تطورت عبر مراحل مختلفة، لتكون أول جامعة متخصصة في العلوم الأمنية على مستوى الوطن العربي.

جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، تقف على مسافة واحدة في علاقتها مع الدول والمنظمات والهيئات العالمية والدولية في المجالات الأمنية، وفي مقدمتها، هيئة الأمم المتحدة وفروعها ذات الصلة.

وبلغت إصدارات الجامعة، أكثر من 500 إصدار علمي محكم في جميع مجالات الأمن باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية، بل أصبحت مراجع رئيسية للباحثين في مجال الأمن على مستوى العالم.

رئيس جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، كشف عن أن الجامعة لديها دراسات متخصصة، حول كيفية دخول المخدرات في تمويل الإرهاب، مفصحا عن قرابة 80 رسالة علمية قدمها طلاب الجامعة لتشخيص وتحليل استخدام المخدرات في دعم التطرف والإرهاب.

الجامعة التي تعد الأكاديمية الأولى التي تتبنى مفهوم الأمن من الناحية الفكرية، وأجرت في هذا الصدد عددا من الدراسات والأبحاث، باتت تقف على مقربة من افتتاح أقسام نسائية، إيمانا بدور المرأة في هذا الصدد.

مدير الجامعة الأمنية الأبرز على مستوى الوطن العربي، الدكتور عبد العزيز بن صقر الغامدي، يرى أن إشراك المرأة في الدراسات العليا بالجامعة، يندرج في إطار الضرورات والإلزام، كيف لا.. والمرأة باتت تشكل ثقلا في المجال الأمني الوظيفي. كل تلك التفاصيل وغيرها، كشف عنها الغامدي، في حوار مطول مع «الشرق الأوسط»، التي يجد أنها وسيلة إعلامية من الوسائل التي لها مساهمات في تسليط الضوء على مساهمات الجامعة أمنيا، وأكاديميا، وفكريا، فإلى نص الحوار:

* بداية، نريد الحديث عن الدور الذي تضطلع به الجامعة لتحقيق الأمن العربي من خلال برامجها الأكاديمية وندواتها ومؤتمراتها العلمية؟

- الجامعة تفتخر بشكل كبير، وتعتز بأنها المؤسسة العلمية الوحيدة التي عملت على تأصيل مفهوم العلوم الأمنية، ومنحت الدرجات العلمية فيها، وأخذت اعترافات أكاديمية ومهنية، من مختلف الاتحادات العلمية والمهنية في العالم، إضافة إلى أن الكثير من المؤسسات العالمية والدولية، كالاتحاد الأوروبي والإنتربول، ومختلف المؤسسات الأمنية تأتي لنا، وتقيم تعاونا مع الجامعة في الكثير من الأبحاث والدراسات والزيارات المتبادلة بين الجامعة وتلك الجهات، وهذا ما ميز الجامعة عن غيرها من مراكز البحث العلمي بالمنطقة، هنا الفضل يعود بعد الله عز وجل، للأمير نايف بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، فيما وصلت إليه الجامعة، من أكثر من ثلاثة عقود، وبالتأكيد وزراء الداخلية العرب كان لهم دور في دهم الجامعة.

وما يتم من اجتماعات ومحاضرات وندوات وملتقيات علمية لا تعقدها الجامعة في دولة المقر (السعودية) فقط، بل تقيمها في جميع عواصم ومدن الدول العربية، بل إن هناك 60 في المائة من عملنا يقام خارج دولة المقر، وعلى المنظور القريب، ليس هناك توجه لإقامة فروع للجامعة خارج دولة المقر لكون الجامعة تتبع لمجلس وزراء الداخلية العرب، ومقر الأمانة العامة لذلك المجلس بتونس، والجامعة مقرها في العاصمة السعودية الرياض التي احتضنتها قبل أكثر من 30 عاما خلال عهد الملك فيصل بن عبد العزيز رحمه الله، وكان الملك فهد بن عبد العزيز رحمه الله آنذاك وزيرا للداخلية، ومنذ ذلك الوقت ووزراء الداخلية العرب متفقون على استضافة السعودية للمقر الرئيسي للجامعة، وتأتي ترشيحات كل الدول العربية لمقر الجامعة، وأعتقد أن وسائل التقنية والثورة في مجال الاتصالات الحديثة، سهلت على الجامعة التواصل مع كافة الجهات التي هي بحاجة لخدماتها في الدول العربية، بالإضافة لكون الجامعة من خلال تشكيلها الإداري تحتوي على جنسيات مختلف الدول العربية، كما أن الجامعة تجد دعمها المالي وبشكل منقطع النظير من قبل حكومة خادم الحرمين الشريفين، وهناك تطلع لإنشاء مقر جديد للجامعة في السعودية، بعد تعدد الكليات وافتتاح أقسام جديدة بالجامعة واستقبالها لأعداد كبيرة من الدارسين والمتدربين بها.

* تبنت الجامعة مؤخرا مشاريع أكاديمية لقطاع السيدات في المجال الأمني. إلامَ تهدف الجامعة من هذه الخطوة؟

- بالنسبة لدراسة المرأة في الجامعة، وإدراكا من الجامعة لعظم الدور الذي تؤديه المرأة في المجتمع، اتجهنا لفتح المجال للمرأة للالتحاق ببرامج الجامعة العلمية في عدد من التخصصات المناسبة، سعيا نحو التوسع في ترسيخ مفهوم الأمن الشامل الذي نتبناه، وقد افتتح العام الجاري بالجامعة، قسم للعلوم الإدارية، وقسم للعلوم الاجتماعية، ويقدم القسمان شهادة الماجستير للخريجات، وفي العام المقبل، سيتم افتتاح أقسام أخرى أمام المرأة في الجامعة، كفتح قسم في كلية الأدلة الجنائية، والحقيقة أنها أصبحت ضرورة لازمة، لأن مشاركة المرأة في القضايا الأمنية، واستشراف مهددات الأمن أصحبت ضرورة قائمة، والمرأة أصبحت تعمل في مجال السجون وفي المطارات، والتفتيش ومجالات أخرى ذات طبيعة أمنية، ومن هنا تتضح أهمية إتاحة المجال للمرأة، لتلعب دورا مهما وحيويا في منظومة الأمن الاجتماعي للتخصص في الدراسات الأمنية والاجتماعية، خاصة أنها أصبحت تشكل جزءا رئيسيا في إحصائية القوى العاملة، إضافة إلى دورها التربوي الذي يشكل اللبنة الأولى في تقويم سلوك المجتمع، ولم تكن خطوة إشراك المرأة في الدراسات الأمنية خطوة متأخرة، لأننا نعمل على إعداد جيل من النساء حاصلات على درجات علمية عالية ومتخصصة في المجال الأمني، وبالأخص في مفهوم الأمن الشامل، كون بداية الجامعة في هذا المجال ستكون مواكبة للكثير من الأبحاث والدراسات العلمية، التي تدعو إلى إشراك المرأة في الدراسات الأمنية، بل وسنعقد دورات وندوات علمية حول مشاركة المرأة وتدريبها أمنيا، بالتعاون مع قطاعات أمنية ومع جهات حكومية ودولية في مختلف دول العالم العربي من فترة طويلة جدا، ولكن كافة تلك الدورات والندوات مقتصرة على جوانب مشاركة المرأة فيها، والأقسام الجديدة بالجامعة المفتوحة أمام المرأة، ستكون مشرعة الأبواب أمام جميع النساء دون استثناء، فهي لا تقتصر على الترشيحات لنساء يعملن في المجال الأمني فقط، بل يمكن لمن تنطبق عليها شروط القبول في الجامعة أن تكون إحدى الطالبات في تلك الأقسام النسائية لدينا، فالجامعة ليست حكرا على أحد باستثناء قسم العلوم الشرطية بالجامعة، حيث إنه لا يقبل الدارسين إلا ممن تخرجوا من الكليات الشرطية والأمنية في الوطن العربي ويحملون رتبة عسكرية، أما بقية الأقسام بالجامعة فهي مفتوحة للجميع. ولا أخفيك، وجدنا إقبالا كبيرا على هذه الأقسام النسائية بالجامعة، وهو ما دفع الجامعة لاختيار 30 طالبة في كل قسم، بل وعمدت الجامعة لتوفير دائرة تلفزيونية لنقل المحاضرات بين أقسام البنين والبنات بالجامعة، وتم الاستفادة من كافة التقنيات المتوفرة للجامعة، وسيتم إعداد زيارات ميدانية للطالبات للمعارض الأمنية والجهات الأمنية ذات العلاقة بدراستهن خلال فترة تحصيلهن العلمي بالجامعة، بحيث يكون هناك معلومات شاملة عن الأمن بمفهومه الشامل، وبعد ذلك يتم إدراجهن في التخصص، وهذه سياسة الجامعة في كافة أقسامها العلمية، فنحن نحرص بالدرجة الأولى على البحث العلمي، من خلال إعداد الطالب أو الطالبة وإكسابه مهارات في فن البحث العلمي.

* وهل لنا أن نعرف إسهامات الجامعة في التصدي لعدد من الظواهر الإجرامية المستحدثة، والتي تأتي في مقدمتها عمليات غسل الأموال والاتجار بالبشر، وتمويل الإرهاب عبر قنوات تهريب المخدرات؟

- الجامعة أولت الظواهر الإجرامية المستحدثة عناية خاصة، نظرا لخطورتها وانعكاساتها على الأمن، وانطلاقا من السعي الحثيث لمواكبة المستجدات في مجال تطور الجريمة، التي تستغل التطورات التقنية المتسارعة وثورة الاتصالات لتطوير أساليبها، حيث تعددت أشكال الجرائم لتشمل «الجرائم التي تمس اقتصاديات الدول، كجرائم غسل الأموال وتزوير البطاقات الائتمانية والجرائم الاحتيالية بواسطة شبكة الإنترنت وجرائم المعلوماتية والاتجار في البشر وجرائم تصنيع وتهريب المخدرات والتهديدات الإرهابية باستخدام أسلحة الدمار الشامل»، بل وتعد الجامعة رائدة في هذا المجال، وسباقة في التطرق لهذه النوعية من الجرائم، حيث نظمت الجامعة سلسلة متنوعة من المناشط العلمية والتدريبية، شملت الدورات والحلقات والندوات والمؤتمرات في مجالات مكافحة الجرائم الاقتصادية وجرائم الإرهاب وجرائم المعلوماتية، وأود الإشارة هنا لندوة علمية نفذتها الجامعة خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي في القاهرة، واندرجت تحت عنوان «استعمال الإنترنت في تمويل الإرهاب وتجنيد الإرهابيين»، وكذلك ملتقى علمي خلال الربع الأول من العام المقبل 2011، حول دور الإنترنت في محاربة الإرهاب والتطرف وذلك بالتعاون مع الأمم المتحدة والمركز العالمي لمكافحة الإرهاب.

والجامعة تقوم بدور في دراسة النواحي الأمنية، للأمن بمفهومة الشامل، وهناك عدد كبير جدا تتفرد به الجامعة على مستوى الوطن العربي، بل وعلى المستوى العالمي في الكثير من الدراسات المختلفة، فالجامعة درست ظاهرة الإرهاب دراسة علمية معمقة، من خلال أبحاث وندوات ورسائل الدكتوراه والماجستير والدورات التدريبية المتخصصة، بالإضافة لمشاركة الجامعة في المؤتمرات والاجتماعات الدولية حول قضية الإرهاب، وعمدت الجامعة إلى تبيان موقف الإسلام من الإرهاب، وكيف أن الإرهاب قضية تختلف عن العروبة وعن الإسلام، ولنا عدد من المحاضرات عنها في جامعات عدد من الدول، كألمانيا وبريطانيا وفرنسا والتشيك، إضافة لقيام الجامعة بإعداد إحصاءات كبيرة جدا عن موضوع الإرهاب.

وبالنسبة للمستجدات على مستوى الجريمة، كغسل الأموال أو الاتجار بالبشر، أو استخدام المخدرات لتمويل الإرهاب، وغيرها من المستجدات، فعند استعراض إصداراتنا العلمية، التي تزيد على 500 إصدار علمي، تجد أن كافة المواضيع الأمنية تم التطرق لها، من خلال تلك الإصدارات، بل نستطيع القول إن الجامعة غطت كل المجالات الأمنية، بل كما قال عنها وزير الداخلية السعودي الأمير نايف بن عبد العزيز: «يكفي الجامعة فخرا، أنها أثرت المكتبة العربية بالدراسات الأمنية، ويجب أن لا يغيب عنا أن الجرائم المستحدثة، بل وعالم الجريمة بشكل عام، هو مجال واسع لا تستطيع أي جهة علمية متخصصة احتواء كافة مفرداته».

ومن هذا المنطلق، لدينا دراسات واسعة وكبيرة جدا في مجال المخدرات ومكافحتها من خلال حلقات علمية وبحوث متخصصة، بل هناك دراسات جديدة بالجامعة حول كيفية تمويل المخدرات للإرهاب، بل لدينا ما يزيد على 80 رسالة علمية قام بها طلاب كلية الدراسات العليا بالجامعة حول هذه القضية بالتحديد.

وهنا لا بد من التذكير بأن الجامعة أول من تبنى الأمن الفكري، أمام قادة الشرطة العرب قبل أكثر من 12 عاما، وأجريت عليها دراسات وأبحاث واستشراف، وقامت الكثير من الدراسات حول الإرهاب، سواء على مستوى الداخل أو الخارج، بل إن هناك كثيرا من الدراسات الأمنية المعنية بأمن المعلومات، وآخر ندوة علمية عقدتها الجامعة كانت بالقاهرة خلال شهر أكتوبر الماضي 2010، حول استخدام الإنترنت في تمويل الإرهاب وتجنيد الإرهابيين، وكان لدينا ملتقى علمي عن الأمن النووي، عقد خلال شهر أكتوبر الماضي في تونس، وكان للجامعة أواخر الشهر ذاته، تعاون مع مؤسسة قطر لمكافحة الاتجار بالبشر، افتتحه وزير الثقافة القطري في قطر، ولنا دراسات كثيرة حول الاتجار بالبشر وحقوق الإنسان والفساد، ولنا تعاون مع منظمات الأمم المتحدة المختلفة في هذا المجال، وأشادت منظمات الأمم المتحدة بدور الجامعة في هذا المجال.

* وما الدور التدريبي الذي تقدمه الجامعة لمختلف القطاعات ذات العلاقة على مستوى الوطن العربي، وأثره في مواجهة تحديات الواقع المعاش عربيا؟

- الجامعة تتلمس الاحتياجات الأمنية العربية الآنية والمستقبلية، وفق خطط واستراتيجيات تهدف لمواجهة التحديات التي تواجه المجتمع العربي، وهي في جميع ما تنفذه من مناشط، تضع هذا الهدف غاية تسعى لتحقيقها، وقد أثمرت جهود الجامعة في تحقيق كم مقدر من النجاحات في مجالات تخصصها، حيث دربت الجامعة عشرات الآلاف من الكوادر الأمنية العربية، على اختلاف تخصصاتهم، وأسهمت بفاعلية في تطوير الأجهزة الأمنية العربية منذ إنشائها، وقد عبر مجلس وزراء الداخلية العرب مرارا عن رضاه التام فيما يتعلق بجهود الجامعة وإنجازاتها المتلاحقة عربيا ودوليا.

* يعتبر البعض أن فتح الجامعة المجال أمام غير المتخصصين مهنيا في المجالات الأمنية والقانونية للانضمام للدراسات العليا بالجامعة يأتي من باب تنويع مصادر التمويل للجامعة، ما رأيكم في هذه المقولة؟

- توسع الجامعة في القبول في أقسامها وكلياتها العلمية ليس من باب زيادة الموارد المالية، بل يأتي في إطار إيمان الجامعة بكون الأمن له مفهوم شامل، يختلف عن التصور النمطي عن الأمن بكونه محصورا في المجال الشرطي، والجامعة تبنت منذ البدء فكرة تأصيل العلوم الأمنية، وهو ما يحمله اسمها، فهي «جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية»، والعلوم الأمنية علم واسع جدا، بل إن هناك تفرعات عدة له، منها على سبيل المثال، الأمن المائي، والأمن الفكري، والأمن البيئي، وقد حرصت الجامعة على إعداد جيل يستشرف قضايا الأمن ومهدداته في مختلف المجالات، وأعتقد أن الأمن الشرطي يقوم به رجال الأمن من منطلق مسؤولياتهم، أما إعداد رجال لديهم اطلاع ودراية كافية بمهددات الأمن، يستطيعون دراسته ومعالجته، فهذا ما تسعى له الجامعة، بالإضافة إلى ما يشهده العصر الحاضر من تطور في مختلف الوسائل والمجالات في شتى العلوم بما يخلق عدم اختصاص جهة بذاتها بمسألة معينة، بمعنى أن الأمن مثلا لا يمكن تركه فقط لرجال الأمن، بل يجب أن يكون هناك من يساندهم في كافة المجالات التي يضطلعون بمهامها والإشراف عليها ومعالجتها أمنيا. وهنا لا بد من القول إن الكثير من النجاحات الأمنية التي تحققها الدول في مكافحة ظاهرة الإرهاب ومكافحة الجريمة المنظمة، يعود لإعداد الأكاديمي والعلمي المتميز، والجامعة لها إسهامات عديدة، في هذا المجال من خلال عقدها لمئات الدورات والندوات والملتقيات العلمية، التي أسهمت بشكل غير مباشر في تحقيق العديد من الاختراقات الأمنية لتنظيمات إرهابية دولية.

* يشكو البعض من خريجي الجامعة لديكم من صعوبة وجدان جامعات تعترف بشهاداتهم العلمية الصادرة من قبلكم، ما تعليقكم على ذلك؟

- الشهادات العلمية والدرجات العليا بالجامعة معترف بها من قبل وزارة التعليم العالي ووزارة الخدمة المدنية بالسعودية، والجامعة عضو في اتحاد الجامعات العربية، بل ورئاسة دورة اتحاد الجامعات العربية التي عقدت في رحاب الجامعة هنا قبل أكثر من سنة، بالإضافة لكون الجامعة عضوا في رابطة الجامعات الإسلامية واتحاد الجامعات الإسلامية وفي اتحاد الجامعات الأوروبية واتحاد الجامعات الدولية، وتشرفت جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية بمنح خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز درجة الدكتوراه الفخرية، لتكون أول شهادة دكتوراه فخرية في مجال الأمن لخادم الحرمين الشريفين يحصل عليها من جامعة من داخل السعودية، ورفض أي جامعة أو جهة أكاديمية لشهادة جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، ليس إنكارا لمكانة الجامعة الأكاديمية، بل هو أمر متعارف عليه دوليا في المجال الأكاديمي، فلكل جامعة أو مؤسسة علمية الحق في تحديد الجهات العلمية التي تعترف بشهاداتها العلمية، وهناك أمر هام، وهو أن العديد من خريجي الجامعة لدينا يعملون الآن في مراتب عليا في دولهم، ومنهم من يشغل منصب الوزير ووكيل الوزارة، وفي مختلف المراتب والمناصب القيادية والأمنية، تجد من دارسي الجامعة وممن يحملون شهاداتها العلمية. وأعتقد أننا بحاجة لمزيد من الوقت ليتم استيعاب الدور الذي تقوم به الجامعة، في مجال الدراسات الأمنية وما تمنحه من درجات علمية في تلك التخصصات القيادية، ولا يمكن مقارنة الجامعة بجامعات وهيئات علمية لها ما يزيد على عشرات إن لم يكن مئات السنوات في المجال الأكاديمي.

* كيف ترون علاقات الجامعة لديكم بوسائل الإعلام المختلفة، وهل تعانون من قلة تسليط الضوء إعلاميا على دور الجامعة أكاديميا ومهنيا؟

- بكل أسف الجامعة تعاني من قلة تسليط الضوء على جهودها العلمية في المجال الأمني والعدلي، ونحن هنا نقدر لصحيفة «الشرق الأوسط» زيارتها لنا، ومحاولتها تسليط ضوئها الإعلامي على الجامعة، وأعتقد أن أهم عمل يمكن لوسائل الإعلام المقروءة منها والمرئية، أن تسهم فيه هو خدمة الأمن، لأنه في حالة انعدام الأمن، لن يكون هناك وسائل إعلام، والجامعة أول من تبنى مفهوم الإعلام الأمني وقدمت الجامعة درجة الدبلوم في هذا التخصص، بل والجامعة أول من عمل دراسات علمية موثقة في مجال الإعلام الأمني، وفي اجتماع وزراء الداخلية والإعلام العرب في تونس، قامت الجامعة بتقديم كافة دراساتها في هذا المجال، ونحن نعتقد أن الأمن ليس مسؤولية القطاع الأمني، بل كافة الجهات تشاركها تلك المسؤولية وفي مقدمتها وسائل الإعلام. والجامعة أقامت دورات متخصصة للناطقين الإعلاميين بالجهات الأمنية بالسعودية بالتعاون مع وزارة الداخلية السعودية، من خلال تزويدهم بالمعارف والمهارات اللازمة في نقل الخبر الأمني وتحليله وصياغته إعلاميا.

* كيف تنظرون لعلاقة الجامعة بمراكز البحث العلمي والجامعات خارج نطاق الوطن العربي، وما إسهاماتكم في هذا المجال؟

- نحن في جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية نحضر اجتماعات منظمات الأمم المتحدة من خلال دعوات رسمية توجه للجامعة، بالإضافة لحضور ممثلين عن تلك المنظمات الدولية إلى الجامعة للمشاركة مع الجامعة في دوراتها المختلفة، وهناك تنسيق كبير بين الجامعة ومنظمات الأمم المتحدة، ومجال التعاون الدولي بالجامعة مجال كبير، حيث شاركنا في ما يزيد على 700 لقاء دولي بمختلف دول العالم، والتي تدور حول الأمن والنظام العدلي، فالجامعة عضو وتحضر اجتماعات وزراء العدل العرب، وتحضر اجتماعات وزراء الإعلام العرب، وهناك دعوة للجامعة للمشاركة في اجتماعات وزراء الشؤون الاجتماعية.

وقد أشادت الأمم المتحدة ومنظماتها الإقليمية بدور الجامعة وإنجازاتها في مكافحة هذه النوعية من الجرائم، ولعل من أبرز إنجازات الجامعة في هذا المجال، جهودها في مكافحة الجرائم الإرهابية حيث نفذت الجامعة (270) دورة تدريبية وحلقة علمية و(23) ندوة علمية وأجرت (22) دراسة علمية و(47) إصدارا علميا محكما وناقشت (70) رسالة ماجستير ودكتوراه ونظمت (90) محاضرة ثقافية شملت مختلف الدول العربية وأميركا وبريطانيا وفرنسا والنمسا وألمانيا والتشيك وشاركت في (70) منشطا علميا في مؤتمرات وندوات علمية عربيا ودوليا.

كما أن الجامعة عضو في فريق الإنتربول الاستشاري وتعتبر مرجعية دولية في إطار التدريب خاصة في مجال إدارة الأزمات، وذلك وفق المعايير الدولية التي تقرها الأمم المتحدة إضافة إلى توقيع العديد من الاتفاقيات العلمية ومذكرات التفاهم مع المؤسسات الأمنية والجامعات العالمية والمنظمات الدولية بلغت 129 مؤسسة أكاديمية وأمنية حول العالم تسهم في تعزيز استفادة الجامعة من الخبرات العالمية لتنفيذ برامجها وأهدافها.

وتسعى الجامعة باستمرار لتطوير مناهجها بما يتناسب والتطور العلمي المتسارع في مجال العلوم المختلفة التي تعنى بها، وذلك باستحداث أقسام وتخصصات جديدة تمنح الدرجات العلمية كالدبلوم والماجستير والدكتوراه من خلال كلياتها المختلفة، وأشير هنا إلى دبلوم الإعلام الأمني وهو تخصص تنفرد به الجامعة، ودبلوم الجرائم الإلكترونية والأدلة الرقمية الذي يشتمل على جملة من المقررات من أهمها المدخل إلى الحاسب الآلي وأمن المعلومات، وأساليب الجريمة الإلكترونية، وإجراءات مواجهتها، والجرائم الإلكترونية والتحقيق في الجرائم الإلكترونية، والدليل الجنائي الرقمي. كما أنشأت الجامعة في ذات الإطار مركزا للمعلومات يرتبط بشبكات المعلومات حول العالم، بعد أن كان هذا المجال جزءا من نشاط مركز الدراسات والبحوث، وتم تزويده بالكوادر المؤهلة وأحدث ما وصلت إليه التقنية الحديثة في مجال الحاسبات الآلية، وأنشأت كلية للغات تضم مجموعة من الأقسام تدرس فيها اللغات المختلفة، وهناك دراسة لإنشاء عدد من الكليات الأخرى ولعلها ستتحدث عن نفسها عندما تصبح واقعا معاشا.

في نهاية المطاف، أعتقد أن الأمن أكبر نعمة يجب أن تنعم بها مجتمعاتنا، وحتى نحافظ على الأمن يجب أن نستشعر أهمية الأمن، وعندما نستشعر الأمن أردد مقولة الأمير نايف وزير الداخلية، بأن «المواطن هو رجل الأمن الأول»، ومتى ما استشعرنا هذه المقولة من كافة شرائح المجتمع، فسيكون كل فرد من أفراد المجتمع جنديا من جنود الأمن.