الفنان ستيفن سيلبرغ يفوز بمسابقة «واشنطن بوست» للفن الواقعي

أعماله تدور حول الحياة اليوم ويستخدم فيها التكنولوجيا التي نحملها في جيوبنا

العملية التي يطلق عليها «فيديو التقليص» تحلل ملفات الفيديو الرقمية إلى وحدات البكسل الأساسية الخاصة بها
TT

ما الذي يحدث بالضبط داخل جهاز «آي فون» الخاص بك والذي يحول البكسلات إلى الصور؟ إذا كنت مثل معظمنا، وتسلم بتكنولوجيا التصوير الفوتوغرافي التي تملكها في جيبك أو حافظتك، فهذا هو نوع من الفتور الذي يسعى ستيفن سيلبرغ إلى إنهائه.

وقد فاز سيلبرغ بجائزة «واشنطن بوست» لمسابقة الفن الواقعي التي استمرت لمدة 6 أشهر، والتي شارك فيها الفنانون المقيمون في المنطقة بما يزيد على 4000 صورة تم تحميلها على موقع صحيفة «واشنطن بوست». واستطاع سيلبرغ التغلب على 9 منافسين آخرين كانوا ينافسونه على اللقب خلال المرحلة الأخيرة من السباق.

وبرز سيلبرغ، 35 عاما، بعد سباق محتدم. وقد حصل على 38% من الأصوات التي زادت على 17000 متقدم على من أتى بعده في الترتيب بأقل من 200 صوت. وجاءت في المركز الثاني الفنانة ستيفاني بوث، التي حولت أعمالها، التي استخدمت فيها الإبرة، من تجارب سيئة إلى قطع فنية، وفي مقدمة هذه الأعمال لوحة وصيفه العروسة.

أما أعمال سيلبرغ الفنية التفاعلية فكانت تدور حول الحياة اليوم. ويستخدم سيلبرغ في أعماله التكنولوجيا التي أصبحت في كل مكان في حياتنا، والتي نتهرب منها بينما ينبغي علينا حقا أن نحول فهمها.

ويقول سيلبرغ: «أعتقد أن أعمالي تلائم هذا القسم الفرعي الغريب في عالم الفن، وهذا إلى حد ما رد فعل على العمل الرقمي. إنها مرحلة ما بعد التكنولوجيا الرقمية ويبدو أن الناس يعودون من جديد إلى اللمسة الإنسانية؛ حيث يوجد اختلاف كبير عن النقاء التام للصورة الرقمية. ويرفض الكثيرون فصلها».

وباستخدام أسلوب يسميه «إعادة تركيب عناصر الصورة» يدعونا سيلبرغ لتجربة ضعف التكوين الرقمي المتداول على الإنترنت والموجود في الأقراص الصلبة لدينا. ويقوم الفنان بتفكيك عملة القرن الـ21 البصرية الأكثر شيوعا، وهي الصور الرقمية، عن طريق تقسيم الصور إلى أصغر عناصرها.

والنظر إلى فن سيلبرغ يعني التفاعل معه؛ حيث يقوم شخص بالجلوس على مقعد في وحدة التحكم ويضغط على زر البدء، وتبدأ كاميرا سيلبرغ بتجميع صورة غريبة ليست صورة حقا على الإطلاق.

وفي الدقائق القليلة التالية، تقوم كاميرا الويب الموجودة في جهاز الكومبيوتر الخاص ببناء صورة أخرى، جزء بجزء. وتتشكل الصورة من اليسار الأعلى وتتحرك أفقيا حتى تصل إلى أقصى يمين الشاشة، ومن هناك، تبدأ مرة أخرى إلى أسفل، وتنمو الصورة باطراد من أعلى إلى أسفل، ومن اليسار إلى اليمين. وتقوم الصورة بتكوين نفسها أمام أعيننا.

وهنا تكمن الصعوبة؛ حيث يقوم كل بكسل بالتسجيل على الشاشة، يسجل فقط الجزء أو البكسل الذي أمام الكاميرا في تلك اللحظة بالضبط. وإذا تحركت، حتى لو قليلا (من الذي لا يفعل ذلك؟) فسوف يؤدي ذلك إلى طمس الصورة. وإذا قمت بالتحرك عمدا، مثلما يفعل الكثيرون، فإن المنتج النهائي سيكون مهتزا ومتداخل الألوان. (تحميل البرنامج «إعادة تركيب عناصر الصورة» للاستخدام المنزلي وشاهد جميع صور سيلبرغ على موقع http://www.pixel-lapse.com).

ويقول سيلبرغ: «عملي به هذه الدرجة من التفاعلية، القليل من اللعب والقليل من الاستكشاف».

إن غير الواقعية، والاختلاف التام عن الصور التقليدية، هما اللذان جعلا صور سيلبرغ مهمة الآن. إنه يمثل جزءا من حركة داخل عالم الفن تهدف إلى تقويض الآنية في التصوير الرقمي. ويعقد سيلبرغ الأمور عن طريق إضافة عنصر الوقت إلى وسيلة معروف عنها أنها تلتقط صورة واحدة وثابتة. إن تجارب سيلبرغ الطويلة تذكرنا بالانتظار الذي لم يكن له نهاية في القرن الـ19 من أجل اكتشاف التصوير.

ومشروع سيلبرغ الحديث يعد بأن يكون مثيرا مثل تشكيل الصورة عن طريق البكسل (أو أصغر واحدة للصورة). والعملية التي يطلق عليها «فيديو التقليص» تحلل ملفات الفيديو الرقمية إلى وحدات البكسل الأساسية الخاصة بها. وعند تشغيل ملف الفيديو الرقمي، فإن مساحات كل إطار تظل ثابتة والحركة فقط هي التي تسجل تغيرا في البكسل. ومن خلال العمل على ملفات فيديو معدة بصورة مسبقة، يستغل سيلبرغ الحقيقة من خلال خفض الحركة إلى بكسلات بيضاء دقيقة ترقص على خلفية سوداء. وتنتج العملية صورة أشباح تشبه الصور التي صورها رائد دراسات الحركة إيادويرد ميوبرديج في القرن الـ21. وبالنسبة لسيلبرغ، فإن الفوز بمسابقة الفن الواقعي في العاصمة واشنطن ما هو إلا بداية لأسبوع سعيد؛ فسوف يتزوج قريبا من خطيبته جيسيكا جونسون.

* خدمة واشنطن بوست - خاص بـ«الشرق الأوسط»